شباب مثل الزهور، لم يرتكب أي جرم في حياته سوى أنه يحمل الجنسية المصرية، خرج من بيته محبًا للمغامرة ومشاهدة الحياة من أعلى القمم ويتنفس هواء نظيفًا، بعيدًا عن زخم الحياة والخلافات السياسية، ليواجه المجهول ويخرج من الحياة من جبل "باب الدنيا". في "سانت كاترين" تبدأ قصة الشباب الذين ضلوا في الجبال ولقوا حتفهم، كما يرويها لل"البديل" أحمد حمام، أحد أصدقائهم، قائلًا.. "تبدأ القصة عندما نظم مجموعة من الشباب بواسطة "جروب" أماكن عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، والمسئولة عنه أو المنسقة له "يسرا منير" وهي أحد الناجين، رحلة سفاري إلى سانت كاترين انضم إليها 10 من أصدقائها ليكون عدد المجموعة بالرحلة 11، وكان للرحلة أن تبدأ من يوم الجمعة 14 فبراير إلى الأحد 16 فبراير" . اتفق الأصدقاء التجمع في ميدان التحرير بالقاهرة يوم الجمعة، واستقلوا حافلة سياحية، وانطلقوا إلى جنوبسيناء تحديدًا مدينة "سانت كانت"، والتي تزامن مع أقدارهم انقطاع الاتصالات بها قبل مجيئهم بثلاثة أيام، والتي تبين أنها تنقطع كثيرًا عن المدينة وخاصة المحمول، وفي بعض الأحيان التليفون الأرضي، وبالتالي لا يوجد وسيلة اتصال بالتليفون أو الإنترنت، وهذا غير مرتبط بالحالة الجوية، وهو من الممكن أن يحدث في الصيف، والمكان الوحيد الذي يكون فيه تغطية محمول في هذه الحالة هو قرب مطار سانت كاترين، وهو ما يحتاج سيارة للذهاب إليه حيث أنه يبعد عن المدينة نفسها. وصلت المجموعة إلى سانت كاترين يوم الجمعة صباحًا، تحركوا 11 شخصًا، ومعهم دليل بدوي يدعى "سليم محمد سليم" إلى جبل "باب الدنيا"، والذي يرتفع "2000 متر تقريبًا عن سطح البحر، ويبعد عن مدينة سانت كاترين ب6 ساعات سيرًا تقريبًا"، وخلال الرحلة شعر ثلاثة منهم بالتعب فاضطروا إلى العودة إلى الاستراحة، والتي تبعد عن مدينة سانت كاترين، وكان من المفترض أن يعود الثمانية الباقين والدليل البدوي بعدهم في حوالي السابعة مساءً يوم السبت. فجأة وبدون أي مقدمات أو سابق إنذار حدث تغير في المناخ غير متوقع؛ تقريبًا في الظهر، حيث هبت رياح بسرعة "50 كم/ الساعة" مصحوبة بجليد، أي كانت درجة الحرارة تتراوح بين 10 إلى 30 درجة تحت الصفر، وهي درجة حرارة لابد لها من استعدادات خاصة من ملابس خاصة "ثيرمال أو منامات أو بطاطين أو جواكت أو بوتاجازات صغيرة"، ونتيجة للتغير المناخي غير المتوقع، علقوا ولم يستطعوا العودة، والدليل البدوي لم يستطع أن يعود إليهم، لانعدام الرؤية وأيضًا لم يكن ذو خبرة كافية بهذه المواقف. ويُقال إن تلك المنطقة التي ضلوا بها كانت تحتوي على كهوف كان من الممكن أن تنقذ المجموعة، ولكن الدليل لم يكن يعرفها، كما أن المرشدين البدو الآخرين لم يعلموا بهذه الحادثة. دخل فجر يوم الأحد ولم يعد الثمانية والمرشد إلى الثلاثة الباقين في موعدهم، وعندما تأخروا إلى ثان يوم تحركوا الثلاثة للإبلاغ عن تأخر زملائهم، صباح يوم الأحد، وذلك استغرق بعض الوقت للوصول إلى المدينة، كما أبلغوا أهالي مدينة "كاترين" من البدو بتأخر أصدقائهم، فتحرك سبعة من البدو للبحث عنهم، وتلقوا معلومات أن زملائهم بخير، وذلك كان في منتصف ليل الأحد. واستطرد صديق الضحايا الحديث قائلًا "قام أصدقاؤنا الثلاثة الذين عادوا إلى الاستراحة عندما شعروا بالتعب، بإبلاغ الجهات المسئولة يوم الأحد، و لم يكونوا متعاونين، وقالوا إن التصريح يستغرق عشرة أيام، وآخرين قالوا إن المفقودين جنسيتهم مصرية وفي هذه الحالة لن يستطيعوا مساعدتهم". صباح الاثنين، وعقب اختفاء الشباب لمدة أكثر من 12 ساعة، تم إبلاغنا عن توفي أحد أصدقائنا العالقين، وتم إعلامهم بتوفي ثلاثة من زملائهم وفقدان الرابع، وأن الأربعة الباقين أحياء، وتم نقل الأربعة الأحياء إلى منطقة تسمى "فرش الرمان"، حيث كان من المفترض أن تنقلهم طائرة إلى مطار سانت كاترين، ومن هناك إلى المستشفى، ولكن الطيارة أقلعت ولم تعد بأي منهم، وذلك نتيجة سوء الأحوال الجوية، يوم الأربعاء الساعة ال5 فجرًا، كنت أنا وأصدقائي أمام مطار سانت كاترين، الطيار بدأ بتجهيز طيارته من أجل التحرك حوالي الساعة 7 صباحًا، عقب إقلاع الطيارة، وصلتنا معلومات أنهم سيصلوا مدينة "أبو رديس" ليتم تزويد الطائرة بالنزين، ويتحرك لانتشال أصدقائنا، للعودة إلى مطار سانت كاترين، وبعد ما يقارب حوالي من 45 إلى 60 دقيقة، وجدنا الطيارة نزلت إلى مطار سانت كاترين، وقامت بإحضار أربعة من أصدقائنا، وهم "يسرا منير" 28 عامًا، و"مها شوقي" 31 عامًا، و"إيهاب محمد قطب" 25 عامًا، و"محمد فاروق" 28 عامًا، وكاوا في حالة إعياء شديدة وصدمة نفسية رهيبة، وعلمنا وقتها أن هناك أربعة من أصدقائنا قد توفوا وهم "أحمد عبد العظيم وخالد احمد السباعي وهاجر أحمد ومحمد رمضان". هذا، وقد التقطت الطائرة كما ذكرنا الناجين من منطقة "فرش الرمان" ونقلتهم إلى مطار سانت كاترين، وتم نقلهم إلى مستشفى سانت كاترين، وهي غير مجهزة ولا يوجد بها أطباء نفسيين، حيث كانت حالتهم النفسية سيئة للغاية، بسبب البرد وما تعرضوا له من ضياع في الجبال لمدة ثلاثة أيام، ولأنهم شهدوا وفاة بعض أصدقائهم، حيث توفت «هاجر» يوم السبت بعد هبوب العاصفة بفترة قصيرة حيث إنها لم تحتمل البرودة. وفي النهاية يفجر أحمد حمام صديق الضحايا لل"البديل" مفاجأة وهي، أنه لم يتم نقل الناجين إلى مستشفى شرم الشيخ بواسطة أي جهة مسئولة، ولكن قام الناجون بتأجير حافلة للذهاب بهم إلى شرم الشيخ، ليتم عرضهم على الأخصائيين النفسيين. ناهيًا حديثه مع "البديل" قائلًا إن أصدقائنا كان من الممكن إنقاذهم، ولكنهم راحوا ضحية إهمال الدولة والمسئولين، موجهًا سؤال لا يستطيع أحد الإجابة عنه سوى المسئولين أيضًا.. لماذا لا نملك الاستعدادات المناسبة لهذا النوع من الأزمات أو المواقف؟