وجه الكاتب والمفكر يوسف زيدان رسالة مجددًا إلى محمد مرسي ينتقد فيها الأخطاء والمغالطات التاريخية التى وردت فى خطابه أمام مجلس الأمناء الدولى لمكتبة الإسكندرية. وتأتى الرسالة بعد نظيرتها التى وجهها زيدان إلى مرسي بعد كلمته بباكستان منتصف مارس الماضي. وقال زيدان فى رسالته التى حملت عنوان "أخطأت مجددًا يا رئيس الجمهورية": "مكتبةُ الإسكندرية يا رئيس الجمهورية ليست مصرية الجذور؛ فقد أقيمت على أرض مصرية، لكن أصولها كلها يونانية. فالملوك البطالمة هم الذين أقاموها وقاموا برعايتها (وهم يونانيون)، ومُدراؤها الكبار لم يكن فيهم شخص مصرى فى أى يوم من أيام نشأتها الأولى (وكلهم يونانيون)، وعلماؤها لم يكتبوا حرفًا باللغة المصرية طيلة القرون الطوال الأولى (وكتبوا باليونانية)". وفي كلمة مرسي عن العقيدة الإسلامية التى اعتبرها أصلاً لوهج مكتبة الإسكندرية، واعتبر المكتبة مثالاً للنهضة المتأصلة فى عقيدتنا وتاريخنا وحضارتنا، يقول زيدان "وهنا كان يجب "التمييز" يا رئيس الجمهورية، و لا يجب القفز الذى جاء فى كلمتك حين قلتَ بعد ذلك بغير مواربة ولا مناسبة: النهضة شجرة أصلها ثابت فى تاريخنا وحضارتنا وعقيدتنا! فيا رئيس الجمهورية، ليس لمكتبة الإسكندرية شأن بعقيدتنا، على علوِّ قدرها؛ فقد قامت المكتبةُ وازدهرت فى زمن يصفه الجُهال بالزمن الوثنى، ثم خرّبها المتعصّبون لعقيدهم سنة 391 ميلادية؛ احتفالاً بصدور مرسوم إمبراطورى من "ثيودوسيوس الأول" ينصُّ على أن المسيحية هى الديانة الرسمية للإمبراطورية. فيا رئيس الجمهورية، العقيدةُ التى تظنُّها أصلاً لوهج المكتبة القديمة هى معول الهدم الذى أفنى المكتبة من قبل ظهور الإسلام بعشرات السنين. وهنا كان يجب عليك "التمييز" وليس الخلط بين الحق والباطل.. بين تاريخ المكتبة ومشروعك المسمى ب "النهضة"، وتقول يا رئيس الجمهورية، أو جعلك كاتبك تقول: إن الترجمة السبعينية للتوراة تمت فى المكتبة، فهل أردتَ مغازلة اليهود؟ حتى إذا أردت ذلك، فاجعل كلامك على النحو الصحيح.. الترجمة السبعينية تمت فى مدينة الإسكندرية أثناء إنشاء المكتبة، أو فى أيام افتتاحها، و لم تتم فى المكتبة، ولا قام بها أهلُ الإسكندرية ولا علماؤها، وإنما أنجزها أثنان وسبعون حَبرًا يهوديًّا، استقدمهم من فلسطين "بطليموس الثانى" الذى افتتح المكتبة، و استقدم من أثينا مُديرًا لها". وأشار زيدان إلى أنه "ليس صحيحًا، يا رئيس الجمهورية، ما كتبوه لك من أن المكتبة كانت بمثابة أكاديمية للعلوم ومركز للأبحاث. هذا خطأ، يا رئيس الجمهورية؛ ففى الإسكندرية كان المعهد العلمى أو الموسيون (بيت ربّات الفنون) هو مكان البحث العلمى والأكاديمى، وكانت ملحقة به مكتبة، هى التى اشتهرت لاحقًا وسطع اسمها فى سماء الإنسانية؛ باعتبارها مكتبة الموسيون، الذى كان يديره كاهن". وواصل "والمكتبة لم تستقبل الفتيات كما زعمت فى كلمتك التى كتبوها لك، يا رئيس الجمهورية، و وضعوا على فمك العبارات ذاتها التى طالما كتبوها لسوزان مبارك، و قرأتها على الملأ، ويمكنك إذا أردت التأكد مقارنة ما قلته بالأمس بما قالته سوزان مبارك مرارًا. و كيف يصحّ، يا رئيس الجمهورية، أن تقول فى كلمتك كنيسة الإسكندرية هى الكنيسة الكبرى فى العالم المسيحى لعدة قرون؟! وحتى مجمع خلقيدونية سنة 451 ميلادية. هذا خطأ يا رئيس الجمهورية؛ ففى الإسكندرية كانت آنذاك كنيسة كبيرة، لكنها لم تكن يومًا هى الأكبر، و لم ينعقد بقربها أى مجمع مسكونى (عالمى) لرؤساء الكنائس الكبرى، و لم تعترف بسلطتها الكنائس الكبرى، والأكبر كنيسة روما، وكنيسة أنطاكية، وكنيسة القسطنطينية. فإذا أردت، يا رئيس الجمهورية، مغازلة المسيحيين لسببٍ أو لآخر، فغازلهم بالتى هى أدقّ و أفصح! و يا رئيس الجمهورية يعلم الله أننى لا أكرهك (ولا أحبّك)، وأننى لا أنتظر منك خيرًا (ولا شرًّا)". واختتم بقوله "فما أنا إلا ناصحٌ، يحزّ فى نفسه التخليطُ و عدمُ التمييز، لا سيما إن جاء على لسان رئيس مصر. أصلح اللهُ الأمير".