أثارت استقالة رئيس الوزراء اللبنانى نجيب ميقاتى مخاوف من إقحام لبنان فى أزمة سياسية طويلة وتوترات أمنية مرتبطة بالأزمة السورية، وتوقع مراقبون أن تدخل استقالة ميقاتى البلاد فى أزمة سياسية جراء صعوبة تأليف حكومة جديدة فى ظل الاصطفافات السياسية القائمة والتقارب الكبير فى الأصوات بين فريقى المعارضة والموالاة فى البرلمان ما قد يجعل الأمور أكثر تعقيدا. كان نجيب ميقاتى -رئيس الحكومة اللبنانية- قد أعلن مساء الجمعة الماضية استقالته بعد اصطدامه برفض قوى "8 آذار" التى تمثل الغالبية داخل حكومته بمسعاه إلى إقرار لجنة الإشراف على الانتخابات ورفضها تمديد ولاية المدير العام لقوى الأمن الداخلى اللواء أشرف ريفى، وهو ما دفع الصحف اللبنانية للتعبير عن تخوفها من إقحام لبنان فى أزمة سياسية طويلة وتوترات أمنية مرتبطة بالأزمة السورية. وتأتى استقالة ميقاتى بينما يتعرض لبنان لضغط النزاع الدائر فى سوريا، الذى أجج التوتر بين مختلف طوائف المجتمع، وتوقفت صحيفة "الإخبار" عند تأثير الاستقالة على سياسة "النأى بالنفس" التى أرساها ميقاتى بالنسبة للأزمة السورية، مشيرة إلى أن خطوة استقالة الحكومة تعنى إقحام لبنان مباشرة فى المستنقع السورى ما يعنى توقع توترات أمنية ليس فقط على الحدود مع سوريا بل ربما داخل الأراضى اللبنانية. ودعا ميقاتى إلى تأليف حكومة إنقاذ تساهم فى قيادة البلاد فى الفترة التى تسبق الانتخابات النيابية المفترض أن تجرى قبل نهاية ولاية البرلمان الحالى فى يونيو القادم وتجنيب البلاد فراغا سياسيا وتشريعيا، إلا أن البعض يرى أن الاستقالة تعزز الاعتقاد بأن الانتخابات أصبحت مؤجلة حتى إشعار آخر ومن ثم فإن النفوذ السورى كما هو. ويرى البعض أن أسباب استقالة ميقاتى التى جاءت بعد خلافات بشأن قضيتين داخليتين، وهما إنشاء لجنة تشرف على الانتخابات، وتمديد فترة ولاية قائد جهاز الأمن، يعزز الاعتقاد بأن نظام الأسد يسعى بكل جهده لعدم إجراء الانتخابات حتى يظل الوضع فى لبنان كما هو ومن ثم يسهل جره إلى الفوضى حينما تسقطه الثورة. وتباينت مواقف أعضاء الحكومة بشأن قانون اللجنة المشرفة على الانتخابات وسط مخاوف أن تجرى وفق قانون قديم عمره 10 أعوام، ويعتقد أن ميقاتى، والزعيم الدرزى وليد جنبلاط يحبذان القانون الحالى، فهو يعطى الطائفتين السنية والدرزية قوة غير متكافئة فى البرلمان، ويعترض عليها المسيحيون. وفشلت محاولات سابقة فى التوافق على قانون انتخابات بديل، وحث ميقاتى والرئيس ميشال سليمان الكتل السياسية على إيجاد حل فى أقرب وقت حتى تجرى الانتخابات فى موعدها. وقال ميقاتى إنه أراد أن يستقيل العام الماضى، بعد انفجار سيارة مفخخة أدت إلى مقتل رئيس جهاز المخابرات، ولكن الرئيس ميشال سليمان رفض استقالته. وعين رئيس الحكومة المستقيل رئيسا للوزراء عام 2011، بعد 5 أشهر من المفاوضات، باعتباره معتدلا يتعاطى مع جميع الأحزاب السياسية، وقاد حكومة يسيطر عليها ائتلاف 8 مارس، المكون من حزب الله وشركائه، وتعرض لانتقادات من السنة الذين اتهموه بخيانة طائفته واصطفافه إلى جانب سوريا وحزب الله المدعوم من إيران، وتضيف استقالة ميقاتى المزيد من الارتياب فى لبنان، الذى يتأثر بتزايد أعمال العنف فى سوريا. وفى المقابل، يعتقد عدد من المراقبين أن الاستقالة يمكنها أن تحدث صدمة إيجابية مطلوبة للتوصل لتوافق على الانتخابات النيابية، مشيرين إلى أنه من الضرورى لكل الأطراف أن يتفقوا على خليفة ميقاتى وتشكيلة الحكومة المقبلة وتشكيلها بسرعة حتى لا تواجه حقل ألغام سياسيا فى الأشهر المصيرية المقبلة". وأوضحوا أن الأخطار التى يواجهها لبنان مرئية من الجميع وعلى رأسها الظروف الأمنية بعد عودة التوتر والعنف أخيرا إلى طرابلس وبيروت وغيرها من المناطق؛ حيث شهدت طرابلس، خلال الأيام الماضية، اشتباكات بين سنة وعلويين تسببت بمقتل ستة أشخاص وجرح العشرات.