يعود مجلس الشيوخ فى الفصل التشريعى الثانى، حاملًا ملامح مرحلةٍ جديدة تمزج بين حكمة الخبرة وحيوية التجديد، حيث تتسع القبة ل19 حزبًا تشكل لوحة التعددية فى أبهى صورها، فى مشهدٍ يؤكد أن الدولة ماضية فى توسيع دوائر المشاركة، وإعادة رسم الخريطة السياسية بروحٍ من التوازن. فمن المهم أن يدرك الجميع أن التنوع ليس ترفًا سياسيًا، بل ضمانة لبقاء الوطن حيًا ومتجددًا. بحبر الخبرة والعقل، يخط مجلس الشيوخ، السبت، السطر الأول من دور الانعقاد العادى الأول للفصل التشريعى الثانى، بعد أن أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى القرار الجمهورى رقم 580 لسنة 2025 بدعوة المجلس للانعقاد. فى مشهد يرمز إلى تواصل الأجيال، ترأس الجلسة الإجرائية محمد أبو العلا، رئيس الحزب العربى الناصرى وعضو مجلس الشيوخ المعيّن، بصفته أكبر الأعضاء سنًّا (86 عامًا)، ليبدأ المجلس دورة جديدة تُدار بمزيج من الحكمة والتجديد. اللائحة الداخلية رسمت ضوابط دقيقة لانتخاب رئيس المجلس، حيث تنص المادة (13) على أن ينتخب المجلس من بين أعضائه، فى بداية كل فصل تشريعى، الرئيس والوكيلين بالأغلبية المطلقة للأصوات الصحيحة، على أن يترأس الجلسة أكبر الأعضاء الحاضرين سنًّا، يعاونه أصغر اثنين سنًّا من الأعضاء. وفى هذه الجلسة، يُتلى قرار رئيس الجمهورية بدعوة المجلس للانعقاد، ويؤدى الأعضاء اليمين الدستورية: «أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهورى، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعايةً كاملةً، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه». يبدأ أداء اليمين رئيس الجلسة والعضوان المعاونان، ثم باقى الأعضاء عضوًا عضوًا فى جلسة أو أكثر، مع الالتزام بالنص الدستورى دون تعديل أو إضافة، فيما لا يباشر العضو مهام عضويته إلا بعد أداء القسم. ويعقب ذلك انتخاب الرئيس والوكيلين، حيث تُقدم الترشيحات إلى رئيس الجلسة فى المدة المحددة، ويجوز للمترشح أن يعرّف بنفسه إذا طلب، على أن يكون الانتخاب سريًا فى جلسة علنية أو أكثر، ويُعلن بعدها رئيس الجلسة فوز رئيس المجلس الذى يباشر مهامه فور إعلان النتيجة، ولا تُجرى أى مناقشة قبل انتخابه. دماء جديدة.. وتوازن سياسي بموجب صلاحياته الدستورية، ضخ الرئيس عبد الفتاح السيسى دماءً جديدة فى شريان مجلس الشيوخ، عبر تعيين 100 نائب، فى خطوة غيرت موازين التشكيل النيابى. التعيينات حملت روح التجديد السياسى، إذ أعاد الرئيس تمثيل المستقلين داخل المجلس بعد غيابهم الكامل فى انتخابات الفردى، فعيّن 11 نائبًا مستقلًا. كما منح الرئيس قبلة حياة لعدد من الأحزاب التى لم تنل مقاعد بالانتخابات، أبرزها حزب النور الذى حصد مقعدين بالتعيين، إلى جانب مقعد لكل من حزب المصريين، والحزب العربى الناصرى، وحزب الجيل، وحزب الوعى، وحزب المصريين الأحرار. وضمت قائمة التعيينات المرشح الرئاسى السابق، رئيس حزب الوفد عبدالسند يمامة، ورئيس حزب الشعب الجمهورى ياسر عمر، والسيد عبد العال رئيس حزب التجمع، وباسل عادل رئيس حزب الوعى، ومحمد أبو العلا رئيس الحزب العربى الناصرى، إضافة إلى عصام خليل رئيس حزب المصريين الأحرار، وناجى الشهابى رئيس حزب الجيل الديمقراطى، وحسين أحمد حسين أبو العطا رئيس حزب المصريين. كما ضمت التعيينات أيضًا عددًا من الوزراء السابقين، من بينهم وزير الخارجية الأسبق محمد العرابى، ووزيرة الاستثمار الأسبق سحر نصر، ووزير البترول الأسبق أسامة كمال. وتضمنت القائمة عددا من الخبراء وأساتذة الجامعات من بينهم الدكتورة نورهان الشيخ أستاذة العلوم السياسية، والمستشار حسنى حسن عبد اللطيف أبوزيد الرئيس السابق لمحكمة النقض، والسفير حاتم عزيز سيف النصر، وأستاذ المخ والأعصاب محمد لطفى إبراهيم لطفى، والأستاذ فى طب الأسنان محمد حسام الدين السيد الملاحى. تنوع سياسى.. وسيطرة حزبية الفصل التشريعى الثانى لمجلس الشيوخ جاء أكثر ثراءً سياسيًا من سابقه؛ إذ يضم 19 حزبًا سياسيًا مقابل 15 فى مجلس 2020، فى دلالة واضحة على حرص الدولة على إفساح المجال أمام أطياف سياسية أوسع للمشاركة فى الحياة النيابية. كما صعدت الكفة الحزبية بوضوح، حيث يضم المجلس 289 نائبًا حزبيًا مقابل 11 مستقلًا، بينما كان فى مجلس 2020 نحو 212 نائبًا حزبيًا و88 مستقلًا. مثلث القوة على خريطة القوة البرلمانية، تَشكّل مثلث يقوده مستقبل وطن وحماة الوطن والجبهة الوطنية، بإجمالى 235 مقعدًا من أصل 300، أى بنسبة تقارب 78 % من المجلس. وجاءت الحصص الحزبية على النحو التالي: حزب مستقبل وطن: 118 مقعدًا حزب حماة الوطن: 72 مقعدًا حزب الجبهة الوطنية: 45 مقعدًا حزب الشعب الجمهوري: 14 مقعدًا الحزب المصرى الديمقراطي: 7 مقاعد حزب الوفد: 6 مقاعد حزب العدل: 5 مقاعد حزب الإصلاح والتنمية: 5 مقاعد حزب المؤتمر: 3 مقاعد حزب التجمع: 3 مقاعد حزب الحرية المصري: مقعدان حزب النور: مقعدان حزب المصريين: مقعد حزب السادات: مقعد حزب إرادة جيل: مقعد حزب المصريين الأحرار: مقعد حزب العربى الناصري: مقعد حزب الجيل الديمقراطي: مقعد حزب الوعي: مقعد كما أصبح لتنسيقية شباب الأحزاب 16 نائبًا ضمن التشكيل الجديد، ما يعكس مزيجًا من الحيوية والتجربة فى آن واحد. استمرارية الخبرة حافظ القرار الجمهورى على توازن الخبرة والتجديد، بإعادة تعيين عدد من الأعضاء الذين أثبتوا حضورهم النيابى فى الدورة السابقة، من بينهم: د. محمود مسلم رئيس لجنة الثقافة والإعلام. د. يوسف عامر رئيس لجنة الشئون الدينية. حازم عمر رئيس لجنة الشؤون الخارجية. نبيل دعبس رئيس لجنة التعليم. محمد شبانة عضو مجلس الشيوخ. أحمد سمير زكريا عضو اللجنة الاقتصادية. سيد عبد العال رئيس حزب التجمع. وفى إطار منح أدوار مختلفة لذوى الخبرات البرلمانية، جاءت ضمن قائمة المعينين، 4 شخصيات انتقلوا من مجلس النواب إلى مجلس الشيوخ، وهم: النائب عبد الهادى القصبى، والنائب أحمد العوضى، والنائب عماد خليل، والنائبة ميرال الهريدى.