تناولت وكالة شينخوا الصينية الرسمية فى تقرير لها أمس الأزمة السورية وما تلاها من تداعيات على الساحة الأردنية من خلال تدفق السوريين النازحيين إلى دول الجوار. وقالت : مع اقتراب الأزمة السورية من إكمال عامها الثالث، دون معرفة وقت نهايتها ، مازال الأردن يدفع ثمن فاتورة تداعيات هذه الأزمة التي فرضت نفسها عليه ضيفًا ثقيلًا في العام 2013 بانعكاساتها السياسية والأمنية والأجتماعية والأقتصادية. ومنذ اندلاع الأزمة السورية في مارس 2011 وبدء تدفق اللاجئين على دول الجوار، بادر الأردن إلى تبني جملة من التدابير الاحترازية والوقائية لاستيعاب ارتدادات الأزمة وامتداداتها ، كونه كان أول بلد تأثر بها ، بحكم عوامل الجغرافيا وصلات القربى بين شعبيهما. كما فرضت العلاقات السياسية والاقتصادية المتشابكة، على الأردن اتخاذ عدة مواقف شملت تداعيات الأزمة على اختلاف مستوياتها وأبعادها. واتسم الموقف السياسي الرسمي إزاء الأزمة السورية بالتوازن والنأي بالنفس عن التدخل فيها ، عبر دعواته المتكررة إلى إيجاد حل سياسي لها، يوقف إراقة ونزيف الدماء في سوريا، ويحافظ على وحدتها، أرضا وشعبا. وبدا ان الموقف الرسمي الأردني تجاه الملف السوري، قد حددته مجموعة متناقضة من الاعتبارات المحلية والإقليمية والدولية بحسب نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن زكي بني رشيد . ورأى بني ارشيد ،أن الموقف الأردني يراوح بين الانسجام مع موقف جامعة الدول العربية الذي أعترف بائتلاف المعارضة السورية بديلا عن الجومة السورية، وبين الاعتبارات المحلية . وراعت هذه الاعتبارات ، في رأي بنى ارشيد ، تداعيات الموقف الأردني على المستويات المختلفة ومن بينها الموقف الأمني، ووجود التيار القومي واليساري الأردني الذي أيد النظام السوري، في مقابل موقف التيار الإسلامي الذي أيد المعارضة السورية. وبحسب بني رشيد ، فإن الموقف الرسمي الأردني تأثر بالموقف الخليجي والأمريكي المؤيد لتغيير النظام السوري، لذلك بدا الموقف الأردني غير واضح ، وربما عن قصد ; لأنه كان وما يزال يحاول أن يرضي جميع الأطراف المتناقضة. ويواجه الأردن مع تدهور الوضع في سوريا ، تهديدات أمنية عدة بالنظر الى طول الحدود المشتركة بين البلدان والتي تمتد لأكثر من 375 كيلومترا. وتعرضت الأراضي الأردنية لسقوط صواريخ وقذائف، أصابت في مناسبات عدة مواطنين عزل، وألحقت أضرارا بالممتلكات العامة والخاصة. وتبقى العمليات العسكرية وتبادل إطلاق النار بين القوات السورية والمعارضة المسلحة على مقربة من الحدود بين البلدين أبرز هذه التهديدات ، بحسب قائد حرس حدود الأردني العميد حسبن الزيود . وتجلت هذه التهديدات كذلك ، وفق الزيود ، في ارتفاع عمليات التهريب عبر الحدود بنسبة 300 %، بما فيها تهريب الأسلحة والمخدرات، وكذلك ارتفاع عمليات تسلل الأشخاص من جنسيات مختلفة بنسبة 250 % خلال العام الحالي بالمقارنة مع العام الماضي. وتطلب الأمر بذل جهود أمنية وتعبئة موارد مادية وبشرية ذات تكلفة عالية، للتصدي لأي محاولة لاختراق أمني ، بحسب تأكيدات الزيود. وعلى الرغم من مظاهر التكافل الكثيرة بين الأردنيين والسوريين، التي أظهرتها هذه الأزمة، بحكم روابط الدم والقرابة التي تجمع بين العديد من العشائر والعائلات في البلدين، فإن نزوح اكثر من 600 ألف سوري إلى الأردن، فرض على هذا البلد تحديات اجتماعية غير مسبوقة. كما أضافت الأزمة أعباءأ اقتصادية إضافية إلى عجز الأردن عن تحملها بمفرده، بسبب محدودية موارده وشحها، فضلا عن الصعوبات المالية التي يواجهها في السنوات الأخيرة. ورأى أمين عام الحزب الوطني الدستوري أحمد الشناق أن الدولة الأردنية لم تعمل منذ بداية الأزمة السورية على إيجاد جهة رسمية مؤسسية موحدة، للتعامل مع المسألة بشكل مؤسسي ومدروس بكافة جوانب هذه الأزمة; وهو ما كان سيسهم في التخفيف من تداعيات الأزمة على مختلف المستويات، ومن بينها المستوى الاجتماعي. وأضاف أن قدوم اللاجئين السوريين أثر في مستوى الخدمات الصحية والتعليمية في أماكن تواجدهم، وقال أنه بعد أن اختارت السلطات الأردنية نهج سياسة الحدود المفتوحة بوجه النازحين السوريين ، اتخذت العديد من التدابير بالتعاون مع الوكالات الأممية لتوفير الاحتياجات الإنسانية والخدمات الاجتماعية لهم، لكنها ظلت غير كافية، بالنظر إلى ارتفاع أعداد اللاجئين ، الذين أقبلوا بكثافة على خدمات الصحة والتعليم والمياه والطاقة. وطال التأثير الاجتماعي للأزمة السورية على الأردن ، البنية الديمغرافية ، حيث أضحى اللاجئون يمثلون نسبة 10 في المائة من عدد سكانه، مما انعكس سلبا على المجتمعات المحلية، بعد تراجع المساعدات الاجتماعية التي كانت تحصل عليها الأسر الفقيرة لصالح اللاجئين. كما حلت اليد العاملة السورية محل نظيرتها الأردنية، ليس فقط بفضل مهارتها، وإنما بفعل انخفاض تكلفتها أيضا، فضلا عن ارتفاع أسعار البضائع والسلع وتضاعف إيجارات المساكن بشكل كبير، مما خلف استياء شعبيا ومجتمعيا ، بعد أن تأثرت تلك المجتمعات سلبا بموجات اللجوء السوري ، بحسب الشناق. ووضعت الأزمة السورية المزيد من الضغوط على الوضع الاقتصادي في الأردن، الذي يعاني أصلا من عجز كبير في ميزانيته وديونا تفوق 27 مليار دولار، ومعدل بطالة يناهز 14%، بالإضافة إلى تضرر القطاع التجاري والتجارة الخارجية التي كانت تعبر أساسا من سوريا باتجاه تركيا وأوروبا، بسبب التراجع في قطاع النقل البري، وبالتالي في حجم تدفق البضائع بين البلدين.