ذكر الدكتور إسماعيل دبيش- استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجزائر، في لقاء مع صحيفة "الشروق" التونسية، الأسباب الذي جعلت الجزائر بمنأى عن "الربيع العربي". حيث رفض "ديبش" قراءة الواقع الجزائري، على النمط التونسي أو المصري أو السوري، معتبرًا أن حساسية الجزائريين إزاء التدخلات الخارجية وتجربة «العشرية السوداء» أوصدتا الأبواب أمام "الربيع العربي "في بلادهم. ويرى الباحث الجزائري، أن التعديل الدستوري في عام 1989، أدى إلى التعددية الحزبية، وبالتالي بروز التيار الديني على السطح السياسي، ونتيجة التطرف في السلوك السياسي للتيار الديني، انعكس على وضع غير صحّي للتعددية الديمقراطية ولبناء الجمهورية في إطار حريّة التعبير والتعددية السياسية، والنتيجة كانت تصعيد التطرّف الديني الذي وصل إلى حد الإرهاب الذي عانت منه الجزائر، لمدّة عقد من الزمن، وكانت تكلفته باهظة إنسانيًا وماديًا، أكثر من 200 ألف قتيل وأكثر من كلفة 40 مليار دولار، لضرب البنية التحتية للإقتصاد الوطني من طرف الإرهابيين. إذن فالأسباب والمبررات للثورة تمت في هاتين المحطتين، وبالتالي كان من الصعب بل ومن المستحيل أن يرجع الشعب الجزائري، إلى هذه الفترة التي دفع ثمنها باهظًا. ومن جانب أخر، يرى "دبيش" أن أغلبية الشعب الجزائري، ينظر إلى الثورات الشعبية الأخيرة، على أنها "وصفة خارجية"، فالشعب الجزائري حساس جدًا إزاء التدخل الأجنبي في شئونه الداخلية، وهذا ناتج عن المعاناة والقمع الاستعماري الذي عاشه الشعب الجزائري، خلال الثورة الجزائرية ضد الاستعمار من 1954 إلى 1962، والتي دفع الجزائريون ثمنها بأكثر من مليون ونصف شهيد. مضيفًا: فذهنية الشعب الجزائري بمختلف نخبه، لها حساسية مفرطة تجاه أي وضع غير مستقر في الجزائر، حيث يختلفون ويتنافسون حتى درجة الصراع الحاد، ولكن هذا التنافس لا يرقى إلى مستوى الثورة أو التغيير الذي شهدته الدول العربية. وفي نفس السياق يؤكد الباحث الجزائري، أنه في الوقت الذي اندلعت فيه الثورات العربية، اكتشف الشعب الجزائري أنها لا تخدم الأهداف المعلنة لها، وما يحدث في سوريا، دليل قاطع على أن الهدف هو ضرب الوحدة السورية واستقرار سوريا، وما يحدث في مصر دليل قاطع، فوفقًا للباحث أنه لا يتصور أن يتحول الإسلاميين، الذين كان ينظر لهم على أنهم "إرهابيين" ليصبحوا رمز الديمقراطية في الوطن العربي. ويؤكد الباحث أن الأهم بالنسبة الغرب والحركة الصهيونية، أن التوتر والانقسام عوامل نفوذ قوي لهم في المنطقة. فلقد ذكر "كيسنجر" عندما سئل من الذي تتمنى أن ينتصر في الحرب العراقية الإيرانية، فأجاب انه يتمنى أن ينهزم الاثنان، فأمنية الغرب أن ينهزم الاثنان في سوريا المعارضة والنظام، وتونس النهضة والمعارضة، وفي ليبيا الإخوان والمعارضة. وفي نفس الإطار أوضح اسماعيل دبيش: "أنا أتصوّر أنها أجندة مخطط لها..ونحن ننتقل من أنظمة سياسية، كانت تريد كسب الود الغربي الصهيوني، إلى أنظمة مزكّاة مباشرة، وهذا هو الأخطر، وهذه التزكية مؤقتة، ونحن اليوم نشاهد الدعم القوي للمعارضة". أخبار مصر- البديل