قالت مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية: فى الوقت الذى دخل فيه الجيش المشهد المصرى، كانت المقارنات مع التاريخ التركى القريب من التدخل العسكرى لا مفر منه، فمهلة ال48 ساعة التى قدمها المجلس الأعلى للقوات المسلحة للرئيس المعزول "محمد مرسى" أثار مقارنات مع انقلاب 1971 فى تركيا والمعروف باسم "انقلاب المذكرة"، ولفت مراقبون آخرون الانتباه إلى انقلابى 1960 و1997 فى نفس البلد. وأضافت المجلة أنه فى الحالات الثلاث، أعاد الجيش السلطة إلى القوى المدنية بعد التدخل، تماما كما فعل المجلس العسكرى فى مصر بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع "حسنى مبارك"، كما تعهدت مؤخرا أن تفعل ذلك مرة أخرى. وتابعت المجلة أن هناك سابقة أقبح للمقارنة مع المسار السياسى المصرى تتمثل فى السودان، فتاريخ مصر مؤخرا يوازى التطورات فى السودان فى منتصف ثمانينيات القرن الماضى بدقة ملحوظة، مشيرة إلى أن قصة السودان فى هذه الفترة تعد تذكرة قوية بأن الانقلابات تمثل دائما تحولا ليس قصيرا نحو ديمقراطية مستقرة. ففى 25 مايو 1969، استولى "جعفر نميرى"، على السلطة فى العاصمة الخرطوم فى انقلاب عسكرى، وعلى مدى 16 عاما، حكم السودان بنفس طريقة "مبارك" فى مصر بداية من 1981، حيث اتسم بالغلظة ولكن أيضا بالعلمانية، واستوعب حلفاءه الغربيين. وكما كان يواجه "مبارك" الإخوان المسلمين فى مصر، واجه "نميرى" علاقات عدائية علنية من حزب الأمة الإسلامى، وجاءت ذروة هذه العلاقات فى عام 1970 عندما أمر "نميرى" بهجوم – مع دعم جوى من مصر – أسفر عن مقتل 12,000 من المسلحين من مؤيدى الحزب فى القاعدة الروحية للحزب فى جزيرة آبا. ومع ذلك، كان للقمع السياسى فى نهاية المطاف النسبة الأقل فى سقوط "نميرى" حيث كانت سوء الإدارة للاقتصاد السودانى النصيب الأكبر، فخلال فترة ولايته، ارتفعت معدلات التضخم والبطالة، وكان الاستثمار الأجنبى باهتا، وبحلول عام 1979، كان إجمالى الناتج القومى المحلى ينكمش بأكثر من 5 % سنويا، إلا أنه بدأ فى الارتفاع مرة أخرى بعد سنوات قليلة. وارتفع التضخم إلى 40 % فى عام 1985، عندما أعلن "نميرى" إلغاء دعم المواد الغذائية والنفط لسداد الديون للأجانب، بما في ذلك صندوق النقد الدولى، لتندلع الاحتجاجات فى الخرطوم بعد ذلك بوقت قصير، حيث خرج قطاع كبير يتضمن أساتذة وطلبة الجامعات والعمال والنشطاء النقابيين إلى الشوراع مطالبين بالإطاحة ب"نميرى". وقالت المجلة إن هذا بالضبط هو نوع المشاكل الاقتصادية التى دفعت المظاهرات المصرية فى 2011، وبحلول وقت الإطاحة ب"مبارك"، 80 % من المصريين تم تقييم أوضاعهم الاقتصادية بأنها سيئة، والفقر فى ازدياد مع وجود واحد من بين أربعة مصريين يعيش تحت خط الفقر. ووفقا للبنك الدولى، ارتفع معدل التضخم إلى 18 % فى عام 2008، مما ساعد على ارتفاع أسعار السلع الأساسية – خاصة القمح – على الرغم من الدعم الحكومى بمليارات الدولارات، وبحلول عام 2011، أكثر من نصف عدد السكان يتمثل فى الأعمار الأقل من 24 عاما، و87 % من السكان عاطلين، مما يجعله أمرا غير مفاجئ أن تقود تلك المجموعة السكانية المظاهرات التى أطاحت ب"مبارك". واضافت المجلة أن كلا الثورتين – مصر 2011، والسودان 1985 – والانقلابات بعدها حملا الوعد بمستقبل أكثر ديمقراطية، ومع ذلك، عندما تقوم المجالس العسكرية - الناتجة عن انقلابات ديمقراطية – بتسليم السلطة لحكومة مدنية، تواجه تلك الحكومات صعوبة فى معالجة المظالم التى مكنت الانقلاب فى المقام الأول، حيث كانت النتيجة فى مصر إلى دورة أخرى من المظاهرات الشعبية. واختتمت المجلة أن هناك أسبابا للتفاؤل الحذر من قصة مصر والسودان، فالفريق "عبد الفتاح السيسى" لم يستول على السلطة مثل "عمر البشير"، الذى يحمل كل المناصب الكبرى فى المرحلة الانتقالية للسودان، وتشير الأدلة الإحصائية إلى أن الاحتجاجات الجماهيرية غير العنيفة التى أظهرها المصريون تعتبر مؤشرا على التحول الديمقراطى، فهذه الاحتجاجات نجحت فى تقويض شرعية الأنظمة الاستبدادية وتعزيز المواطنة.