دعاني الأستاذ عامر الوكيل-منتدى أمل مصر- وهو من الثوار الكرام ولا علاقة له بالفلول قبل الثورة، ولا بالبلطجية بعد الثورة، للمشاركة في عدة ندوات ثقافية في الجامعات والمعاهد العلمية، منها ما تم على خير وهدوء في جو ثقافي وحواري محترم، ومنها ندوة جامعة مصر للعلوم والتقنية- على سبيل المثال لا الحصر- التي شارك فيها كل من الدكتور عبدالخالق فاروق والدكتور عمار على حسن والأستاذ عامر الوكيل، ومنها ما لم يتم بعد الموافقة الادارية عليه، أقصد ندوة المشروع الإسلامي والصراع السياسي، التي كان من المفروض أن تعقد بعد صلاة ظهر الاثنين الماضي 22/4/2013، في أكاديمية القاهرةالجديدة، بمشاركة الأستاذ مختار نوح والدكتور أحمد كريمة، ومنها ندوة كلية الهندسة في منوف التي كان من المقرر لها يوم الثلاثاء 30 أبريل 2013، هذا فضلاً عن عدد من الندوات والمحاضرات التي لم تتم على ما يرام مثل ندوة حمدين صباحي في كلية هندسة شبرا، وندوة جامعة بني سويف التي تعرض فيها عمرو حمزاوي للعدوان. وقد تعرض بعض المحاضرين من الأحزاب المشاركة في السلطة وغيرهم لمثل هذا العدوان والمنع بعد الاعداد أو المشاغبات، ومنها أيضاً أن بعض القيادات من السياسيين أو الدعاة المصنفين أو من التيارات المستهدفة لا يستطيعون السير في الشوارع بدون إثارة أو ضجة أو حراسة إذ يحتاجون إلى(بودي جاردز). هذه الظاهرة الخطيرة تقدح في سلمية المسيرة وهى من علامات تقليص مدى الحريات، مهما كانت توجهات من يقف وراء هذه الظاهرة، وهى توضح دون أدنى شك، بعض الأمراض المنتشرة في الشباب والطلاب أو بعض المسئولين في الجامعات. ومن أخطرها روح التعصب والإنقسام السائد في المجتمع، وكان يجب أن تظل المعاهد العلمية بعيدة عنه، وأن يعتاد الطلاب من مختلف الانتماءات والتيارات السياسية التعامل السلمي مع بعضهم البعض، ومع الاستماع إلى من يخالفونه في الرأي ويناقشونه بروح الود والمحبة والإخلاص للوطن واستخدام الأدلة والبراهين، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها. نحن لا نريد أن تنتكس الثورة في هذا الجانب، جانب الحريات وجانب العلاقات الانسانية بين الطلاب أنفسهم، وبينهم وبين من يخالفونه الرأي. علينا أن نتعلم مواجهة الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان والدليل بالدليل، لأن ذلك من علامات الصحة في المؤسسات والمجتمعات التعليمية والثقافية. أخشى أن يأتي يوم على مصر الثورة، يمنع فيه الطلبة من الحزب الحاكم- أيا كان ذلك الحزب-يمنعون- الأساتذة الذين ينتمون إلى الأحزاب المعارضة من دخول الجامعات أو إلقاء حتى محاضراتهم الرسمية في جو علمي هادئ سليم، وأخشى أن يعود اليوم الذي كان يشتكى منه الإخوان أيام المعارضة بالضغط عليهم وعلى شبابهم في الجامعات سواء في الانتخابات الطلابية أو في التعيينات الجديدة أو في الإحالة إلى الوظائف الادارية والمنع من التدريس أو ما كان يحدث في النقابات المهنية. نحن لا نريد أن نحول الجامعات وشبابها إلى مؤسسات أو قاطرات تسير في اتجاه واحد، ولا تنظر نظرة المواطنة الصحيحة إلى من يسير في نفس الطريق وهو يرتدي لباساً مختلفاً أو يقرأ كتاباً مختلفاً أو حتى يتكلم لغة مختلفة. أمل أن ينتبه المسئولون عن التعليم وخصوصاً في الجامعات إلى هذه الظاهرة حتى لا نضيف فتنة جديدة إلى الفتن القائمة في المجتمع اليوم. هذا أمر مخالف للحريات وخصوصاً حرية التعبير، ومخالف للدستور، ومخالف للأعراف المصرية، وأعراف الجامعات المحترمة المعروفة. حضرت حواراً بعد محاضرة في منتصف التسعينيات لجوربا تشوف صاحب البيروستورايكا في جامعة أكسفورد الشهيرة، كان ودياً وجميلاً رغم بعد الشقة بين كل الأطراف والحضور، وأتمنى أن تكون لقاءات جامعاتنا على هذا المستوى، وأن يعرف طلابنا كيف يحترمون المنافسين والخصوم السياسيين، ويحترمون من خالفهم، فالدين كله لله تعالى الذي يقول"لكم دينكم ولي دين"، ومن المهم كذلك أن نسعى دائماً إلى تحقيق البيروسترايكا أي الاصلاح والتغيير للوصول إلى الأحسن. والله الموفق