شهدت الفترة الأخيرة هجومًا شديدًا على المجلس القومى للمرأة، خاصة بعد توقيعه برئاسة السفيرة مرفت تلاوى على وثيقة مناهضة العنف ضد المرأة فى الدورة 57 لوضعية المرأة بالأممالمتحدة، وتعرضت السفير للتكفير واتهامها بالماسونية. كان ل "البديل" حوار مع السفيرة حول هذه الأحداث الأخيرة التى تعرض لها المجلس والتحديات التى تواجه المرأة المصرية فى الفترة المقبلة. - فى البداية لماذا كل هذا الهجوم على وثيقة مناهضة العنف ضد المرأة؟ فى الحقيقة الوثيقة ليس يوجد بها أى شىء من هذه الدعاوى التى تنقلها وسائل الإعلام، ومن يهاجم الوثيقة أعتقد أنه يتحدث عن وثيقة أخرى، فليس بها كل ذلك الافتراء بأنها تبيح الشذوذ الجنسى وإجهاض الفتيات والحرية الجنسية وتعليم الثقافة الجنسية بالمدارس. وأتحدى أى شخص يكون قد قرأ الوثيقة ووجد فيها كلمة بهذا الشأن، فهى منشورة للجميع باللغة الإنجليزية على موقع الأممالمتحدة، والمجلس قام بترجمتها باللغة العربية؛ لذا أطالب الإعلام ألا يردد مثل هذه الأكاذيب التى يتبناها البعض. - هل وثيقة العنف ضد المرأة قدمت جديدًا، أم أنها ستصبح مثل مثيلاتها أحبار على ورق؟ فى البداية أود أن أوضح أن كل عام تختار لجنة وضعية المرأة بالأممالمتحدة موضوعًا للنقاش، فالعام الماضى كان يناقش مشكلات المرأة الريفية، وتم اختيار هذا العام موضوع العنف ضد المرأة، حيث توصلت الإحصائيات إلى أن حوالى مليار امرأة فى العالم تتعرض لكافة أشكال العنف الجسدى والمعنوى، ومن ثم انطلقت الدورة 57 فى وضع تعريفات محددة للعنف، وأشكاله حيث تؤكد الوثيقة أن الفقر والجوع والتمييز بين الذكر والأنثى كلها مؤشرات عنف ضد المرأة ،حيث لا يقتصر العنف على التحرش والاغتصاب فقط. - وكيف تهبط هذه الوثيقة من برجها الدولى إلى المرأة المصرية فى العشوائيات والريف؟ الوثقية هى عبارة عن التزام أدبى توجه به الدول نحو اتخاذ إجراءات عملية تشعر بها أى امرأة، حيث تتطرق إلى الإجراءات والخدمات التى يجب أن تقدمها الدول لوقف العنف ضد المرأة مثل إعادة النظر فى التشريعات القائمة أو سن تشريعات جديدة مثل تشديد العقوبة على مرتكبى جرائم التحرش أو الاغتصاب أو الختان أو الزواج المبكر. - بماذا تردين على هذه الاتهامات بأنك كافرة وماسونية، ووقعتِ على اتفاقية تبيح الشذوذ الجنسى؟ لا تستحق مثل هذه الادعاءات أى ردود، والأمر برمته الآن فى القضاء، ولكن أؤكد أن هناك تشويهًا متعمدًا ونية مبيتة بدأت قبل مناقشة الوثيقة، حيث صدر أول بيان من جماعة الإخوان المسلمين فى 28 فبراير، أى قبل أن تبدأ اللجنة أعمالها يوم 4 مارس، هذا بدلاً من تقدير الجهد الذى بذلته مصر فى هذه الدورة بشكل أعاد لمصر قيمتها الدولية كسابق عهدها، حيث إنها استطاعت فى التوصل إلى التصويت بالإجماع على الوثيقة، وتجعل دولاً غربية كجنوب إفريقيا والبرازيل بعد إقناعها أن يتم حذف هذه النقاط محل الخلاف التى تتعلق بقضايا الشذوذ وزواج المثليين والحرية الجنسية والإجهاض للفتيات، وأتساءل: لماذا يتم تشويه الناجح؟ وأقول إن نجاح مصر فى إقناع هذه الدول فى التصويت على شىء مخالف لعاداتهم وتقاليدهم هو نجاح لمصر فى حد ذاته. - ما هى أهم التحديات المستقبلية التى تواجه المرأة المصرية؟ التحديات كثيرة ،كم كنا نتمنى أن ينص الدستور الجديد الذى جاء بعد ثورة على حقوق واضحة وصريحة للمرأة، ولا نخشى عندما يأتى أى نظام أو يغيب أنه لن يعطى المرأة حقوقًا ثم يأتي آخر ليسحب هذه الحقوق. لذا نريد التعامل مع المرأة كمواطن له حقوق ،كنصف المجتمع يمثل 42 مليون نسمة، فمن حقها أن تكون حقوقها ثابتة فى الدستورحتى لا تخرج علينا فئة تفسر حقوق المرأة على مزاجها فى الدستور، بل تمتهن المرأة وتوجه لها خطابًا إقصائيًّا مشوهًا لها، وبحيث لا نظام يمن عليها ولا نظام يسلبه منها، وذلك على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. - وما هى الخطوات التى يتخذها المجلس فى الفترة المقبلة لتعديل ذلك المسار؟ أرجو إعادة النظر فى تعديل بعض مواد الدستور المتعلقة بحقوق المرأة، والتى قدمنا عليها العديد من الملاحظات، بالإضافة إلى تعديل قانون الانتخابات وإعادة الكوتة مرة أخرى، فبدونها لن تصل المرأة للبرلمان. كفانا التمثيل الهزيل الذى كان في أول برلمان بعد الثورة. فلا بد أن نعترف بأن هناك العديد من المشكلات التى تعوق تمثيل المرأة فى البرلمان بشكل يتناسب مع واقع تمثيلها فى الحياة، فما زلنا نواجه الفقر والجهل والأمية وعدم الوعى، ويتم استخدام كل هذه الظروف أسوأ استغلال. نحن لا نزال بحاجة إلى هذا التمييز الإيجابى للمرأة، فكل الدول المتقدمة تفعل ذلك، وآخرها دولة عربية إسلامية كالجزائر وضعت كوتة للمرأة 30% على قوائم الأحزاب، ومن يتخلف عن ذلك يتم منعه من المشاركة فى الانتخابات، الأمر الذى كانت نتيجته باهرة، حيث جاءت 145 سيدة بالبرلمان، وأصبحت تمثل 31% من البرلمان، فهل مصر أقل من الجزائر؟! - ماذا عن قانون حماية المرأة من العنف الذى قام بإعداده المجلس مؤخرًا؟ بالفعل انتهينا من إعداده وأعطينا المسودة قبل النهائية لرئيس الوزراء د. هشام قنديل، ويتكون القانون من أربعة اقسام، يحدد القسم الأول تعريفات محددة للعنف وأشكاله؛ حتى لا يحدث أى خطأ فى المفاهيم، كالتحرش والاغتصاب وهتك العرض؛ لذا تم تحديد كل هذه الألفاظ؛ حتى يتم التسهيل على القاضى أو وكيل النيابة أو الضابط فى التحقيق بواقعة تحرش جنسى. كما يتناول القسم الثانى جرائم العنف الجنسى ضد المرأة، كالاغتصاب والتحرش، والعنف المنزلى، وحرمان المرأة من حقها فى الميراث والتعليم. أما القسم الثالث فيتم فيه تجريم الاستغلال الجنسى للمرأة مثل قيام أحد الزوجين بنشر وإذاعة صور خادشة للحياء خاصة بالزوج الآخر، واستغلال جسد المرأة بصورة غير لائقة بقصد الربح المادى. ويتضمن القسم الأخير حماية ضحايا وشهود العنف ضد المرأة، من خلال إنشاء آليات خاصة تعنى بمساعدة الضحايا وإعادة تأهيلها، وحماية سرية بيانات المجنى عليهن ومعاقبة من يقوم بإفشائها. - ما تفسيرك لغياب المجلس من مبادرة الرئيس واعتماده على المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية بديلاً؟ "الرئيس هو رئيس يختار اللى هو عايزه"، إذا كان يرى أن مركز البحوث يعمل بحوثًا جنائية أو اجتماعية وبحوثًا للمرأة فهذا اختياره. - وهل سيقدم المجلس خبرته ودراساته إذا ما طلب منه ذلك؟ بكل تأكيد، "لكن الدراسات وقتها فات"، نحن الآن ننفذ سياسيات - برامج تدريب - منح قروض للمرأة المعيلة فى كل أنحاء مصر، ونساعد السيدات فى استخراج بطاقات شخصية لهن، فضلاً عن برامج التوعية بكل المحافظات والقرى. ونأمل أن تستفيد تلك المبادرة من تلك الخطوات التى قطعها المجلس فى مجال دعم وخدمة قضايا المرأة.