"بيتر سامي" أصغر ضحايا في مذبحة كنيسة القديسين، مات ولم يكمل السابعة عشر من عمره، هو وحيد أسرته، قبل ساعات من الحادث الأليم عاد مسرعا للمنزل سعيدا بملابس العيد، وبعدها بساعات كان ملقيا غارقا في دمائه أمام باب الكنيسة. كان ل"البديل" حوارا مع والدة بيترالموظفة وكبيرة أخصائيين في مديرية الشئون الاجتماعية. - كلمينا عن بيتر سامي… ابني "بيتر" كان أصغر شهيد في حادث تفجير الكنيسة، فهم 20 شهيد 10 رجال وعشرة نساء، كان عمره 17 عام وقتها، وكان في الصف الثاني الثانوي صناعي، وهو ابني الوحيد والأكبر وميرنا الأصغر، مش عارفة احكي وأقول عنه إيه بس كل اللي أعرفه إنه مات، والغريب إن شهر مايو 2010 تعرض لحادث سيارة أمام الكنيسة مع أصدقائه وظل في الجبس طوال هذه المدة حتى قبل تفجير الكنيسة بأيام. - هل ذهبت معه للصلاة ليلة رأس السنة؟ للأسف هذا اليوم لم اذهب معه، لأني كنت مشغولة برعاية والدتي المريضة، فهو ذهب مع أصدقائه الثلاثة، وفضلت الذهاب مع أخته ثاني يوم الموافق السبت وهي سهرة ثانية للصلاة في الكنيسة، والغريب أن يوم الجمعة لم يكن اشترى ملابس العيد حتى شجعوه أصدقائه على النزول عصرا. وبالفعل لم يغب سوى ساعات وجاء مبتهجا بالملابس الجديدة ليعرف رأيي فيها، وكان سعيدا جدا عندما عاد. - متى علمت بالخبر؟ ظللت حتى منتصف الليل مستيقظة في ذلك اليوم، وتحدثت معه على التليفون في الساعة 12:15 وسألته عن سبب تأخيره، فقال لي في الكنيسة، وسألته عن كيفية تواجده في الكنيسة ولا أسمع صوت صلوات أو ترانيم، فرد قائلا أنه يقف خارجها. وصمتت للحظات باكية، في الوقت الذي خرج ليرد عليا في الهاتف وقع الانفجار بعدها بدقائق، حيث استمعت لقوته لقرب المنزل من الكنيسة، وبالفعل عرفت بعد ذلك أنه كان من الضحايا أمام الكنيسة بالخارج. - هل توقعت أن هذا الصوت القوي انفجار قنبلة؟ لا، اعتقدت أنه رعد أو برق خاصة أن هذه الليلة كانت تمطر بغزارة، إلا أنني عرفت بالخبر عندما نظرت من البلكونة ورأيت الأهالي يهرولون في الشوارع تجاه الكنيسة، والكل يتحدث عن انفجار قنبلة، وعلى الفور نزلنا من البيت مع استمرار محاولتي للاتصال به إلا أنه لم يرد حتى أصبح مغلقا، ووصلت لباب الكنيسة أزيل ورق الجرائد من على الجثث للبحث عن ابني، ورغم أنني مررت على جثته إلا أنني لم أتعرف عليه، وللأسف اشتعلت الاشتباكات في الشارع من البلطجية الذين ألقوا أهالي الشهداء والكنيسة بالحجارة، فاضطررت العودة إلى منزلي. - متى علمت بخبر وفاته؟ ثاني يوم ذهبت مع أعمام بيتر إلى العديد من المستشفيات ثم في المشرحة وتعرفوا عليه لكنهم منعوني من رؤيته. - هل تعتقدين أن الحادث مدبرا؟ هناك عدة شواهد تؤكد تلك التكهنات، منها غياب الأمن بعد الحادث، وحرق سيارات من أعلى شارع العيسوي لإغلاق الطريق أمام سيارات الإسعاف والمطافئ حتى لا تدخل لإنقاذ المصابين، فضلا عن هؤلاء البلطجية الذين انتشروا فجأة وألقوا الزجاج والحجارة على الشباب المسيحي المشغول بلملمة لحم ضحاياه. - هل عاد حق الضحايا؟ حق إيه اللي رجع، حقنا ضايع، لا توجد تحقيقات ولا تحريات، لا يسمع أحد شيئا عن حادث كنيسة القديسين، فشهداء ثورة يناير تم تقديم متهمين للمحاكمة، حتى اتهام العادلي بتورطه في الحادث، فلماذا لم نر حتى الآن تقديمه للتحقيقات. - في رأيك.. ما أسباب عدم اهتمام الدولة بالقضية؟ لا أعلم شيئا، الدولة إذا أرادت فعل شيء وفتح التحقيقات بشكل جاد وإلقاء القبض على المتهمين سوف تفعل ذلك بكل سهولة، فمحامي الكنيسة منذ 3 سنوات وهو يحفر في الصخر وقدم العشرات من البلاغات للنائب العام ولا حياة لمن تنادي. - ما تفسيرك للحادث.. سياسي أم طائفي؟ والله أنا أم وابني الوحيد راح، بسبب هؤلاء المتطرفين، ماليش دعوة فتنة طائفية أو أي سبب آخر، كل مرة تخرج تبريرات غير منطقية، أبرزها فكرة إن بنت مسلمة تحب شاب مسيحي أو العكس، كل ما أريده مهما كانت الأسباب حق ابني وغيره من الضحايا السلميين الذين كانوا يصلون في بيت ربنا، لابد من الكشف عن الجناة وتقديمهم للمحاكمة. - هل تم مقابلة أسر الشهداء من المسئولين منذ ثورة يناير؟ لم يقابلنا أحد، فالدولة حتى الآن لا تعترف بضحايا كنيسة القديسين باعتبارهم شهداء، مثلما تعاملت مع ضحايا ثورة يناير، وحتى المعاش الذي نحصل عليه فهو استثنائي يعادل معاش شهداء يناير، ونحن لا يهمنا اعتبار الدولة لهم شهداء من عدمه، فكل مسئوليتهم هي الكشف عن الجناة وتوقيع العقوبات عليهم حتى لا تتكرر مثل هذه الحوادث والاعتداءات علي الكنائس والمسيحيين. - ما رأيك في الاتهامات الموجهة لحركة حماس وجماعة الإخوان؟ حتى لو كانت شائعات لكن الأحداث التي أعقبت 30 يونيو تثير الشكوك بكل تأكيد عن تورطهم في هذه الحوادث، والدليل آخر حادث لاغتيال وزير الداخلية، حيث تم تنفيذه بنفس طريقة كنيسة القديسين، بنفس حجم القنبلة وقوتها.