هام للطلاب.. موعد و قواعد تقليل الإغتراب 2025 بعد اعتماد نتيجة تنسيق المرحلة الثانية "الرابط المباشر"    غدًا.. «الوطنية للانتخابات» تعلن نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    صادرات الغزل والنسيج ترتفع إلى 577 مليون دولار في النصف الأول من 2025 بنمو 7%    محافظ الإسماعيلية يهنئ رئيس هيئة قناة السويس بتجديد الثقة    نائب رئيس جمعية مستثمري مرسى علم يكشف أسباب ارتفاع نسب الإشغالات السياحية بموسم الصيف    «عامان من التضليل».. المصري اليوم تتبع أبرز محطات الجيش الإسرائيلي لتبرير اغتيال أنس الشريف    «ده وقت الحساب».. والد زيزو يتوعد جماهير الزمالك    عاد للتدريب المنفرد .. الإسماعيلي يكشف تطورات إصابة محمد حسن    إرشادات حضور عمومية الإسماعيلي لسحب الثقة من مجلس الإدارة    حبس البلوجر "لوشا" لنشره محتوى خادشا ومشاهد عنف على مواقع التواصل الاجتماعي    وليد عبدالعزيز يكتب: ظواهر سلبية تحتاج إلى إجراءات مشددة الطريق ملك للجميع.. والاستهتار في القيادة نتائجه كارثية    وزارة الرياضة تعلن الكشف عن المخدرات| تشمل "الاولمبية والاتحادات والأندية واللاعبين"    الإعدام للمتهم بقتل شاب لسرقة دراجته النارية في الواحات البحرية    أمير كرارة: لا منافسة بيني وبين السقا وكريم.. المهم موسم سينمائي يليق بالجمهور    نور الشريف.. أداء عبقرى خطف القلوب من السيدة زينب إلى قمة الفن العربي    أبرزهم تارا عماد وهنا شيحة.. نجوم الفن يتوافدون على العرض الخاص لفيلم درويش    "الأخضر" في إطلالة آيتن عامر... رسالة بالأناقة والحيوية في موسم الصيف    لكل ربة منزل.. تعرفى على فوائد الماكريل    الشاي الأخضر.. مشروب مفيد قد يضر هذه الفئات    اللاعب لا يمانع.. آخر تطورات انتقال باليبا إلى مانشستر يونايتد    "من بريق موناكو إلى سحر بورسعيد".. المصري يتعاقد مع كيليان كارسنتي    بعد تعافيه من الإصابة.. بافلوفيتش يعود لتدريبات بايرن ميونخ    محافظ الأقصر يبحث رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية مع وفد الصحة    قيادات تعليم السويس تودّع المدير السابق بممر شرفي تكريمًا لجهوده    تعاون مصري- إيفواري في مجالي الصناعة والنقل وبحث إقامة مناطق لوجستية مشتركة    يسري الشرقاوي: القطاع الخاص آمن بمبادرة التيسيرات الضريبية    غدًا.. انطلاق المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء بمشاركة علماء من دول العالم    عمرو يوسف ودينا الشربيني يحتفلان بالعرض الخاص لفيلم درويش    في ذكرى رحيله.. نور الشريف أيقونة الفن المصري الذي ترك إرثًا خالدًا في السينما والدراما    مذيعة القاهرة الإخبارية لمسئول بالوكالة الذرية: العلاقات لا تبنى على دم الشهداء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    4 تفسيرات للآية «وأما بنعمة ربك فحدث».. رمضان عبدالمعز يوضح    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    وزارة التعليم تحدد اسعار الكتب المدرسية لطلاب المدارس الخاصة    محافظ المنيا يوجّه بوقف العمل خلال ساعات الذروة    وكيل صحة سيناء يتابع تقديم الخدمات الطبية للمترددين على مستشفى العريش    وصفات حلويات المولد النبوي الشريف السهلة بدون فرن    «الحرارة تتخطى 40 درجة».. تحذيرات من موجة حر شديدة واستثنائية تضرب فرنسا وإسبانيا    مجلس صيانة الدستور الإيراني: نزع سلاح حزب الله حلم واهم    إقبال كثيف على شواطئ الإسكندرية مع ارتفاع الحرارة ورفع الرايات التحذيرية    اللجنة الفنية في اتحاد الكرة تناقش الإعداد لكأس العرب    محمد إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    نائب ترامب: لن نستمر في تحمل العبء المالي الأكبر في دعم أوكرانيا    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نارام سرجون‎: جاء جون ماكين والفتح؟.. إنه السل الفكري
نشر في البديل يوم 30 - 05 - 2013

أخشى أن أقول بأن القراءة في كتابات المفكرين العرب هذه الأيام من أقصى اليمين الى أقصى اليسار صارت بلا جدوى إن لم تكن إضاعة للوقت وربما كان الوقت في حل الكلمات المتقاطعة وصفحة التسليات أكثر ثراء بالمعرفة والطمأنينة ..
وأعترف أنه صارت لدي مشكلة مع كل كتاب لمفكر ولمثقف عربي لايزال على قيد الحياة لأنني لاأثق بما كتب على انه علم أصيل وقناعة متجذرة ولا أثق بما سيكتب غدا ان كان تنكرا لكل ماكتبه .. لأن مارأيناه من رحلات العقول ورفع المراسي الفكرية الفوضوي في عام واحد يدل على أن كتاباتنا ليست أصيلة وأن ما نكتبه ليس الا تقليدا وليس بيننا مبدعون ولاأصحاب أفكار خلاقة بل مقلدون وأتباع ودراويش .. وأن العقل العربي الحالي ليس الا جسما طافيا خفيفا تتقاذفه الأمواج .. وأننا أمة لانبدع بل نقلد .. حتى أن ابداع العرب الفكري هو صدى لأفكار ويشبه تقليدنا لفكرة سوبر ستار الغنائي ..دون أي فارق ..
وها أنذا أحضر نفسي غير نادم ولاآسف ودون أن يرف لي جفن لافراغ مكتبتي من الكتب العربية التنويرية التي كانت تجلس منفوشة الريش مثل الطواويس على رفوف مكتبتي وتتباهى كالملوك على العروش والبروج .. وهي في الحقيقة لاتساوي في نظري الآن أكثر من مجلات صالونات الحلاقة والجرائد الصفراء لأنه تبين لي أنها كانت تمارس الغش والخداع وهي ترتدي الثياب الأنيقة والأغلفة الفخمة وتنتمي الى عائلات العناوين العريقة وسلالات الكتب النبيلة .. ولكنها لاتستحق اليوم إلا رميها في هولوكوست الكتب .. لأن كتّابها تنكروا لها فكيف أحتفظ بها ؟؟ ولاأدل على ذلك الا كتب برهان غليون وصادق جلال العظم وغيرهما .. كتب تبين أنها كأصنام قريش لاتضر ولاتنفع لأنها لم تحم كاتبها من العاصفة فكيف بقرائها المساكين .. كتب تشبه أصنام التمر عند العرب الوثنيين تؤكل عند الجوع .. كتب تنتظر من يحطمها كالأصنام عندما يجيء اليها نصر الله والفتح ..
في عام 2006 عقب تحطيم الجيش الاسرائيلي وعلى نكهة النصر الالهي انتشرت في المغرب العربي تفسيرات لاهوتية للنصر مستقاة من سورة الفتح (واذا جاء نصر الله والفتح..) ونسبها العقل الشعبي التفسيري الى أنها تعني السيد حسن نصر الله ذاته لأن الناس كانت مفتونة به وبانتصاره ..وهذا ماجعل الهدف الأول لاسرائيل وثوار الربيع أن يكون نصر الله غير مقترن بالفتح بل ليكون حسن الشيعي .. وقائد حزب اللات .. ولكن من يقدر على حذف عبارة "نصر الله" من القرآن ومن سجل الانتصارات؟؟ .. فمشكلة عرب الناتو أن اسم حسن نصر الله اسم مشتق من المصطلح القرآني ولايمكن أن يكون حسن برنار ليفي أو حسن آل ثاني أو حسن الحريري أو حسن غليون أو حسن الخطيب او حسن هيتو أو حسن القرضاوي كي يتم تغييره .. انه حسن نصر الله .. ونصر الله يجيء معه الفتح دوما .. وقد جاء زمن "نصر الله" وبدأ الفتح وتحطيم التماثيل والأوثان .. بدأ الفتح من حيث سينزل نصر الله .. فلنحطم تلك الأصنام ونحن نردد: جاء الحق وزهق الباطل .. ان الباطل كان زهوقا ..
في القريب العاجل سيتابع العالم فنونا في الدهاء العسكري والتكتيكي لنصر الله ورجاله وسنعرف أن الله لم يقل: اذا جاء جون ماكين والفتح .. بل (اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ).. وقد بدأت طلائع الهزيمة تتحدث عبر هستيريا تصريحات عربية من البحرين الى السعودية وحتى المسكين عبد الحليم خدام الذي يتوعد الحزب بالاقتلاع .. وسيرى العالم ماسيذهله بعد ان نزل حزب الله لملاقاة جون ماكين وحزبه الجمهوري ولملاقاة أوباما وحزبه الديمقراطي .. ولملاقاة نتنياهو وجيشه الاسلامي .. سيلاقيهم في قرى وشوارع الشرق وليس في شوارع نيويورك .. فيما تستعد حلب لارسال رسالة قوية الى جون ماكين الأسير السابق الذي ماان ينزل في مكان حتى تحل به هزيمة ماحقة وماان يعتني بجيش الا ويهزم ..
في هذه الأيام ينهض حزب ديني اسمه حزب الله ليمارس علمانية رفيعة ويطبق علوما عسكرية ونفسية بديعة .. وقد فوجئت بكمّ المعلومات الهائلة التي يمتلكها الجيش السوري وحزب الله عن القصير وماحولها وأسماء المقاتلين فيها وأعمارهم واعدادهم وجنسياتهم وعدد أنفاقهم بل وحتى عدد قطع السلاح وغرف العمليات الغربية التي تديرها بالأسماء والرتب .. ويعرف بالضبط كل رسالة تدخل وكل رسالة تخرج .. ومن هنا نعرف أن هذا الحزب الخطير هو ماتريد اسرائيل رأسه في هذا الربيع بأي ثمن .. ولذلك يتسابق الرهط الثوري من أتفه ثورجي يأكل لحوم البشر الى عبد الحليم خدام الذي أصابه جنون البقر يتسابقون الى اظهار القدرة على قطع رأس حزب الله .. هذا حزب عندما يمارس السياسة والتفكير فانه يمارس اقصى درجات العلمانية والعلمية والأخلاقية المدنية .. والدهاء العسكري والتقني الذي ينفذه سيثير الاعجاب ..وسيثير الدهشة .. وكل مدارس العالم الحربية تتابع مايفعله هذا الحزب الآن كي تعدل نظرياتها .. وكي تتعلم فن الحرب .. لأول مرة لدينا شيء يتعلم العالم منه ويقلدنا به .. بعد ان كنا نقلد العالم في كل شيء حتى في نقد العقل الديني ..
ولكن للأسف في مقابل هذا الحزب الديني اللاهوتي ذي الخطاب السياسي الناضج العقلاني رغم أجواء تحريض الغرائز ..فان كل المفكرين العرب والمثقفين المتنورين تعرّضوا في الربيع العربي لفضيحة مخجلة وصرت عندما اقرأ كتابا أو رأيا لأحدهم لاأطمئن على عقلي .. وليس لدي شك أن الظاهرة التي تستحق الدراسة هي تناقضات المسار بين التيارات الفكرية والدينية العربية .. فاليسار العربي وأقطاب العلمانية الشرقية رغم رسوّهم على موانئ التنوير نصف قرن فقد رحلوا الى حيث الحركات الدينية الفاشلة .. أي الى حيث الفكر الاخواني والسلفي الذي أخفق في تحقيق أي انجاز معتبر منذ نشوئه .. والتقت كل التيارات الفاشلة مع بعضها أي حركات وشخصيات تنويرية فشلت في اطلاق التنوير مع تيارات دينية فشلت في الخروج من ظلامية دينية قروسطية .. فيما انتقلت حركات وشخصيات دينية اعتقدنا انها ستوغل في التدين والقروسطية (لأنها تعتقد أنها انتصرت انتصارات الهية) الى ممارسة فيها وطنية علمانية منقطعة النظير رغم رسوها على موانئ الله وأديانه منذ عقود .. وأعني حزب الله .. وزعيمه حسن نصر الله ..
لن أستحي من القول بأنني عندما كنت أغوص في النقاش الحر مع الأحرار الثورجيين السوريين بحثا عن جذور الحرية والكنوز المخبأة تحت التراب كنت أفاجأ أن لاجذور للحرية لديهم ولاكنوز مخبوءة .. وأن كونتا كينتي الافريقي فتى الأدغال الشهير (في رواية اليكس هيلي) الذي أخذ عنوة الى العبودية هو أثرى منهم احساسا بالحرية والمعرفة والكرامة .. وكلما فتحت المغاليق والأسرار تفاجئني ضحالتهم المخبأة وأعرف أن مالديهم هو مجرد عقدة طائفية تشبه مرضا مزمنا كالسل الكامن والجذام الذي يأكل الجسد والذي ينهض في الجسد العليل كلما وهن وتعب .. ولذلك سنعرف كيف استحالت ثورة قيل انها للحرية الى ثورة دينية طائفية بسرعة البرق وأطلقت اللحى وأخرجت الثورة أثقالها الدينية وأطباق القيح المدمى وقدور الصديد والغسلين .. وبسرعة عجيبة التهم الناس كل مافي الأطباق والقدور من فتاوى وتكفير وغمس الجميع أصابعهم في الدم والخيانة ووصل بهم الأمر أنهم تحولوا الى قصابين وأكلة لحوم البشر بالمعنى الحرفي للكلمة دون خجل وتحولت ثورة الحرية الى "ثورة أبو صقار" .. وثورة "أبو صقار" وصمة عار في جبين الشرق كله وكل ثواره ومثقفيه الذين عليهم ان يسألوا أنفسهم ان كان اي نظام قادرا على أن يحول انسانا الى وحش مالم تكن نخب الشعب فاشلة ونخب الثورة أكثر فشلا وغير قادرة على حماية القيمة الانسانية للفرد .. هذه هزيمة للمثقفين جميعا الذين لاتنفعهم دفوعهم بأن النظام قد خلق وحوشا بوحشيته .. بل انهم مثقفون فاشلون عندما لايقدرون على تحصين القيم الانسانية لمجتمعاتهم وتحصين الفرد أخلاقيا فتنهار انسانيته أمام كل ريح وتجربة .. والقلب الذي التهمه الوحش وهو يكبّر سيبقى دمه النازف يخضب كل اللحى الى يوم الدين .. وسيلاحق كل المسلمين في أصقاع الأرض الى يوم يبعثون .. وسيتدلى من صفحات كل كتاب لأي مثقف عربي الى مالانهاية ..
لم أعد أعتقد ان المشكلة في الماكينة الاعلامية لأن الماكينة الاعلامية ذات سطوة على العامة والدهماء فقط .. لكن الجذام الفكري لتنويري العرب يثبت أن صخور العلمانية لدينا رملية .. وأن مافينا من بذور قبلية لايزال حيا .. وأن الاعلام كان مثل السماد "العضوي" يذروه دهاقنة السياسة على بذور مدفونة في عقولنا .. لقد ألقى الغرب سماده "العضوي" الاعلامي وروثه الأخلاقي على موروثنا من البذور الدينية فينا فأورقت بسرعة ونهضت من تحت التراب ونمت بين مفاصل الصخر العلماني الشرقي .. كل صخور العلمانية تفتتت عندما نهضت البذور ..فوصل جون ماكين الى مضافات الأحرار صهيونيا محررا فيما أحرقت صور حسن نصر الله الشيعي .. ووصلنا الى عهد نردد فيه (اذا جاء ماكين والفتح ورأيت الناس يخرجون من دين الله أفواجا ..) ..
ستعرفون ماأعني بضحالة الفكر عندما تقرؤون عبارة مذهلة لمثقف سوري متطرف في علمانيته فتعتقدون أنها ليست لمفكر علماني بل لقائد من قادة طالبان أو أنها للمستشار الديني لأيمن الظواهري أو من تلامذة ابن عثيمين وليست لأستاذ في الفلسفة .. ولكنه صادق جلال العظم بجلالة قدره الذي يبدو مأزوما بشدة وحائرا في كيفية اعادة الزمن الى الوراء .. وصرت أراه نموذجا حقيقيا لعمق أزمة العقل العربي ويكشف بؤرة السل التي تنهك هذا العقل الشرقي حتى وان ادعى الشفاء ودفن السل تحت صخور العلمانية .. لأن صاحب "نقد العقل الديني" الذائع الصيت وصاحب كتاب "مابعد ذهنية التحريم" وكاتب "دفاعا عن المادية والتاريخ" والذي كاد أن يكون كارل ماركس العرب وجد معلقا من عرقوبه الى سلسلة الدين والطوائف بلا حول ولاقوة في ملحمة الربيع العربي كما علق موسوليني من عرقوبيه في ملحمة من ملاحم ايطاليا .. وتبين أن الرجل لم يعد ينقد العقل الديني بل انتقل ليمجد العقل الطائفي ..
عندما نقرأ آراء صادق جلال العظم ندرك كيف أسقط الجذام الديني لحم صادق جلال العظم الفكري وكشف عظمه الجاهلي .. في قراءة تحولات صادق العظم قد نصل الى جذر الثورة وكنزها المخبأ في العقدة الطائفية القبلية ونعرف كيف وصل جون ماكين الى حدود سورية كضيف جليل وهو الشهير ببرنامجه الانتخابي كخليفة لجورج بوش بأنه لن ينسحب من العراق بمئة سنة .. وبدل أن يرجمه ثوار الحرية ويعدموه فقد استقبلوه وطلبوا منه تطبيق برنامج لاحتلال سورية لمئة سنة قادمة .. وفي المقابل يتهيأ ثوار الله لمواجهة حسن نصر الله .. صاحب النصر الالهي ..
يقول صادق العظم عبارة تنخر العظم الفكري للثقافة والتنوير وتنخر عظمنا وعظم فيورباخ وهيغل في قبريهما .. فهو يقول: "أنا متفاجئ من قدرة المكون السني على ضبط النفس في سورية .. ولم نسمع عن خروج قرية سنية للانتقام من قرية علوية خرج منها شبيحة " ويقول أيضا عن الأحداث السورية:
هناك "نظام أقلَّوي معسكَر عسكرةً عاليةً جدًا ومسلح تسليحًا هائلاً يستند إلى عصبية طائفية صغيرة وهو يفتك بثورة الأكثرية السنية في البلاد مستخدمًا الأسلحة كافة من الخفيف إلى الثقيل... لضرب المدن والقرى والأحياء والمزارع والأحراش والغابات التي تقطنها هذه الأكثرية وتعيش فيها منذ قديم الزمان .. كما أن تطرف النظام في عسكرته وتدميره ومذابحه لا تقاس على الإطلاق بالتطرف الذي كثيراً ما ينسب إلى الثورة نفسها أو لبعض مكوناتها، علماً بأن التطرف يستجر التطرف والبادئ أظلم"
ان دراسة السل الفكري والجذام الديني الذي يسكن فينا عبر تحليل مرض صادق جلال العظم وعقدته الدينية الدفينة التي تشبه في السيكولوجيا عقدة أوديب نعرف كيف يتصرف رائد فضاء مثل محمد فارس ويصبح شيخا لافرق بينه وبين الشيخ فضل شاكر العبسي أو أحمد الأسير .. فما هو الفرق بين فضل شاكر ومحمد فارس ؟؟ وتشخيص السل الفكري يجعلنا ندرك أنه ليس المهم أن يكتب شخص في نقد العقل الديني اذا كانت فيه عقدة الدين متأصلة ومتجذرة .. وليس مهما أن يرتقي الجسد الى الفضاء الخارجي ويدور حول الأرض بل الأهم ان يأخذ عقله معه في تلك الرحلة لأن ما ارتقى الى الفضاء هو رأس وجسد فيما بقي العقل على الأرض مدفونا في أحاديث شيخ الجامع وشيخ الحارة حتى صار عقل رائد الفضاء كالدمية بيد شخص شبه أمي مثل عمار الداديخي .. أنه قبل الصعود الى القمر والدوران حول الأرض لابد من كسر السلاسل التي تربط العقل بسفوح الوديان السحيقة وترغمه على الدوران حول عقل شيخ جاهل ..
الكتب التي تكتب عن النور لايجب أن تكون موصولة بأسلاك الكهرباء السياسي كي تضيء بل ذاتية الاضاءة والتوهج .. والأجساد الصاعدة الى القمر لاتقدم الأمم اذا لم ترتق عقولها وتركتها بيد شيوخ الفتنة .. والأفضل أن تغني للقمر (نحنا والقمر جيران) لأن محمد فارس مثلا الذي اختارته سورية ليكون رائد الفضاء السوري الأول دون الانحياز لطائفة منافسه منير حبيب كان أكبر دليل على ان الحكم في سورية تجاوز الطائفية والا لاختار منير حبيب (النقيض الطائفي) شاء من شاء وأبى من أبى ..
منذ مدة وأنا أتواصل مع مثقفين مسلمين من مختلف الجنسيات ولاأعرف سبب انحيازهم لثوار الناتو مثل صادق جلال العظم .. وكنت أعتقد أن الاعلام يتلاعب بالعقول ولكن عرفت أن البلاء كامن فينا وفي ثقافتنا عندما اجتمعت مع أستاذ للكيمياء في احدى جامعات فرنسا وهو مسلم من أصول باكستانية أدهشه مارآه من عنف الثورجيين السوريين ولكنه كان صريحا وقال بأنه لايستطيع الميل ضدهم لأنه مسلم "سني" وهو لايريد الخروج عن رأي الجماعة في المسجد الذي يصلي فيه ورأي الامام .. ولم تنفعه الدكتوراه في الكيمياء ليخرج عقله عن رأي شيخ الجامع القادم أصلا من سفوح تورا بورا .. شيخ من تورا بورا يقود عقلا حاملا للدكتوراه في الكيمياء كما يقود رجل ثورا الى دكان القصاب ..
لذلك لم يعد يعنيني اقتناء الكتب التي تتوهج وتظلم حسب مزاج المآذن والكنائس وتتأرجح حروفها كلهب الشموع وتنطفئ في الرياح فتتحول الى قطع الليل المظلم .. بل يعنيني الكتب والأفكار التي تكتب حروفها بشظايا النجوم التي لاتنطفئ .. ومايكتبه فكر حزب الله النضالي ضد الظلام الاسرائيلي والصهيوني وقطع الليل المظلم الكافر هو مايعنيني ..والفرق بين صادق جلال العظم وبين فكر حسن نصر الله غريب جدا ومأساوي جدا .. الأول يكتب في العلمانية والفلسفة عن "سنية" ثورة للحرية وعن لاهوتية ثورات الحرية .. والثاني يكتب بعمامته وعقلانيته عن عالمية الحرية ضد الفكر الديني للصهيونية المسيحية .. وعن انسانية اللاهوت .. كتب الأول صارت قطعا من الليل .. وخطابات الثاني استحالت شهبا في هذا الليل ..
قديما كما نعلم أقدم ابو حيان التوحيدي على احراق كتبه احتجاجا على فقره لأن الكتب لم تجلب له ثروة .. لكن أبا حيان فضّل احراق كتبه بالنار على أن يحرقها بالتنكر لها وممارسة النقائض وبيع اسمه للأمراء والولاة وتغيير ماقاله .. وأحمد الله أن أبا حيان لم يدرك ربيع العرب والا فربما كان من بطانة الأمراء وتذوق باصبعه مذاق النفط واستقبل جون ماكين في بيته .. ودعا له بالنصر على حسن نصر الله .. وبشار الأسد ..
وأنا سأرمي بالكتب الى النار وسأنصحكم بأن تتبرعوا بكتب صادق جلال العظم وغيره من مثقفي الجذام والسل الفكري الى صالونات الحلاقة .. وسأستمع وكلي انتباه واصغاء .. لفكر لاهوتي لحسن نصر الله يعلمني أكثر من كتب العلمانيين كيف أكون انسانا وحرا وعاقلا ولاآكل لحوم البشر .. بل أخشى حتى على الحجر .. فماذا تنفعنا كل كتب العرب وأضواء كتبهم ان لم تمنعنا من أكل لحوم البشر .. وسأنتظر مجيء نصر الله والفتح .. ولن أنتظر مجيء جون ماكين .. ولن أنتظر عودة اللحم الى عظم صادق جلال العظم ..الذي سقط لحمه عن عظمه ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.