مسجد عمرو بن العاص من أشهر مساجد مصر القديمة. يعد أول مسجد بني في مصر وأفريقيا كلها، بني في مدينة الفسطاط التي أسسها المسلمون عقب فتح مصر على يد من أطلق اسمه على المسجد، القائد المسلم عمرو بن العاص. تاريخه: يعد مسجد عمرو بن العاص اللبنة الإسلامية الأولى في القاهرة العاصمة. بسبب دوره التاريخي وقيمته الأثرية العظيمة، ودوره الحضاري في مناحي الحياة بمصر، أطلقت عليه العديد من الأسماء والألقاب، منها «الجامع العتيق»، «تاج الجوامع»، «مسجد الفتح»، «مسجد النصر»، «جامع مصر»، و«قطب سماء الجوامع». تقول الدكتورة مني الشاعر – أستاذ ورئيس قسم التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، إن جامع عمرو بن العاص أول جامعة إسلامية عرفت قبل الأزهر والزيتونة والقيروان. لذلك اعتبره الكثيرون «أزهر ما قبل الأزهر». وأضافت أن طلاب العلم كانوا يتلقون فيه علوم اللغة العربية والدين الإسلامي الحنيف، وهو الأثر الإسلامي الوحيد الباقي منذ الفتح الإسلامي لمصر، ومن أشهر تلاميذه الإمام الليث بن سعد ،والإمام الشافعي والسيدة نفيسة، وابن حجر العسقلاني، وسلطان العلماء العز بن عبد السلام. توسعات الجامع كانت مساحة الجامع وقت إنشائه 50 ذراعاً في 30 ذراعاً وله ستة أبواب، وظل كذلك حتى عام 53ه / 672م حيث توالت التوسعات فزاد من مساحته مسلمة بعد ذلك علي يد من حكموا مصر حتى وصلت مساحته بعد عمليات التوسيع المستمرة نحو أربعة وعشرين ألف ذراع معماري،. وهو الآن 120 في 110أمتار. حريق الجامع: إبان الحملات الصليبية على بلاد المسلمين، وتحديدا عام 564 ه، خاف الوزير «شاور» من احتلال الصليبيين لمدينة الفسطاط، فعمد إلى إشعال النيران فيها، إذ كان عاجزا عن الدفاع عنها، فاحترقت الفسطاط، وكان جامع عمرو بن العاص ضمن ما أتى عليه هذا الحريق. وعندما ضم صلاح الدين الأيوبي مصر إلى دولته، أمر بإعادة إعمار المسجد عام 568 ه، فأعيد بناء صدر الجامع والمحراب الكبير الذي تمت كسوته بالرخام ونقشت عليها نقوشا من بينها اسمه. في العهد العثماني: في عام 1212 ه، في عهد العثمانيين، أعاد الأمير مراد بك بناء الجامع من الداخل بعد هدمه، إثر سقوط إيوانه وميل عُمُده، إلا أن القائمين على البناء لم يكونوا بمستوى العمل الكبير والمهمة العظيمة لمثل هذه المساجد الضخمة، فكان ترميم مراد بك غير منتظم ولا متناسق، غير أنه بنى بالمسجد منارتين هما الباقيتان إلى الآن. ووافق الفراغ من ترميم مراد بك لمسجد عمر بن العاص آخر جمعة من شهر رمضان، فاحتفل بافتتاحه، وأثبت تاريخ هذه العمارة في ألواح تاريخية فوق الأبواب الغربية وفوق المحرابين الكبير والصغير. وقد اتخذت عادة الاحتفال الشعبي الكبير بآخر جمعة في رمضان في هذا المسجد بصلاة الأمراء والملوك فيه منذ ذلك الحين. المسجد الآن: يقول الشيخ محمود حبيب – وكيل أول وزارة الأوقاف المصرية، يكفي مسجد عمرو بن العاص فخرا أن حلقات الدرس فيه في البداية كانت سنة 326ه (33) حلقة، منها (15) حلقة للشافعيين، و(15) للمالكيين، و(3) حلقات للأحناف، ثم ارتفع العدد إلى (110) حلقة. وإذا قدرنا أن كل حلقة بها (20) مستمعا فلا أقل من أن يكون مجموع طلاب العلم في جامع عمرو بن العاص حينذاك أكثر من ألفي طالب. وأضاف أن جامع عمرو بن العاص يعد حاليا قلعة للثقافة والدعوة والإعلام بالإسلام، معرفة وعملا، من خلال الأنشطة المتعددة في ساحته، سواء علي أعواد منبره أو كرسي الدروس فيه، أو من خلال الأنشطة الاجتماعية المتصلة مباشرة بالحي الذي يحيط به من خلال المقرأة ولجنة الزكاة وفصول التقوية، وغير ذلك مما يدعم صلة المجتمع المسلم بهذا المسجد العريق.