قال المؤرخ والكاتب البريطانى – الإسرائيلى، واستاذ العلاقات الدولية بكلية سانت انتونى بجامعة أكسفورد، "آفى شليم"، فى مقاله أمس بصحيفة "الجارديان" البريطانية إن اتفاقية أوسلو بين فلسطين وإسرائيل كان يمكن أن تنجح، ولكن إسرائيل استخدمتها كغطاء لمشروعها الاستعمارى فى فلسطين. وأضاف "شليم" أن الاتفاقية مضى عليها بالضبط 20 عاما منذ التوقيع عليها فى حديقة البيت الأبيض، وبرغم كل أوجه القصور والغموض فى هذه الاتفاقية، إلا أنها شكلت انفراجة تاريخية للصراع المستمر منذ قرن من الزمان بين العرب واليهود، حيث كانت أول اتفاقية بين الطرفين الرئيسيين فى الصراع وهما فلسطين وإسرائيل. ويرى الكاتب أن الاتفاقية مثلت تقدما حقيقىا فى ثلاثة محاور، الأول هو اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل، والثانى هو اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطينى، والثالث هو اتفاق الجانبين على حل الخلافات العالقة بينهما بالوسائل السلمية، مضيفا أن هذا الاعتراف المتبادل تعهد ببداية للمصالحة بين حركتين قوميتين متعاديتين بشكل كبير بعد المصافحة المترددة بين الرئيس الراحل "ياسر عرفات" و"إسحق رابين" لينتزعا تسوية تاريخية. كما أشار إلى أن نص الاتفاقية لم يتناول أى من القضايا الرئيسية فى هذا النزاع مثل القدس وحق عودة لاجئي 1948، ووضع المستوطنات اليهودية المقامة على الأراضى الفلسطينيةالمحتلة أو حدود الكيان الفلسطينى، فجميع هذه القضايا تم تأجيلها للمفاوضات فى نهاية الفترة الانتقالية التى استمرت خمس سنوات. وأضاف "شليم": ولم يذكر النص أو حتى وعد بقيام دولة فلسطينية مستقلة فى نهاية الفترة الانتقالية، حيث اعتقد الفلسطينيون أنه بتخليهم عن مطلب ال78% من فلسطين التاريخية، سيتمكنون من الحصول على دولة مستقلة عاصمتها القدس، ولكنها كانت خيبة أمل شديدة. وقال الكاتب إن الجدل يحيط باتفاقية أوسلو منذ أن رأت النور، ففى 21 أكتوبر 1993 وصف "إدوارد سعيد"، أستاذ جامعي للغة الإنجليزية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا في الولاياتالمتحدة وكان مدافعا عن حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، الاتفاقية فى مقال له فى المجلة الفكرية البريطانية "لندن ريفيو أوف بوكس" بأنها صك الاستسلام الفلسطينى، وأشار إلى أنها تنقض الشرعية الدولية وتمس الحقوق الوطنية الأساسية للعشب الفلسطينى، ولا تقدم تقرير مصير حقيقى للفلسطينيين. وفى عام 2000، كسرت اتفاقية أوسلو للسلام بعد فشل قمة كامب ديفيد واندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتى أدعى فيها الإسرائيليون أن الفلسطينيين اختاروا العودة إلى العنف، ويرى الكاتب أن العنف الفلسطينى كان عاملا مساهما لكسر الاتفاقية، ولكن السبب الرئيسى هو أن إسرائيل تراجعت عن الصفقة. وفى عام 1996، عاد حزب الليكود اليمينى إلى السلطة تحت قيادة "بنيامين نتنياهو"، ولم يقم بأى مجهود لإخفاء عدائه العميق لاتفاقية أوسلو، وقال إنها تتعارض مع حق إسرائيل فى الأمن والحق التاريخى للشعب اليهودى فى أرض إسرائيل كلها، وأمضى سنواته الثلاث كرئيس للوزراء فى محاولة ناجحة من الاعتقال والتقويض وتخريب الاتفاقات التى أبرمها أسلافه. ويرى الكاتب أن من الأسباب المدمرة بشكل خاص لاتفاقية السلام هو سياسة توسيع المستوطنات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة، مشيرا إلى أن هذه المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولى وتشكل عقبة فى طريق السلام. وقال إن ما يسمى بالحاجز الأمنى الإسرائيلى الذى يتم بناؤه على الضفة الغربية من عام 2002 يتعدى على الأراضى الفلسطينية، وأكد أن أوسلو كانت فى جوهرها اتفاقية الأرض مقابل السلام، من خلال توسيع المستوطنات، مشيرا على أن جميع الحكومات الإسرائيلية وحزب الليكود ساهموا بشكل كبير فى انهيار الاتفاقية.