التاسع من يناير 2011، تعلن دولة جنوب السودان بعد صراع استمر لعقود بين تياري الشمال والجنوب منذ استقلاله، ليكون التجسيد الفعلى على الأرض لحركة الانفصال عن شمال السودان ويكون التتويج لحركة الانفصال بنجاح والتي بدأت عملها الفعلى على الأرض من عام 1963!! ما بين التاريخين ثمانية وأربعين عاما!! والطريق نحو اكتمال دولة الجنوب مستمر.. ولكن يبقى السؤال.. أين إسرائيل مما يحدث فى السودان.. بشطريه!! إسرائيل وانفصال السودان: فى عام 1955 انفصل السودان عن مصر، ومنذ عام 1963 ظهرت الحركات الانفصالية، وعلى صوت الإثنية فى السودان وفى كل إفريقيا ، ومع أن تغير ميزان القوى الذى أوجد محددات جديده فى العلاقات الإسرائيلية الإفريقية، خاصة مع الحديث الذى استمر فى الفترات السابقة عن كون السودان هي سلة الغلال للعرب، تقدمت إسرائيل عبر مد المساعدات اللوجستية للسودان، فى ظل غياب مشبوه للدور العربى ، وكان التدخل الذي بدأ على استحياء ليفعل وبقوة بعد ذلك. هناك محددات للعلاقة التى تحكم إسرائيل والجنوب.. والتى بدأت فى الغرف المغلقه لتظهر وبكل وضوح إلى العلن وتكون إسرائيل أو المعترفين بدولة الجنوب فى 28 يوليو 2011، وهو تاريخ إعلان العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين!! أول هذه المحددات: السيطره على المنابع، وهو لا ينفصل عن محاولات تطويق مصر عبر مد جسور من العلاقات القائمة على الدعم اللوجستى لدول الحدود مع مصر (الصومال، إثيوبيا، كينا، اوغندا) وسد أوين وما يحدث فى إثيوبيا ليس بعيدا!! الدولة الوظيفة: نحن هنا أمام دولة أنشئت لتمارس وظيفة، ولهذا لا بد أن نعي أن ذكردولة جنوب السودان لا يصح بمنأى عن إسرائيل، فإسرائيل راعية الدولة الوليدة في جنوب السودان ،هذه النظرة بعين والعين الأخرى تطلع على ساحل البحرالأبيض المتوسط حيث فلسطينالمحتلة، ، ليس استثناء إذن أن تكون الدولة الراعية لدولة الجنوب السودانى الوظيفيةهي أيضا دولة وظيفية وهى دولة إسرائيل. محددات إعادة الصيغة ودولة الوظيفة: لقد أعيد تشكيل وبلورة المنطقة الجغرافية الواقعة في جنوب السودان فى إطار دولة لتلعب عدة أدوار، سواء من حيث صفتها كدوله جديده تريد ترسيم حدودها، والحفاظ على ثرواتها، وأهمها، البترول ( الطاقة )، ومن حيث كونها شوكة فى فى ظهر مصر فيما يخص ملف الماء، والذي تحول إلى صراع خاصة وقوع إثيوبيا فى يد اسرائيل. نحن إذن أمام دولة وظيفية لها هدف محدد، كما أنه سيعاد صياغة مفهوم، هذه الدولة (الوظيفية) فى سيناريوهات قابلة للتكرار فى القارة، وخاصة فى مناطق التمركز المائي والطاقة..!! أمن إسرائيل يبدأ من منابع النيل إن الكيان الاسرائيلى يعى انه دولة ذات وظيفه محددة ، لهذا يعى ان امنه يبدأ بتفتيت قوى الدولة الكبرى والسيطرة على مقدراتها، لهذا كان العمل المثمر مع دول المنابع والذى تمخض عنه اتفاقات توزيع حصص الماء الجديدة، ورعت إسرائيل دولة مصر والسودان، لهذا قررت اللعب بطرق مختلف وبوجه جديد، عبر دعمها للإثنيات العرقية. استعدت إسرائيل مبكرا لضمان عدم السماح لأي دولة إفريقية رغم البعد الجغرافي، خاصه السودان بأن تصبح قوة، لأن استثمارها لمواردها في ظل أوضاع مستقرة يجعل منها قوة يحسب لها ألف حساب على حد تعبير وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي الأسبق أفيد يختر، في محاضرة ألقاها عام2008 تحت عنوان" أبعاد الحركة الاستراتيجية الإسرائيلية المقبلة في البيئة الإقليمية". لهذا استطاعت إسرائيل إنتاج دولة جنوب السودان– بعد أن حولت مشاكل السودان إلى معضلة يصعب حلها. وهو ما بشر به وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي الأسبق افيد يختر، لهذا رفعت إسرائيل تمثيبها الدبلوماسي مع القارة وبشكل حاد وسافر كما ساهمت اسرائيل بشكل فاعل في تدريب وتسليح المجموعات العسكرية والميليشيات القبلية عبر شركات حماية أمنية. وهو ما ساهم في توسيع دور جيش المتمردين ولاحقا جيش دولة جنوب السودان لتقوم الدولة الوليدة بدفع فاتورة دعم إسرائيل لها. وهي تفعل ذلك وستبقى تفعله نظرا للتغلغل الإسرائيلى في هذه المنطقة الحيوية من إفريقيا، ليس فقط لكونه خزانا نفطيا لايستهان به ،ولكن كونها ركنا إفريقيا يشكل مرتكزا للتحرك الإسرائيلي نحو أي من المناطق الإفريقية المراد استهدافها وعلى رأسها دولة شمال السودان ومصر.