علق " روبرت فيسك " في مقال له في الصحيفة البريطانية "ذا اندبندنت" على الوضع في لبنان بعد استقالة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، حيث يرى فيسك أن الأزمة في لبنان هي أزمة طائفية. وفي نفس السياق، يذكر فيسك أنه على الرغم من استقالة الحكومة اللبنانية، إلا أن هذا الحدث لم يجذب انتباه اللبنانيين بقدر تزايد معارك الشوارع في طرابلس وخطر وقوع مزيد من حالات الخطف. ويلفت المراسل الانجليزي أن لبنان يعيش دائما في أزمة حقيقة كبيرة وهي الأزمة الطائفية التي تدخله في حرب أهلية، فنجيب ميقاتي استقال لأن حكومته لم يعد بالإمكان تسييرها ولأن اعضاء برلمان البلاد اخفقوا في وضع قانون انتخابات جديد، ونقابات العمال تضرب في انحاء لبنان – بل وأغلقت المطار الدولي لبضع ساعات – للمطالبة بمرتبات اعلى. وقد اذعن ميقاتي لهذا الطلب، وكان ذلك احد آخر اجراءاته. ويرى فيسك أن العيش بالقرب من حرب أهلية ليس مهمة سهلة، الاسرائيليون يغزون مجال لبنان الجوي كل يوم من دون همسة من واشنطن، وقد تبنت الحكومة سياسة " النأي بالنفس " وهو تعبير يشير إلى الحياد الضروري الذي ينبغي على لبنان تبنيه لمنع السنة والشيعة والمسيحيين فيها من التورط في المعارك على الحدود. ولا يمكن السماح للصراع السني العلوي في طرابلس – والذي قتل فيه ستة اشخاص، أحدهم جندي لبناني – ان ينتشر الى انحاء اخرى من البلاد حتى لا تعم الأزمة. لكن سياسة " الناي بالنفس" لم تنجح كثيراً. ونتيجة لذلك، ان قرار ميقاتي الاستقالة كان القصد منه تخويف الاحزاب السياسية في لبنان، خاصة الحريري الغائب– المختبىء في المملكة العربية السعودية في السنتين الاخيرتين بسبب ادعائه ان هناك مؤامرة لقتله – وحملها على ايجاد حكومة قادرة على العمل وصوغ قانون انتخابات جديد وتحمل المسؤولية عن حطام الاسابيع القليلة الماضية. والمشكلة دوماً طويلة الاجل ولا يمكن علاجها. ويوضح فيسك لكي يكون لبنان دولة عصرية يجب عليه ان يطهر نفسه من الطائفية. ان دولة يجب ان يكون الرئيس فيها دائماً مسيحياً مارونياً، ورئيس الوزراء مسلماً سنياً، ورئيس مجلس النواب مسلماً شيعياً لا يمكن ان تنجح. ولكن اذا ازيلت الطائفية من لبنان، فانه لن يعود موجوداً – وذلك لأن الطائفية هي هوية لبنان. قد يكون بلداً ذا جبال جميلة وطعام شهي وشعب فائق للعادة جيد التعليم، لكنه طائفي. ويشبه الامر الى حد ما حيازة سيارة "رولز رويس" فخمة ولكن لها عجلات مربعة. وهكذا فإنها لا تسير. ويرى المحلل الإنجليزي أنه جاء دور الرئيس اللبناني ميشال سليمان لمحاولة لم شمل الساسة اللبنانيين، ولكن هل سيستطيع اقناعهم بالاتفاق على قانون انتخابات من أجل إجرائها في يونيو المقبل؟ واختتم فيسك أنه من دون انتخابات ستكون سلطة البرلمان مسحوقة مثلما كانت خلال حرب لبنان الاهلية التي استمرت 15 سنة حيث لا برلمان، ولا حكومة ولا رئيس وزراء. فالوضع سيتعين على "الجميع" اعطاء ال"رولز رويس" دفعة اخرى" حتى تسير البلاد.