وصف خبراء الاقتصاد سياسات نظام جماعة الإخوان المسلمين السابق، بأنها كانت خاطئة ولم تلب متطلبات الآلاف ممن انتخبهم، لافتين إلي أن الأوضاع الاقتصادية في ظل حكمهم ازدادت سوءا، نظرا لافتقادهم الخبرة في معالجة ما طرأ علي الدولة عقب ثورة 25 يناير من تغييرات سياسية وأمنية انعكست بشكل أساسي علي الملف الاقتصادي، خاصة بعد انخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل زيادة أسعار الدولار ليقترب من 7 جنيهات وزيادة معدلات البطالة في مصر، لتصل إلي 13.2%خلال الربع الأول من العام الجاري، طبقا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، نظرا لإغلاق أكثر من 4آلاف مصنع ومنشآة صغيرة عقب الثورة بسبب سوء الأحوال الاقتصادية، وأخيرا أزمة الوقود التي ضربت البلاد مطلع العام الحالي بسبب عمليات التهريب إلي السوق السوداء، معتبرين أن كل تلك العوامل كانت السبب في حدوث ثورة 30 يونيو التي أزالت حكم الجماعة. وقال الدكتور صلاح العمروسي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة والخبير الاقتصادي، إن السياسات الاقتصادية الخاطئة لجماعة الإخوان لم تكن متعمدة إلا أنها افتقدت الخبرة إلي جانب إيمانهم بسياسيات اقتصاد السوق والاعتماد علي البنك الدولي وصندوق النقد لحل الأزمة الاقتصادية بجانب القروض الخارجية دون الاعتماد علي الخطط الإنتاجية التي تدفع بالاقتصاد الوطني للأمام. وأشار "العمروسي" إلي أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر كانت وشيكة الحدوث في عصر "مبارك" ولكن ثورة يناير هي التي عجلت بحدوث تلك الأزمة، لافتا إلي أن حكم الإخوان المسلمين اعتمد بشكل أساسي علي وجود أشخاص في كل مفاصل الدولة ينتمون لحزب الحرية والعدالة دون أن تكون لديهم الخبرة لتولي بعض المناصب القيادية. ولفت "العمروسي" إلي أن جزء من الأزمات الاقتصادية التي شهدتها البلاد ترجع لبعض المحاولات في أخونة المؤسسات المختلفة بالدولة بما فيها القطاعات الاقتصادية ونقص خبرتهم الفنية، رغم حصول البعض منهم علي درجة الأستاذية والشهادات العلمية الكبري، إلا أن جماعة الإخوان كانت منغلقة علي نفسها ولا تسمح بوجود الكفاءة خارج صفوفها أو ممن ينتمون إليها. وأضاف أن جماعة الإخوان لم تحقق أية إنجازات علي المستوي الاقتصادي أو تطبيق العدالة الاجتماعية، خاصة بعد التعديلات الضريبية الأخيرة التي تم اقتراحها من مؤسسة الرئاسة، إلا أنه تم الغاؤها لما سببته من جدل في المجتمع المصري، بالإضافة إلي ارتفاع الأسعار غير المبرر لبعض السلع، خاصة الضروري منها. وأوضح "العمروسي" أن الأسباب الحقيقية لإغلاق أكثر من 4 آلاف مصنع ليس بسبب التعثر المادي فقط، ولكن بسبب عدم وجود السلع الوسيطة والخامات لقدرتها علي الإنتاج ومنافستها للسلع الأجنبية التي ترد من الخارج وبأسعار مخفضة. وتابع: هناك مشكلة أخري تسببت فيها جماعة الإخوان تتمثل فى عمليات تهريب المحروقات من سولار وبنزين ومازوت إلي السوق السوداء، مما تسبب في وجود أزمة بالسوق المصري وإصابة الشوارع بالشلل المروري؛ نظرا لتكدس طوابير السيارات أمام محطات الوقود بالساعات، الأمر الذي يجعل المحطة الواحدة غير قادرة علي تغطية كل السيارات الموجودة أمامها، مما يتسبب ذلك في حدوث مشاجرات قد تصل بعضها لجرائم. واقترح "العمروسي" مجموعة من الحلول لتجاوز الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر، أهمها أن يكون للدولة تواجد كثيفا في إدارة المشروعات، بالإضافة إلي وضع ميزانية محددة للنقد الأجنبي والميزان التجاري، من خلال عدم تداول وسائل النقد بصورة حرة ووضع بدائل للمنتجات التي يتم استيرادها كنوع من ترشيد وسائل النقد الأجنبي وبما يخدم المصانع والأسواق المصرية. وطالب بضرورة توافر السلع والخامات الوسيطة، والبدء في إعادة بناء المصانع وتطويرها بما يساعد علي إعادة دورات العجلة الاقتصادية، لافتا إلي ضرورة البدء أيضا في إجراء تعديلات تشريعية تخص القوانين الاقتصادية، كقانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بما يسمح للدولة التدخل وفرض أسعار محددة لبعض المنتجات، حتي لا يسمح ذلك لبعض التجار برفع الأسعار علي المستهلكين. وفى نفس السياق، قال الدكتور رضا العدل، استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن إدارة الملف الاقتصادي في عهد الإخوان لم يكن به أي فكر سواء للاستثمار أو حتي عمل شركات قطاع الأعمال العام، لافتا إلي أن النظم التي اتبعها الإخوان المسلمين هى نفس أساليب المالية العامة في التقشف وزيادة الضرائب وارتفاع الأسعار وإغلاق المصانع، والتي أنذرت بوضع كارثي وكانت نتيجة لثورة 30 يونيو المكملة لثورة 25 يناير. وأشار "العدل" إلي أن توزيع المناصب علي المنتمين للجماعة وحزب الحرية والعدالة كوزارة الاستثمار، كانت بحسب الأماكن الخالية للوزارات والجهات الإدارية، ف" الاستثمار" مثلا لم تكن لها أية رؤية؛ نظرا لنقص خبرة الوزير الإخواني يحيي حامد. وأضاف "العدل": بسبب تلك السياسيات كان من البديهي أن يتم خفض التصنيف الائتماني للبلاد من قبل عدد من المؤسسات المالية الدولية كمؤسسات فيتش، موديز، وستاندرد آند بورز، لأكثر من مرة كانت ما بين B-و C-، نظرا لتردي الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد، مرحجا أن ذلك ربما كان سبب في تعطل مفاوضات قرض صندوق النقد الدولي الذي ترغب مصر في الحصول عليه لتمويل الفجوة التمويلية التي تقدر بأكثر من 200 مليار جنيه بموازنة العام المالي الجاري 2013/2014. ولفت "العدل" إلي أن حل الأزمة التي تشهدها مصر قبل أي شىء يتمثل في استعادة الأمن والاستقرار السياسي، معتبرا أن هذين العاملين يعدان البوابة الرئيسية للاستقرار الاقتصادي، بالإضافة إلي الإسراع في تشكيل حكومة انتقالية جديدة لتجاوز تلك الظروف والبدء في بناء البلاد. من جهته، قال هاني الحسيني، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع، إن الإخوان المسلمين اهتموا بالسيطرة علي كل مفاصل الدولة وتفكيكها علي حساب ما وعدوا به الشعب المصري في الحياة الكريمة وانتخابهم لميولهم الدينية واعتقاد المواطنين بأنهم سيحققون طموحاتهم ويرفعوا مستوي المعيشة للافضل، فما يعنيهم كان تطبيق الخلافة. وأضاف "الحسيني" أن جماعة الإخوان لم تهتم بالمشروعات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة والوقوف إلي جوارهم وتسوية أوضاعهم المالية، خاصة أن ذلك القطاع يشكل أكثر من 60% من الاقتصاد المصري الأمر الذي تسبب في زيادة معدلات إغلاق تلك المشروعات حتي بعد حدوث ثورة 25 يناير؛ نظرا لارتفاع اسعار الطاقة والخامات المستخدمة في الإنتاج بجانب ركود الأسواق بعد تشجيع الاستيراد من دول لها مصالح مهم مثل تركيا. وأوضح "الحسيني" أن رجال أعمال جماعة الإخوان المسلمين لم يكونوا صناعا بل كانوا وسطاء تجاريين، وبالتالي فإن الاقتصاد المصري لا يقوم علي الواسطة التجارية فقط بل يتمد ليشمل الصناعة والزراعة، وجماعة الإخوان لم تقوم بذلك واهتمت فقط بالتجارة والاستيراد من الخارج، الأمر الذي تسبب في إهدار الاحتياطي النقدي للدولة في غضون شهور قليلة.