فسر عدد من خبراء الاقتصاد القرض السريع المقدم من صندوق النقد الدولي بقيمة 750 مليون دولار كبديل عن القرض الاساسي ب4.8 مليار دولاربأنه نوع من الرفض الضمني، بعد حالة عدم التوافق السياسي، رغم رفض الحكومة لتلك المبادرة وتأكيدها علي تطبيق برنامجها الاصلاحي حتي وان لم يتم الحصول علي القرض الاساسي ،إلا أن الخبراء أكدوا ان مصر ليست قادرة علي تطبيق ما وعدت بتنفيذه بسبب أزمتها السياسية والأمنية. قالت الدكتورة علياء المهدي الخبيرة الاقتصادية وعميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة السابقة،ان الحكومة المصرية رفضت القرض السريع من صندوق النقد الدولي بقيمة 750مليون دولار لأنه غير مجزي بالنسبة للقرض الاساسي الذي تريده والبالغ قيمته 4.8مليار دولار لانه سيعطيها شهادة دولية للحصول علي قروض من مؤسسات مالية متعددة سواء البنك الدولي و البنك الاوربي لتعويض الفجوة الاقتصادية والبالغة 14.5مليار دولار بموازنة الدولة منقوصا منها قيمة قرض الصندوق. وأشارت المهدي إلي انه علي ما يبدو من فكرة طرح القرض السريع انما يعد توجها واضح لرفض القرض بشكل دبلوماسي خاصة وانها من الممكن ان يكون ذلك بناء علي مشكلة غير معلن عنها بعد من الممك ان تكون ضعف للبرنامج الاصلاحي الذي عدلته مصر مؤخرا وقدمته لادارة الصندوق منذ ايام. وأكدت ان القرض السريع ليس له أية آثار علي الاقتصاد المصري سواء حصلت عليه مصر ام لا،مؤكدة ان الحكومة سبق وان طرحت برنامجا اصلاحيا وتم الاتفاق عليه غير انه لم يطبق فعليا خاصة وان هناك حالة تخوف من المسئولين بالدولة بسبب عدم التوافق السياسي بالشارع المصري وهو ما خلق حالة من عدم القدرة لتنفيذ برامج الصندوق. وأضافت ان البرنامج المذكور تم الاتفاق علي تنفيذه بعد مجئ بعثة الصندوق للبلاد في ديسمبر الماضي الا ان احداث الاتحادية خلال يناير الماضي حالت دون تنفيذه، مشيرة الي ان الصندوق ينبغي أن يتأكد من قدرة مصر علي سداد قيمة القرض ووفقا للبرنامج المقدم والذي لا يتوافر حاليا بسبب تعثر الاقتصاد. وأشارت الي ان الحلول التي ينبغي علي الحكومة تنفيذها تتمثل في تشجيع الاستثمارات خاصة الاهتمام بالقطاع السياحي والذي من الممكن ان يوفر نحو 5مليار دولار سنويا كقيمة اكبر من القرض الاساسي في ظرف عام واحد،مؤكدة ان الاستقرار السياسي شرط مهم لعودة الاقتصاد الي مساره المطلوب. وانتقدت المهدي تصريحات الحكومية واصفة اياها بالسيئة تجاه رجال الاعمال ابرزهم نجيب ساويرس، مشيرة الي انه لا يمكن بأي حال من الاحوال معاملتهم بتلك الطريقة خاصة وانهم من ذوي اصحاب الاستثمارات الاجنبية ومعروفون عالميا ،لافتة الي ان ذلك من الممكن ان يؤثر علي الاستثمارات ولايمكن لاي مستثمر المغامرة بأمواله في مصر بعد تلك الخطوات التي تتخذ تجاه رجال الاعمال. من جهتها قالت الدكتورة سلوي العنتري رئيس لجنة الشئون الاقتصادية بحزب التجمع، أن صندوق النقد يرحب بتقديم القرض الاساسي لمصر بدعوي انه يساعد دول الربيع العربي بما يكون له نوع من الهيمنة والريادة علي تلك الدول. واضافت ان القرض الاساسي الذي طلبته مصر خلال فترة ما بعد الثورة كانت الاجواء مستقرة بصورة محدودة وبالتالي فان شروط القرض كانت اقل قسوة علي الوضع الاقتصادي وقتها ،ولكن مع زيادة موجة الصراع السياسي و تدهورت الاوضاع الاقتصادية زادت تلك الشروط قسوة بحيث لا يمكن تنفيذها علي الاقل حاليا وهو ما جعل ادارة الصندوق تفكر في تقديم القرض السريع. واشارت العنتري الي ان مصر رفضت ذلك القرض خاصة وانها ترغب في الحصول علي سلسلة من القروض الاخري بعد الحصول من ادارة الصندوق علي شهادة دولية تفيد بتعافي اقتصادها بحيث تستطيع ان تقترض من أية مؤسسة مالية دولية بموجب تلك الشهادة . واعتبرت العنتري ما اسمته بسياسة الدولة في اللجوء للاقتراض من الخارج دون التفكير في طرق بديلة عن زيادة فوائد الديون علي موازنة الدولة،مشيرة الي ان البرنامج الاصلاحي الاخير والذي قدمته مصر يستهدف خصخصة الخدمات العامة سواء الصحة او مشروعات البنية التحتية تحت مسمي مشروعات شراكة مع القطاع الخاص بالاضافة الي قانون الصكوك الذي يعد حاليا لذلك الغرض،مؤكدة ان البرنامج المذكور يعد ضعيفا ولم يلقي قبولا لدي الصندوق خاصة وان هذا الاخير يعي ويدرك حجم حالة عدم التوافق المجتمعي لذلك القرض. وأضافت العنتري أن الصندوق فكر في طرح حل عاجل خاصة في ظل تفاقم الازمة الأقرب لكارثية ،في التفكير في قرض غير مرتبط ببرنامج متكامل . ولفتت العنتري إلي ان النظام الحالي يري حل الأزمة في الاقتراض من الخارج دون التفكير في تحديث الموارد السيادية للدولة وتحويل العبء علي الفئات القادرة وتحميله لمحدودي الدخل وعدم الالتفات لآراء الخبراء في بعض القرارات التي يتم استصدارها دون وجود أية دراسة لابعادها من شأنه ان يزيد الامور اشتعالا. وكان الدكتور المرسي حجازي وزير المالية قد اعلن خلال اليومين الماضيين عن رفض مصر للقرض السريع المقدم للحكومة بقيمة750مليون دولار كاجراء سريع وبديل عن القرض الاساسي والبالغ قيمته4.8مليار دولار لسد عجز الموازنة،مؤكدا انه يأمل ان يتم الحصول علي القرض الاساسي بالرغم من سعي البلاد لتطبيق البرنامج الاصلاحي المعدل مؤخرا منها.