كتب: كريم أنور - تصوير: أحمد خير لم يتوقف عم سعيد ، البالغ من العمر 66 عاماً عن المقاومة ، لم يعتبر أن دوره – كفدائي - قد انتهى بعد انتصار أكتوبر ، فهو الفدائي الوحيد ، الذي بدأ كفاحه ضمن صفوف المقاومة الشعبية بعد نكسة 1967 ، واستمر كفاحه حتى خرج ضد نظام مبارك مع شباب ثورة 25 يناير 2011 ، وخرج ضد نظام مرسي في 30 يونيو 2013، وأنقذ مدرعتين تابعتين للقوات المسلحة من ميليشيات الإخوان يوم 14 أغسطس 2013 .. سعيد علي أحمد إسماعيل ، سويسي أباً عن جد ، من مواليد 13 سبتمبر 1947 ، في محل لتصنيع نسخ المفاتيح وإصلاح " كوالين الأبواب " أسفل مسكنه بحي الأربعين بالسويس .. ذلك المحل الذي حوله الفدائي البطل لمتحف وبانوراما لصور الشهداء والفدائيين والزعماء بداية من محمد نجيب مرور بعبد الناصر وصولا للسادات والجمسي وابو غزالة. استقبل " البديل " ليروي لها تفاصيل لم يروها من قبل اختار أن يبدأ حديثه من نقطة النكسة ، حيث قال : وجدنا الجيش المصري في السابع والثامن من يونيو 1967 ينسحب وفي حالة " بهدلة " ، لعدم وجود غطاء جوي ، بعد أن استغلت اسرائيل الفرصة لضرب الممرات الحربية والطائرات ، أدى ذلك لاستشهاد عدد كبير من جنود القوات المسلحة ، وعاد من بقي منهم منسحبين ، وبعضهم مات بعد أن دفعهم العطش إلى شرب مياه البحر ، وبعضهم مات غرقاً عندما قرروا أن يلقوا بأنفسهم في البحر بحثا عن نجاة ، ونسوا انهم لا يجيدون السباحة وليس لديهم قميص نجاه ليطفو بهم لأقرب شاطئ . شارون " الله لا يكسبه " أجبر أكثر من 2500 جندي مصري ، ان يحفروا قبورهم بايديهم وواراهم بالتراب وهم احياء . كانت النكسة أكبر بعد ان اعتادنا أن نستقبل الجنود بالورود بعد عودتهم من حرب اليمن 1962 ، كنت أبلغ من العمر وقتها حوالي 17 سنة ، كنت أستمتع بآدائهم للعروض العسكرية بمنطقة بالقرب من نادي السويس الرياضي ، الذي تحول الىن لنادي منتخب السويس بالقرب من مجمع المحاكم الحالي . فكان من الصعب علينا أن نستقبلهم اليوم وهم يعانون هذا الانكسار . أيام النكسة كنت أبلغ من العمر 21 سنة ، وأبحث عن العمل ، لكنني عدلت عن الفكرة ، عندما سمعت المنادي ينادي بالميكروفونات ، يدعوا الشباب والرجال للدفاع عن السويس ، كان وقتها يتم توزيع السلاح على المتقدمين لهذا الشان بالبطاقة الشخصية ، توجهت إلى مدرسة عمر مكرم حيث استلمت سلاحي من هناك ، ، سلاح بلجيكي ، مكتوب عليه المملكة المصرية ، كان معي بعض الأصدقاء ، منهم الحاج محمد علي والحاج عبد الرحمن ومازالوا والباقين توفاهم الله بين شهيد ، وبين وفاة عادية . تلقينا تدريبات تأهيلية في منطقة غبة البوص بطريق البر الاحمر ، تلقينا تدريبات الصاعقة على يد رجال اللواء جلال هريدي ، كما تدربنا على يد ضباط من سلاح المهندسين على كيفية التعامل مع الالغام وتخرجنا في يوليو ، وحضر مناورة التخرج عبد المحسن ابو النور المسئول عن الطلائع بالاتحاد الاشتراكي. وقبل ان يتم انشاء منظمة سيناء ، أسس الشيخ حافظ سلامة والعميد الكنزي والعقيد عادل اسلام منظمة الدفاع الشعبي التي اطلق عليها فيما بعد المقاومة الشعبية ." في يوم 28 اغسطس 67 وصل إلينا خبر ان ضابطا وصف ظابط اسرائيليين ارادوا ان يضعوا علما اسرائيليا على شمندورة امام سقالة بورتفيق ، استقلينا سيارة نصر تابعة لشركة الاهرام وركب معنا البطل مصطفى أبو هاشم والبطل غريب محمد غريب والبطل عبد ربه محمد عبد ربه ، قدت السيارة حتى باب خمسة للميناء وتمكن الأبطال من قطع الزورق واسر الضابط وصف الضابط دون أن نطلق طلقة واحدة ، وسلمناهم للمخابرات في نفس اليوم ، ثم بدأ البطل محمود عواد اقناع بعض الراغبين في الانضمام لحركة فتح ان ينضموا للمنظمة التي تنشئها المخبارات الحربية بقيادة العقيد فتحي عباس . استشهد البطل الشهيد مصطفى ابو هاشم في فبراير 1970 ، رصد الطائرات الاسرائيلية مخبأ الأسلحة بنادي السويس الرياضي ، حيث قام الشهيد مصطفى ابو هاشم باخفاء السلاح في البوص الموجود خلف النادي ، وعندما قصفت اصابت شظايا صناديق المولوتف مما ادي لاسشهاد مصطفى ابو هاشم بعد نقله لمستشفى بأيام . كان المحافظ وقتها محمد حامد محمود ، قد قال " لو الحروق أقل من 50 % سأنقل مصطفى بطائرة خاصة إلى مستشفى المعادي " ، لكنها تعدت 90 % .. وتوفي مصطفى أبو هاشم في فبراير 1970 ، واخر كلمة نطق بها " السويس ومصر امانة في رقبتكم" . وعندما علم أخيه أحمد أبو هاشم بالخبر ، ترك ولده وابنته في المهجر، وعاد ليحمل السلاح ليثأر لأخيه لمصطفى .. وقد كان . بدأت حرب الاستنزاف تأخذ منحنى تصاعدي في وضح النهار منذ 1970 ، وكان لأعضاء منظمة سيناءبالسويس اصدقاء كانوا بمثابة عيون في جنوبسيناء وشمالها منهم البطل حسن خلف والذي لازال على قيد الحياة بشمال سيناء ، وقام معظم ابطال منظمة سيناء بتنفيذ عمليات فدائية بلسان بورتوفيق . أما نحن ، أقصد أعضاء المقاومة الشعبية كنا أكثر من 150 شابا ورجلا ، دورنا حماية المنشئات الحيوية مثل محطات الكهرباء والمياة اضافة الى الشوارع وأهالي السويس الذين رفضوا التهجير . لم نتدخل في معارك ضد الصهاينة حتى يوم 23 اكتوبر 1973 ، عندما حاولوا دخول السويس من ثلاثة مناطق ، الطريق الزراعي والطريق الصحراوي وطريق السخنة ، حاولوا الدخول بالدبابات ، واستخدموا دبابات برمائية من ناحية طريق السخنة . وكان هذا بالنسبة لنا " يوم المنى " لمواجهة الصهاينة وجها لوجه .. ولم أرى أجبن من الجندي الاسرائيلي مع انه كان يمتلك ترسانة سلاح ، رشاش 9 مللي وكلاشينكوف جراري بالاضافة الى قنابل يدوية مقابل سلاحنا النصف الآلي او السلاح البلجيكي ، إلى مدنا العميد يوسف عفيفي قائد الفرقة ال19 بالجيش الثالث الميداني في يوم 24 اكتوبر ، ثاني ايام عيد الفطر ، بأسلحة آلية وقنابل يدوية ، استعملناهمفي فترة ال 101 يوم حصار . وكانت أول دبابة ضربها الشهيد ابراهيم سليمان امام سينما رويال " سينما مصر حاليا " وكان معه البطل محمود عواد ، الذي كان هو وزملائه يشعلون النار في المدرعات بالبنزين للقضاء على امكانية استغلالها مرة أخرى او سحبها وتظل ذكرى احتلال الصهاينة قسم الاربعين يوم 24 استشهد فيه رائد شرطة محمد عاصم حمودة اثناء الدفاع عنه ونقيب نبيل محمد شرف أيضا ، وأوجه اللوم إلى وزارة الداخلية ، التي لم تكرم نقيب شرطة مازال على قيد الحياة ، هو حسن اسامة العصرة ، كان معنا في الحصار وكان يوزع علينا الكحك بيده في " عز " قصف الطائرات " في عز اليهود ما كانوا بيبرطعوا في البلد " ، هذا الجندي المجهول لابد ان تكرمه وزارة الداخلية . في نوفمبر .. بدأ الصهاينة في الانسحاب لمساكن المثلث، وحولوا المساكن لغرفة عمليات وشئون ادارية . حتى جاء 29 يناير 74 ، تم فض الاشتباك في الكيلو 101 ، في المفاوضات التي تمت بحضور الفريق محمد عبد الغني الجمسي رئيس الاركان آنذاك ، وانساحبهم من السويس في 29 يناير 1974 بعد ان جاء عد من حاخامات اليهود لآداء الصلاة على قتلاهم . سألناه عن سر تجاهل الانظمة لتكريم بعض اعضاء المقاومة الشعبية .. سكت قليلا ثم قال : كرمتنا الفاضلة جيهان السادات في اكتوبر 1974 في أول تكريم لنا ، وكان عبارة عن شهادة استثمار بعشرة جنيهات وكيلو شيكولاتة من شركة كورونا .. ولم يتم تكريمي أنا وزملائي منذ هذا الوقت إلى أن كرمنا ابن السويس لواء طيار نصر موسي في الحزب المصري الديمقراطي عام 2011 ثم كرمني حزب الحرية والعدالة في 2012 ثم الطقت عليا ميليشياتهم الخرطوش و " خرمت " قدمي عندما تظاهر ت ضدهم في 2013 ومنذ وقتها وأنا أقول " كرّموني بعدها خرّموني " ومقصدي من التكريم لم اقصد اي تكريما ما ديا لأن الغنى غنى النفس كل ما كنا نطالب به .. هو التكريمن المعنوي . وفي يوم الأربعاء 14 اغسطس حرق الاخوان ومؤيدوهم خمس مدرعات والكنيسة اليوناينة والراعي الصالح والفرنسيسكان ، تعجبت وقتها من فعلتهم ، لان اليهود أثناء الحصار لم يحرقوا كنيسة أو جامع . تعاونت أنا وأهل المنطقة و حمينا المدرعات بشارع مدرسة هلال ، ثم ذهبنا بهم للفرقة ال19 بمنطقة فيصل في حراسة اكثر من 40 رجلا وشابا ، بعدها ابلغنا العميد عاهل العربي قائد الفرقة ال19 والعميد خالد قناوي ، وابلغناه بأرقام المدرعتين وهما 3222 و3210 . وما فعلت ذلك إلا حبا في جنود أبرياء كانوا يقفون لحراسة المنشئات ، وحبا ف الجيش الثالث وقائده اللواء اسامة عسكر الذي يسير على نهج القائد السابق للجيش الثالث ورئيس الاركان الحالي الفريق صدقي صبحي . وفي نهاية حديثي اتقدم بالتحية للقوات المسلحة ولمصر ولشعب السويس الصامد البطل.