بعد توقف دام أكثر من 20 عاماً، جاءت انتخابات التجديد النصفي بنقابة الأطباء بعد توقف دام ل20 عاما لتقضي على أسطورة الإخوان المسلمين في السيطرة عليها، وبعد منافسه قوية وحشد بين الطرفين اكتسح نتائجها «تيار الاستقلال» المحسوب على التيار اليساري ليقلب موازين القوى بالنقابة. أظهرت النتائج النهائية التي أعلنتها اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات، الأحد فوز تيار الاستقلال ب11 مقعدًا بالنقابة العامة من إجمالي 12، واكتساحهم لمجالس 16 نقابة فرعية بنسبة 100% ومناصفتهم للإخوان في مقاعد 11 نقابة فرعية، عن ارتفاع مؤشرات بورصة التيار المدني في الوسط المهني بعد ثورة 30 يونيو، وهو ما ينذر بصعوده بقوة إلى المشهد المهني في 24 نقابة مهنية. وبهذه النتيجة، يصبح تيار الاستقلال قد قضي على امبراطيرية الإخوان بالنقابة التي سيطر عليها لأكثر من ربع قرن مضى، كما يمكنه من تشكيل هيئة مكتب مجلس النقابة العامة. ومن جانبه قال الدكتور "إيهاب الطاهر" أمين عام نقابة القاهرة، والمنتمي لتيار الاستقلال الفائز بالأغلبية ل"البديل"، إن الفائزون من تيار الاستقلال لهم أغلبية المقاعد بالنقابة العامة بواقع 15 مقعدا من أصل 25، ويحق للتيار تشكيل هيئة المكتب، وسيحصل على مناصب الأمين العام والأمين المساعد ووكيل النقابة وعدد من اللجان، ومن أهمها لجنة الإغاثة التي كان يسيطر عليها المجلس السابق الفاشل – على حد وصفه- مشيراً في الوقت ذاته، أنه لم يتم التوافق على تشكيل المجلس حتى الآن. وأضاف أن الانتخابات عكست تراجع شعبية الإخوان في النقابة وكشفت مدى فشل المجلس السابق، كما أن الأطباء اكتشفوا أن جماعة الإخوان لم تخدمهم على الإطلاق عندما وصلت للحكم، وهو ما أدى لخسارتهم في هذا التجديد، وكان أيضا من أهم أسباب انتصار الاستقلال، أنهم فهموا الانتخابات؛ لأن مشاركتهم عام 2011 كانت الأولى لهم، وكان ينقصهم الخبرة حينها، ولكن في هذه الانتخابات نظموا القوائم بطريقة أفضل لتخرج النتائج بهذا الشكل، مشيراً إلى أن المجلس الحالي بتشكيله الجديد سيعمل على النهوض بالنقابة لتكون نقابة مهنية قوية، ولا تكون منبرا سياسيا كما فعل بها الإخوان في العقود الماضية. وتابع بأن من أهم مهام المجلس الجديد تلبية مطالب الأطباء في "كادر مهني محترم، ونظام التكليف، والعمل في المناطق النائية، والدراسات العليا للأطباء، وبدل العدوى الذي أهدرته وزارة الصحة، بعيداً عن أي صفقات تعقد مع الحكومة، مثل ما كان يفعل الإخوان من عقد صفقات مع الحكومات المتعاقبة لمكاسب شخصية، مؤكداً أن تيار الاستقلال يدعو تيار الإخوان للمشاركة في العمل المهني بعيداً عن استغلال النقابة وزجها في صراعات سياسية. وقال إن لجنة الإغاثة أثارت جدلًا كثيرًا حيث إن استحواذ الإخوان عليها من قبل جعل أموالها خارج حسابات النقابة ولا يعلم عنها أحد سوى الأطباء المحسوبين على الجماعة، مشيرًا إلى أن بداية الملفات التي سيتم فتحها هي أموال لجنة الإغاثة، مشيراً إلى أن الإخوان تعمدوا إخفاء تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات رغم أن الجهاز أوصى بتحويل مخالفات النقابة للنيابة العامة. وأضاف الطاهر أن تيار الاستقلال لن يترك ملفات إلا وسيفتحها، والتحقيق مع كل من يثبت تورطه في فساد داخل النقابة، مطالباً بانتداب خبيرين مالي وقانوني لبحث أموال لجنة الإغاثة وأموال النقابة بشكل عام. وقالت الدكتورة "منى مينا" عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، إن هيمنة أعضاء الإخوان على النقابة انتهت، بحصول تيار الاستقلال على 11 مقعدًا من أصل 12 في النقابة العامة، بالإضافة إلى اكتساح التيار أغلب النقابات الفرعية بمختلف أنحاء الجمهورية باستثناء محافظتي الفيوم والدقهلية، اللتين تشهدان سيطرة إخوانية. وأضافت أن ممارسات الإخوان داخل النقابة على مدى العقدين الماضيين كانت سيئة جدًا، ويوجد العديد من المشاكل الخاصة بالأطباء، التي تفاقمت خلال سيطرتهم على النقابة، ولم يتم تناولها أو مناقشتها، والتي تحتاج إلى فريق عمل لحلها، مؤكدة أن تيار الاستقلال سيعمل في الفترة القادمة على جعل النقابة قوية مهنية لكل الأطباء. وأكدت أن أعمال لجنة الإغاثة الخاصة بالشؤون الخارجية سواء للقطاعات المنكوبة بالخارج من سوريا وفلسطين وغيرها لن تتأخر وسيعمل تيار الاستقلال علي بذل الجهد لوصول الدعم إلى مستحقيه. ومن ناحيته، قال الدكتور "خالد سمير" الفائز بعضوية مجلس النقابة في انتخابات التجديد النصفي، إن مجلس النقابة بتركيبته الجديدة لديه سلسلة من المهام، تتمثل في 3 محاور، الأول مهني، والثاني وظيفي، والثالث يتعلق بترتيب البيت النقابي في القاهرة والمحافظات من الداخل بعد خروج ممثلي الإخوان من مجالس النقابة العامة والفرعيات، مشيراً إلى أن تيار الاستقلال سيمنح أعضاء الأقلية المنتمين للإخوان مقعداً في هيئة المكتب، لإشراكهم في منظومة العمل، نافياً فكرة استبعادهم من اللجان الأساسية أو هيئة المكتب. وأكد أن تيار الاستقلال سيعيد ترتيب نشاط لجنة الإغاثة كأحد الملفات الهامة في النقابة، لضمان وصول الإغاثة إلى مستحقيها بغض النظر عن توجههم السياسي أو دينهم أو عرقهم، مشيراً إلى أنه سيتم تشكيل لجنة عليا لإدارة إضراب أول يناير المقبل، مستبعداً أن يمتد الإضراب إلى القطاعات الحيوية في المستشفيات مثل الاستقبال والطوارئ ومعاهد الأورام والكبد ومستشفيات الصحة النفسية، مؤكداً التزام النقابة بعمل الإضراب في موعده. وكشف عن رغبة المجلس الجديد في إعداد تقرير مالي وإداري حول وضع النقابة من أموال وأرصدة في البنوك وإعداد الموظفين لصياغة إستراتجية للتعامل معهم خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أنه سيتم الحصول على تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن الفترات الماضية، لكشف حقيقة أي مخالفات مالية أو إدارية بالنقابة. وأشار إلى أنه سيتم تشكيل لجنة معنية بضبط عمليات قيد الأعضاء وتحديث سجلات المسجلين وبياناتهم، لضمان التواصل معهم، مشيراً إلى أنه سيتم مخاطبة المستشفيات لحصر الأطباء العاملين بها لرفع الواقع المهني للأعضاء العاملين بالقطاع العام والخاص من ممارسي مهنة الطب في مصر. وتابع بأن المجلس الجديد ينتوى تنظيم سلسلة من ورش العمل بالنقابة العامة والفرعيات لتعديل قانون النقابة. وقال الدكتور "عمرو الشورى" الفائز بمقعد قطاع القاهرة، إن انتصار قائمة تيار الاستقلال كان بسبب انعدام ثقة الأطباء في الإخوان، وبسبب موقفهم من إضراب الأطباء العام الماضي، ووقوفهم مع الحكومة ضد الأطباء، وهو ما عكس مهمتهم تمامًا. وأضاف الشورى أن أهم تجاوزات مجلس الإخوان، كانت في رفضها عرض تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات على الأطباء، فلم يكن اعتراض الأطباء على تجاوزات الإخوان المالية، ولكنهم طالبوا بحقهم في الإطلاع على تقرير المركزي للمحاسبات المحجوب عن الأطباء من عام 1984. وأشار إلي إن إضراب الأطباء العام الماضي، قد رفع الوعي وسط الأطباء والشعب على حد سواء، ولفت الانتباه إلى أنه يجب أن تأتى الأولويات الصحية فوق الأمنية، كما أنه ساهم فى تكوين حركات طبية جديدة. وتابع أيضًا أن فكرة التصويت العقابي من غير المنتمين للتيارات السياسية جاء كواحدة من أهم العوامل التي أسقطت الإخوان.