"ملك" يا حبيبة أبوكي يا حلمه الكبير, يارب تكبري ويكون حظك أحسن مني وتكوني دكتورة متعلمة ومتشقيش زي كدة ولا تشتغلي 18 ساعة في اليوم علشان بس تقدري تاكلي عيش"، هذا هو حلم الشهيد حسام خاطر 29 سنة الذي دهسته مدرعة أمن مركزي في المنصورة الجمعة الماضية. كان حسام يعمل في مصنع بلاستيك باليومية من الرابعة عصرا حتي الرابعة فجرا, ويساعد أخوه في بعض الأعمال الأخري, في اليوم الذي استشهد فيه كان كعادته متوجها لاحضار زوجته وابنته من عند أهلها في قرية بجوار المنصورة, حسام الذي لم يحصل علي تعليم سوي الابتدائية كان يعمل لمدة تزيد عن 18 ساعة في اليوم ليوفر لقمة العيش له ولأسرته , ولم يشارك في مظاهرة أو ينتمي لأي حزب أو تيار سياسي, ومشهود له في قريته بالسمعة الطيبة. الصدفة وحدها هي التي قادته إلي ميدان المحافظة, لأنه لا توجد وسيلة مواصلات بسبب الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن.. يروي محمد خاطر أخو حسام الكبير "للبديل" أنه الوحيد من أخوته الذي اشترك في المظاهرات وكان حسام يعلم ذلك ، وبدأ في البحث عنه وسط الثوار من قريته ، كانت المدرعات تضرب المتظاهرين بقنابل الغاز وتجري ورائهم في الشوراع الجانبية لتفريقهم ، تكرر مشهد مطاردة المدرعات للثوار أكثر من مرة, ولكن في إحدي هذه المرات حاولت المدرعة دهس حسام ولكنه تفادها بأعجوبة لتأتي المدرعة الأخري بسرعة وتدوس عليه بقوة, يقول محمد أنه راي المدرعة وهي تدوس علي أخوه ولم يكن يعلم أنه حسام, ولكن عندما اقترب من الجثة مع مجموعة أخري من الشباب, اكتشف أن الجسد المغطي بالدماء, والمدهوس في الأرض يحمل وجه أخيه. "ياريت المدرعة دهستني, أنا شبعت من الدنيا, لكن حسام آخر العنقود وابني حتة مني, هو طيب والله طيب أسألو الناس عليه وأصحابه وجيرانه كلهم بيحبوه لأنه يتحب" هذه امنية والدة الشهيد وكل أم يقتل ابنها غدرا. قالت والدة الشهيد أنها أصرت أن تري ابنها لآخر مرة في المشرحة, رفضت كل محاولات أبنائها وزوجها لابعادها عن رؤية الجثة المشوه ، قائلة"ليه يعملوا فيه كدة, حتي لو كان كافر, ميستحقش الموتة دي, ابني المدرعة دهسته ولحم بطنه لزق في صدره, ووشه الي زي القمر كله وارم ومتغطي بالدم, وراسه مجلوطة, كانو يصيبوه إصابة خفيفة ولا يقتلوه برحمة شوية, ليه يعملوا كدة ليه!". بعد نقل الجثة إلي المشرحة, ساومت الشرطة أهل الشهيد لدفنها في الثالثة فجرا ولكن والده رفض وحاول الحصول علي تقرير الطب الشرعي الذي تأخر عمدا, ولم يوضح التقرير بقصد السبب الحقيقي للوفاة, وتأخر الحصول على تصريح الدفن مما أثار أهالي المنصورة المتجمهرين خارج المشرحة, وهددوا باقتحامها في حالة عدم حصولهم علي الجثة, وفي النهاية وبعد معاناة خرجت جنازة الشهيد قرب العصر ويتبعها الالاف من أهالي المنصورة والمحافظات الأخري الذين جاؤو لتشيع الجنازة. حتي الجنازة لم تسلم من بطش الشرطة يقول والد الشهيد" ناس كتير كانوا في جنازة ابني, وضربت الشرطة خرطوش علينا اتنين شباب زي الفل اتصابو واحد خد طلقة في رجله والتاني في بطنه". من الواضح أن الأمن يكرر أخطائه في كل حادث قتل لاحد الثوار ويزعم أنه بلطجي وكان رد مديرية أمن المنصورة علي الحادث, أن حسام بلطجي وتم دهسه بطريق الخطأ...يذكر والده أنهم يريدون تشويه سمعة ابنه بعد وفاته, والبلطجية معروفون بالاسم لدي الداخلية, لذلك رفض مقابلة مدير الأمن سعيد عاشور لأنه أراد أن يساومه علي دم ابنه. كما رفض محاولات بعض الاخوان في القرية عروض المساعدات التي قدموها له" الاخوان مجوش الجنازة,كان بيجي واحد منهم ويقعد في زاوية بعيدة ويسألني انت عايز حاجة عندك بنات عايزة تتجوز,لكن بقية أهل القرية وقفوا جنبي وساندوني ونظموا وقفة احتجاجية علي الطريق وجاء الأمن وفضها. لا يمكن أن أنسي أهالي قرية ميت عنتر ونحن نسأل علي منزل حسام وهم يترحمون عليه ويقولون أنه شاب طيب وغلبان وبيشتغل في اكثر من مهنة لتوفير لقمة العيش.