يرى محللون صينيون أن الأزمة الحالية التى تشهدها مصر، وهى الراعي الوحيد للمصالحة الفلسطينية، مع بدء المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل وسط الخلافات المتفاقمة بين حركة التحرير الوطني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يعمقان الانقسام الفلسطيني ويخيمان بظلالهما على إمكانية إحلال سلام حقيقي في الشرق الأوسط. ورأت وكالة الأنباء الصينية شينخوا أنه بغياب مصر راعي المصالحة، فتفاقمت الخلافات: "انتفاضة الشعب المصري شكلت زلزالا هز المنطقة بأكملها وأثر على كافة الأمور بما فيها القضية الفلسطينية"، هكذا صرح عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية، في مقابلة مع وكالة الأنباء "شينخوا" مؤخرًا. وأشار الأحمد إلى أن الأحداث التي تشهدها مصر، راعي المصالحة الفلسطينية وأكبر البلدان العربية سكانًا والمرتبطة جغرافيا بقطاع غزة وتاريخيا بالقضية الفلسطينية، "أوقفت دورها كوسيط بين حركتي فتح وحماس لتحقيق المصالحة الفلسطينية". وفي هذا الصدد يرى المحلل الصيني ما شياو لين، الخبير في شئون الشرق الأوسط، أنه في ظل انقسام فلسطين إلى قطاع غزة والضفة الغربية، تؤثر حماس إلى حد كبير في صنع القرار الخاص بالقضية الفلسطينية بشكل عام رغم أنها لا تعترف أصلا بسلطة "الرئيس الفلسطيني محمود عباس"، وثمة خلافات في مجالات كثيرة بين الجانبين. وأضاف أن من الصعب تحقيق المصالحة خاصة في غياب الراعي مصر، والتي توسطت لوقت طويل بين الجانبين"، مؤكدًا أن "غياب مصر كوسيط في المصالحة يعود في المقام الأول إلى انشغالها بالوضع الداخلي". وعلقت شينخوا أنه مع تأزم الوضع في أرض الكنانة، أصبحت الخلافات بين فتح وحماس أكثر وضوحًا، ومؤخرا، وجهت حماس اتهاما لفتح بالتورط فيما اعتبرته "حملة تحريض ضدها في وسائل الإعلام المصرية"، الأمر الذي نفته فتح واعتبرته "أكاذيب". ووفقًا لمحللين صينين ل"شينخوا" أصبحت حماس شبه منعزلة: فقدت الحركة حليفا قويا بسقوط نظام الرئيس ذي التوجه الإسلامي مرسي في "شقيقة العرب الكبرى" مصر في حين تعثرت علاقاتها مع كل من إيران وسوريا وحزب الله، ولذا أصبحت حماس شبه منعزلة. ويعتقد ووبينغ بينغ، المحلل السياسي ونائب مدير قسم اللغة العربية بجامعة بكين، أن "حماس، التي يشار إليها على أنها فرع من جماعة الإخوان المسلمين، تمتعت خلال السنة الماضية بعلاقات وثيقة مع الحكومة المصرية، ولعب الرئيس المعزول مرسي وجماعة الإخوان المسلمين المصرية دورا مهما في فتح معبر رفح بشكل شبه دائم وتحسين أوضاع غزة ودفع تحقيق الهدنة بين حماس وإسرائيل بعدما شنت الأخيرة عملية عسكرية في غزة، ولذا، يعد إسقاط مرسي ضربة شديدة لحماس". وقال وو إن "حماس تواجه حاليا عزلة غير مسبوقة في الشرق الأوسط، حيث إنه بالإضافة إلى تغيير النظام في مصر، فقدت حماس حلفاء تقليديين مثل سوريا وإيران على خلفية موقفها من الأزمة السورية". ويرى تيان ون لين، المحلل السياسي في المعهد الصيني للعلاقات الدولية المعاصرة، إن "تغيير النظام في مصر ساعد في رفع مكانة فتح، إذ من المحتمل ألا تركز السلطات الجديدة في هبة النيل على تطوير العلاقات مع حماس وتوثيقها مثلما فعل مرسي قبل ذلك". وفى نفس السياق تصاعدت الآمال في إمكانية التوصل إلى مصالحة وتسوية القضية الفلسطينية بعدما وقعت حركتا فتح وحماس على اتفاقات للمصالحة في كل من القاهرة في ابريل ومايو 2011، وفي الدوحة في فبراير 2012، ولكن هذه الاتفاقات ظلت حبرا على ورق، وبالتالي تبددت الآمال في تحقيق المصالحة وبالأخير في إحلال سلام حقيقي. ويرى خبراء صينيون أن الأزمة المصرية وتفاوض حركة فتح مع إسرائيل بدون موافقة حماس تسببا في تعميق الانقسام الفلسطيني وبالتالي تقويض أفق تحقيق السلام على الأرض. وذكر لي قوه فو، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد الصين للدراسات الدولية، أن استئناف المحادثات ودفع عملية السلام يواجهان صعوبة كبرى في ظل تدهور الأوضاع في مصر نظرا لأهميتها بالنسبة للقضية الفلسطينية. وأوضح لي أن "حل القضية الفلسطينية يعتمد بدرجة كبيرة على قوى خارجية وأهمها مصر لما لها من مكانة في العالم العربي ولما لها من دور قديم في عملية السلام ". وأضاف لى وبينما دعت قيادات حماس حركة فتح إلى "الاختيار بين المصالحة مع الاحتلال أو الشعب الفلسطيني"، صرح مسئولون في فتح بأن "فرصة حماس النهائية لرأب الصدع الفلسطيني ستكون في الرابع عشر من الشهر القادم (أغسطس الجاري)"، وهو الموعد المقرر لتشكيل حكومة توافق وطني بالتوازي مع الإعلان عن موعد لانتخابات رئاسية وتشريعية في نهاية العام، يبدو أن الجانبين يصران على السير في طريقين مختلفين وعدم الالتقاء عند أية نقطة على الأمد القريب.