حقق الاستزراع السمكي في مصر نجاحًا باهرًا باحتلالها المركز الثامن في الاستزراع عالميًّا والثاني في إنتاج البلطي بعد الصين والأولى إفريقيا، إلَّا أنها تواجه العديد من المعوقات التي تقف حائلًا دون تطور تلك الصناعة وتراجع ربحيتها، دون اي تحرك من قِبَل الدولة لمساندة تلك الصناعة الناجحة، ومحاولة توفير العون اللازم للاستمرار في تنمية القطاع. حيث أكد الدكتور إسماعيل رضوان أحد خبراء الاستزراع السمكي ل"البديل" أنه يجب على الدولة النظر في إعادة التشريعات المنظمة لهذا القطاع وخاصة أنها لا تواكب التطور الذي حدث بجهود القطاع الخاص، طبقًا لآليات السوق وسط تجاهل تام من الحكومة لعدم درايتها باقتصاديات الصناعة، لافتًا إلى أن الجهة الحكومية المنوطة بالاهتمام بتلك الصناعة والمتمثلة في الهيئة العامة للثروة السمكية تعمل كالشرطي وتكتفي بدورها الإداري دون مساهمة فعلية في تنمية وتنظيم تلك الصناعة، ولذلك يجب على الدولة تدارك القصور الشديد في التشريعات وتغيير الفكرة السيئة لدى المسئولين والمجتمع عم مهنة الاستزراع السمكي. وأكد رضوان على تمسكة بهذه الصناعة على الرغم من أنها لا توفر إلَّا هامش ربح بسيط لا يتعدى ال25% بعد أن كان في يتراوح بين 300 – 400% منذ 15 عامًا للمحترف وخسائر للمزارع العادي، أملًا في فتح أسواق جديدة وخاصة في الخارج حيث إن مصر تتمتع بميزة نسبية في إنتاج البلطي والمتمثلة في في تراكم خبرات الممارسين. وقال المهندس عمرو علي دعبيس أحد ملاك المزارع السمكية: إن الاقتصاد الحر التي تنتهجه الدولة في بيع أملاك الدولة لم يتم تطبيقه على المزارع السمكية، ولم يطرأ على تلك الصناعة أي تغيير يتوافق مع العدالة الاجتماعية التي طبقت على جميع الهيئات، فما زلنا نعامل على أننا مستأجرين الأراضي القائم عليها المزراع السمكية على الرغم من أننا واضعي يد منذ عشرات السنين وترفض الدولة تقنين أوضاعنا. وأضاف أن القيمة الإيجارية التي ندفعها تزايدت خلال السنوات الأخيرة من 35 جنيهًا للفدان إلى 800 جنيه، ولا نشعر كمستثمرين في تلك الصناعة بالأمان لقصر مدة العقود الإيجارية والتي تجدد كل خمس سنوات، وتشترط هيئة الثروة السمكية أن يتم تسلين الأرض وإجراء ممارسة جديدة "مزاد" لكسر فترة وضع اليد، مشيرًا إلى أنه خلال 19 عامًا الأحيرة ارتفعت مدخلات الصناعة مع انخفاض سعر بيع المنتج حيث إنه كان يباع كيلو البلطي للمستهلك منذ عشر سنوات ب12 جنيهًا وكان كم العلف ب500 في حين أن سعر الدولار كان لا يتعدى ال300 جنيه، وفي عام 2014 يتم بيع البلطي ب10 جنيهات أي انخفض سعرة وارتفع سعر العلف ليصل إلى 5500 جنيه للطن، مع وصول الدولار لسبعة جنيهات وأربعين قرشًا، مما يسبب خسائر لا يستطيع المبتدأ تحملها. في حين قال المهندس أيمن رستم، أحد مديري شركات الأعلاف الدولية المتواجدة بمصر: إن الخامات الأولية لأعلاف الأسماك معظمها يتم استيراده من الخارج لقصورالسياسة الزراعية المصرية عن توفير مدخلات الصناعة محليًّا فكسب فول الصويا يمثل 35% من العليقة والتي تحتكر استيرادها شركات بعينها بينما تمثل الذرة الصفراء 25% من العليقة وتتحكم في اسعار تلك الخامات البورصات العالمية ، هذا بجانب ارتفاع سعر الدولار والذي لا يتوفر في البنوك، بالضافة الى زيادة تكلفة العمالة والنقل واتفريغ والكهرباء والسولار بنسبة 25%. وأضاف رستم أنه على الرغم من توافر مقومات الصناعة في مصر "مزارع سمكية – مصانع أعلاف" إلَّا أنها تلاقي معوقات من الدولة فجميع القوانين وزارة الزراعة الخاصة بتسجيل الأعلاف لم تتغير منذ عام 1812، هذا بجانب ضرورة إعادة تسجيل الأعلاف إذا تم استبدال أحد المدخلات بأخرى تؤدي نفس النتيجة، بالإضافة إلى أن الوضع غير القانوني لمعظم المزارع وعدم وجود كيان مؤسسي ينظم اللعلاقة بين قطاع إنتاج الأعلاف والمنتجين، يعوق تنمية الصناعة، هذا بجانب عدم تمثيل قطاع الاستزراع السمكي بأي كيان يمكن أن يمثل أداة ضغط على الدولة لإزالة المعوقات، كاشفًا أن هناك توجهًا لإقامة مركز بحثي في مصر لوضع حلول لارتفاع أسعار العلف، عن طريق استبدال بعض المدخلات المستورة بأخرى محلية.