تنسيق الجامعات 2025.. الكليات المتاحة لطلاب الأدبي في المرحلة الأولى    توقف جزئي ب «جزيرة الدهب».. مصدر يكشف سبب انقطاع المياه في محافظة الجيزة    شريان الحياة من مصر | شاحنات المساعدات تصطف أمام معبر رفح تمهيدًا لدخولها إلى غزة    تحالف بقيادة قوات الدعم السريع يعلن تشكيل حكومة موازية في السودان    القنوات الناقلة ل مباراة برشلونة وفيسيل كوبي الودية.. وموعدها    رغم سفره مع بيراميدز في معسكر الإعداد للموسم الجديد.. سيراميكا كليوباترا يعلن ضم فخري لاكاي    القصة الكاملة لحادث انهيار منزل في أسيوط    درجة الحرارة 47.. إنذار جوي بشأن الطقس والموجة الحارة: «حافظوا على سلامتكم»    احمِ نفسك من موجة الحر.. 8 نصائح لا غنى عنها لطقس اليوم    الخامسة في الثانوية الأزهرية: «عرفت النتيجة وأنا بصلي.. وحلمي كلية لغات وترجمة»    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    الدفاع الروسية: إسقاط 12 مسيّرة أوكرانية خلال ساعات الليل    دقيق وسكر ومعلبات.. جيش الاحتلال يبدأ إسقاط مساعدات إنسانية على غزة (فيديو)    الجنرال الصعيدي.. معلومات عن اللواء "أبو عمرة" مساعد وزير الداخلية للأمن العام    لطيفة تعليقًا على وفاة زياد الرحباني: «رحل الإبداع الرباني»    «حريات الصحفيين» تعلن دعمها للزميل طارق الشناوي.. وتؤكد: تصريحاته عن نقابة الموسيقيين نقدٌ مشروع    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    أمين الفتوى: الأفضل للمرأة تغطية القدم أثناء الصلاة    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    إصابة 11 شخصًا بحادث طعن في ولاية ميشيغان الأميركية    عيار 21 بعد الانخفاض الكبير.. كم تسجل أسعار الذهب اليوم الأحد محليًا وعالميًا؟    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 27 يوليو 2025    محافظ الدقهلية يتدخل لحل أزمة المياه بعرب شراويد: لن أسمح بأي تقصير    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    عكاظ: الرياض لم يتلق مخاطبات من الزمالك بشأن أوكو.. والمفاوضات تسير بشكل قانوني    نيجيريا يحقق ريمونتادا على المغرب ويخطف لقب كأس أمم أفريقيا للسيدات    وسام أبو علي يودع جماهير الأهلي برسالة مؤثرة: فخور أنني ارتديت قميص الأهلي    عطل مفاجئ في محطة جزيرة الذهب يتسبب بانقطاع الكهرباء عن مناطق بالجيزة    5 أسهم تتصدر قائمة السوق الرئيسية المتداولة من حيث قيم التداول    "مستقبل وطن المنيا" ينظم 6 قوافل طبية مجانية ضخمة بمطاي.. صور    سم قاتل في بيت المزارع.. كيف تحافظ على سلامة أسرتك عند تخزين المبيدات والأسمدة؟    خلال ساعات.. التعليم تبدأ في تلقي تظلمات الثانوية العامة 2025    مصرع شخصين وإصابة 2 آخرين في حادث تصادم دراجة بخارية وتوك توك بقنا    أعلى وأقل مجموع في مؤشرات تنسيق الأزهر 2025.. كليات الطب والهندسة والإعلام    قبل كتابة الرغبات.. كل ما تريد معرفته عن تخصصات هندسة القاهرة بنظام الساعات المعتمدة    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    تامر أمين يعلّق على عتاب تامر حسني ل الهضبة: «كلمة من عمرو ممكن تنهي القصة»    نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم لمعهد ناصر ووزارتا الثقافة والصحة تتابعان حالته الصحية    مستشفى بركة السبع تجري جراحة طارئة لشاب أسفل القفص الصدري    بدء المؤتمر الجماهيري لحزب "الجبهة الوطنية" في المنوفية استعدادًا لانتخابات الشيوخ 2025    ماكرون يشكر الرئيس السيسى على جهود مصر لحل الأزمة فى غزة والضفة الغربية    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابات جراء قصف الاحتلال شقة سكنية في غزة    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    "الخارجية الفلسطينية": العجز الدولي عن معالجة المجاعة فى قطاع غزة غير مبرر    وزير الثقافة: نقل الكاتب صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق الصحة    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    القاهرة وداكار على خط التنمية.. تعاون مصري سنغالي في الزراعة والاستثمار    وفاة وإصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل داخل ترعة بقنا    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق بمنزل في البلينا بسوهاج    جامعة الجلالة تُطلق برنامج "التكنولوجيا المالية" بكلية العلوم الإدارية    5 أبراج «يتسمون بالجشع»: مثابرون لا يرضون بالقليل ويحبون الشعور بمتعة الانتصار    البنك الأهلي يعلن رحيل نجمه إلى الزمالك.. وحقيقة انتقال أسامة فيصل ل الأهلي    سيدة تسبح في مياه الصرف الصحي دون أن تدري: وثقت تجربتها «وسط الرغوة» حتى فاجأتها التعليقات (فيديو)    عاجل- 45 حالة شلل رخو حاد في غزة خلال شهرين فقط    حلمي النمنم: جماعة الإخوان استخدمت القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها    تقديم 80.5 ألف خدمة طبية وعلاجية خلال حملة "100 يوم صحة" بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هشام أبو المكارم يكتب : ليلة أن قررت ” أمن الدولة ” تعيين رئيس لحزب الأحرار !
نشر في البديل يوم 29 - 05 - 2011

لست بحاجة الي التفتيش في وثائق أمن الدولة التي انفجرت في وجوهنا بعد حرق مقار الجهاز لكي أثبت صحة هذه القصة فقد كنت شاهدا علي تفاصيلها .. كما أنني لا أملك تفسيرا منطقيا لما سأرويه لأن غالبية ما كنا نراه علي الساحة السياسية في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك كنا نعجز عن التوصل الي تفسيرات منطقية بشأنه !
* * *
ذات ليلة من ليالي عام 2005 اتصل بي صديق يشغل موقعا قياديا في حزب الأحرار وتمتد صداقتي به الي ما قبل ذلك بسنوات عندما كنت أعمل صحفيا بصحيفة الحزب خلال الفترة من 1994 وحتي 1997 .. كان صديقي يدعوني الي حضور المؤتمر العام للحزب الذي سيعقد في قاعة المؤتمرات بمدينة نصر .. وجاءت دعوته علي خلفية مشروع مشترك لإصدار صحيفة كنا نخطط له سويا ..
قبلت الدعوة وفي صباح اليوم المحدد للمؤتمر صحبني صديقي في سيارته الي قاعة المؤتمرات .. لاحظت اثناء دخولنا وجودا مكثفا لرجال الأمن الذين لا يكتفون بتأمين القاعة لكنهم – وهذا ما أثار فضولي – كانوا يستوقفون كل سيارة ليعرفوا هوية ركابها ويسألونهم عن القيادة الحزبية التي يتبعونها من بين قيادات الحزب المتنازعين علي منصب الرئيس !
جلست في القاعة وبدأت وقائع المؤتمر بكلمات الحضور .. ثم تلا ذلك إعلان التشكيل الجديد لقيادات الحزب وفقا لما اقره المؤتمر العام .. ولو أن صديقي لم يرو لي فيما بعد تفاصيل القصة لصدقت أنني بالفعل حضرت المؤتمر العام ولخرجت مقتنعا بأن هناك مؤتمرا وأعضاء وقيادات وقرارات وخلافه .. فماهي القصة الحقيقية إذن ؟
ما حدث أن مباحث أمن الدولة قررت فجأة أن تتدخل لتعيين رئيس لحزب الأحرار المعارض بعد أن دخل في دوامة من النزاعات والصراعات استمرت لسنوات عقب وفاة رئيسه ومؤسسه مصطفي كامل مراد وأدت الي تجميد نشاطه وإغلاق مقراته ..
كان عدد المتنازعين علي رئاسة الحزب قد جاوز في ذلك الوقت عشرة أشخاص بعضهم من القيادات الحزبية والبعض الآخر من الصحفيين العاملين في جريدة الأحرار .. وحدث أن تم استدعاء جميع المتنازعين الي مقر مباحث أمن الدولة باستثاء أربعة منهم .. ووفقا لرواية محدثي اجتمع المتنازعون مع قيادات أمن الدولة وفوجئوا بطلب صريح وواضح وعاجل بحل أزمة الحزب .. وقد ظن الحاضرون أن ما يحدث هو مجرد اجراء عادي ربما يعكس رغبة الدولة في الحفاظ علي حزب الأحرار بوصفه أحد دعائم الديكور الديمقراطي الذي يحرص النظام علي وجوده رغبة منه في تجميل وجهه لا سيما وأن ما أرويه لكم حدث قبل شهور من اجراء الانتخابات الرئاسية في عا م 2005 ..
لم تضيع القيادات الأمنية وقتا في النقاش .. كان هناك تصور معد سلفا ليس علي المتنازعين سوي القبول به وتنفيذه .. يقضي هذا التصور بأن يتولي الأستاذ حلمي سالم موقع رئيس الحزب بينما تتوزع المناصب الأخري ليحصل كل متنازع علي أحد المواقع الحزبية المهمة .. وبعد أن طرحت القيادات الأمنية تصورها طلبت من الحاضرين أن يتم عقد مؤتمر عام للحزب يتولي إقرار هذا التصور وتحويله الي قرارات واجبة التنفيذ مع وعد صريح بأن تقر لجنة شئون الأحزاب بمجلس الشوري ما سيصدر عن المؤتمر العام للحزب من قرارات ويتم الإفراج عن أرصدة الحزب في البنوك وفتح مقراته .. وتضمنت تعليمات مباحث أمن الدولة أن يكون من بين قرارات المؤتمر العام للحزب فصل عدد من المتنازعين علي رئاسته أذكر منهم المحامي طلعت السادات والكاتب الصحفي سليم عزوز والكاتبة ليلي عبدالسلام !
لاقي هذا التصور موافقة المتنازعين بالطبع وطلبوا مهلة يتمكنوا خلالها من التحضير لعقد المؤتمر العام لكن كانت المفاجأة أن القيادات الأمنية أخبرتهم بأن المؤتمر لابد وأن ينعقد صباح اليوم التالي بل وزادوا علي ذلك أن الجهاز قد حجز لهذا الغرض قاعة المؤتمرات وهي جاهزة لاستقبال أعضاء المؤتمر العام في العاشرة من صباح اليوم التالي !
ووفقا لرواية صديقي – أحد الحاصلين علي موقع حزبي بمقتضي قرارات المؤتمر العام التي لم تكن قد صدرت بعد – فإن قيادات الحزب خرجوا يضربون أخماسا في أسداس ويتشاورون فيما بينهم حول الطريقة التي تمكنهم خلال ساعات الليل من حشد عدد كاف من الأشخاص يصلحون لتمثيل دور أعضاء المؤتمر العام .. وهداهم تفكيرهم الي تقسيم المهمة علي أنفسهم فيكون كلا منهم مسئولا عن إحضار عدد معين بحيث تبدو القاعة أمام كاميرات الصحف مقنعة وموحية بحضور حاشد من جانب جماهير الحزب في المحافظات .. ولأن الوقت ضيق ولا يتسع لاستدعاء جماهير الحزب – إن كان لها وجود في الواقع – قرروا جميعا أن يلجأوا الي حشد أقاربهم وأصدقائهم .. بل واضطر بعضهم الي استئجار عدد كبير من عمال التراحيل مقابل يومية قدرها 20 جنيها تشاركت قيادات الحزب في دفعها تأكيدا لصدق الانتماء ووحدة المصير .. وهذا بالطبع يفسر إلحاح صديقي في دعوتي للحضور وأنا الذي ظننت – لسذاجتي – أن حرصه علي حضوري سببه الاستفادة من خبراتي السياسية وتصوراتي المستقبلية للحياة الحزبية .. كما أن رواية صديقي كشفت لي سر إصرار رجال الأمن علي التأكد من هوية الداخلين الي القاعة حتي لا يتسرب الي المؤتمر أحد من أنصار المتنازعين الذين صدرت التعليمات بفصلهم !
* * *
جلست في القاعة التي امتلأت عن آخرها بالمواطنين وعلمت فيما بعد أن عددا منهم جاء لتوه من منطقة الطوابق بشارع فيصل حيث يتجمع عمال البناء والقادمون من الأقاليم بحثا عن عمل باليومية ..
وجاء الدور علي الأستاذ حلمي سالم رئيس الحزب ليلقي كلمته واستقبلته الجماهير بعاصفة من التصفيق .. تحدث الرجل فأسهب في طرح تصوراته للعمل الحزبي خلال المرحلة المقبلة .. وطالب الجماهير المحتشدة بالالتفاف حول الحزب ودعمه .. وبينما يلتقط المصورون الصور لرئيس الحزب وجماهيره لاحظت أن شيئا من التوتر قد أصاب قيادات الحزب وراحوا يتهامسون فيما بينهم والقلق يكسو ملامحهم .. اقتربت من أحدهم فسمعته يهمس لمحدثه بما يفهم منه أن هناك من اتصل تليفونيا يستعجلهم لأن الساعة تقترب من الواحدة ظهرا ..
تطوع احد القادة المتوترين بكتابة رسالة قصيرة ارسلها الي المنصة ووضعت أمام الأستاذ حلمي سالم .. قرأها فتغيرت ملامحه علي الفور وراح يلملم خيوط حديثه وما هي إلا دقائق حتي اختتم كلمته ودوت القاعة بتصفيق حاد ..
ركبت السيارة مع صديقي الذي منحه المؤتمر العام منصبا حزبيا مهما وفقا لما تم الاتفاق عليه في مقر جهاز أمن الدولة .. في السيارة كان التنسيق بين قيادات الحزب يتم عبر الهواتف المحمولة .. فهمت من أحاديثهم أن الموظفين في لجنة شئون الأحزاب ينتظرون وصول قرارات المؤتمر العام .. كانت الساعة تقترب من الثانية ظهرا .. وفجأة تذكر صديقي أنهم في غمرة الارتباك وضيق الوقت لم يحضروا خاتم الحزب الذي من المفترض أن يوضع علي الأوراق قبل تسليمها الي لجنة شئون الأحزاب بمجلس الشوري .. زاد التوتر بالطبع .. قررت احدي السيارات تغيير مسارها والانطلاق في مهمة سريعة وعاجلة لإحضار خاتم الحزب ..
وصل الموكب الي شارع القصر العيني .. الاتصالات لا تتوقف بين المجموعة التي فازت بثقة المؤتمر العام والسيارة التي تسابق الزمن حاملة خاتم الحزب وظل الجميع علي توترهم حتي حضرت السيارة وتم ختم الأوراق وانطلق وفد من الحاضرين حيث وجدوا المسئولين بلجنة شئون الأحزاب في انتظارهم رغم انتهاء مواعيد العمل الرسمية ليتسلموا الأوراق ...
انتهت الرحلة وعدت الي منزلي ومشاعري خليط من الدهشة والحسرة .. وفي اليوم التالي أذاع التليفزيون المصري في نشرة السادسة خبرا عن اجتماع لجنة شئون الأحزاب التي قررت اعتماد قرارات المؤتمر العام لحزب الأحرار والاعتداد بالأستاذ حلمي سالم رئيسا للحزب !!
* * *
هكذا كانت الحياة السياسية تدار في عهد النظام السابق ومع ذلك فإننا للأسف لا نملك قانونا نحاكمهم بمقتضاه بتهمة الفساد السياسي وبالتالي صارت التهمة الشائعة لرموز هذا النظام هي الاستيلاء علي أراضي الدولة رغم أنهم جرفوا الدولة ذاتها !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.