محمد عصمت : زمن الهوان

هواء مفعم بمسببات المرض ، ساحات متخمة بدماء واوجاع ، صراخ جدلي مستمر ، أكاذيب تلو اكاذيب ، ترهات لا تنتهي ، اوضاع هذلية متخبطة أستهلكت عقولنا ، بذلنا زهرة العمر لمحاولة فهم المتواطئين علي مستقبل ظننه مقبل رغم سدنة النفاق ، تجلي الحلم رصاصة رحمة اخرست ما تبقي منا ..
امال مجهضة ملقاه علي قارعة الطريق ، جنون مستعر يضرب جنابات المجتمع، حواه يعرضون العايبهم بحرفية وسط اقبال الجهلاء ، ثورة تتساقط من سردية التاريخ ، جولة جديدة من حكم التابعين ، للخيانة سياق تاريخي عند العرب ، ممالك ودويلات تنتهج سياسة الاستمرار مقابل العمالة ، شعوب افرغت من هويتها علي أثر الامباريالية العميقة ، ماضً احترق عند اقدام الغزاه ، باع العربي خيمته نظير السراب .
هوية منزوعة بدافع العولمة ، شعوب حائرة بين عبث الواقع واثر الماضي ، اطماع تنفذ لاتصاغ ، قوي الشر تفاضل بين فروض ولاء أخوة الدم والدين ، قواعد عسكرية تحمي قصور وأشلاء مترامية علي الخرائط ، اوطان تسير بخطي مستكينة للمغتصب ، فضوا بكارة حضارة باكملها ..
انظمة اقطاعية تروج نفسها حامية للانسانية ، خلف الاطماع تتواري الذرائع ، عالم يدور في فلك الظلمات ، مبادئ تبدل كما الاقنعة ، أنين الضعفاء يرتجي الامل ، لاعدل هنا لاعدل هناك ، الظلم فطرة متجذرة ، المحتلين الجدد نجحوا في تجريف الثقافة ، هزمنا حين تناسينا تاريخنا ، حين صار للحلم الامريكي مريدين بيننا ، حين نقل النفط العراقي الي تل أبيب ، حين اصطف العملاء أمام الطائرات الزرقاء لنيل رضا واضعي السياسات ، حين تضألت مصالح الشعوب علي أجندة الحكومات ..
"يناير" ثورة جيل علي عقود الاذعان والتركيع ، طفح الكيل بمن أعتادوا الاستبداد ، صار العبد يستسيغ سوط جلاديه ، بددوا الماضي وانتهكوا الحاضر ، المستقبل لن يجئ الا اذا رأينا أمس ، فرص منعدمة وشباب يائس ، سرق ثورته دعاة التمييز الديني والعرقي ، يدعون أنفسهم أخوان مسلمون ، التسمية ذاتها مشبعة بالعنصرية ، ماذا ندعي الاخرون ، الجماعات الانفصالية تمارس دورها في الوصاية علي المجتمع ، يظنون أنفسهم أعلي قامة وديناً ، من يتحدث باسم السماء يبيع ارضه ويدعو أعدائه بالاصدقاء ، يتحللون يوماً بعد يوماً من هالتهم المقدسة ، السقطة مروعة ، القبضة الديكتاتورية تظهر رويداً رويداً ، ركلوا السلم ولن يصعد أحد خلفهم ، عصر جديد من الظلمات بتورية الهية .
لا سبيل للهرب يا أخي ، لا سبيل لهوية جديدة وذكرياتك قابعة هنا ، الغربة افكار وليست أوطان ، ازادتك وهناً هموم البائسين ، دمعك صار يصافح العابرين ، طفلة صغيرة في أشارة مرور ، تركت سريرها ونافذتها الصغيرة لغبش الشوارع ، من القاها هكذا ، المادية قتلت أنسانيتنا ، نظرات المثقلين بعربات المترو ، تتمني لو تركع أمامهم وتبكي خطايا الازمنة الغابرة ، الالم أسر قلبك ،يطاردك أينما ذهبت ، أخرج قلبك والقيه في وجوههم ، أصرخ مرة أخيرة لتطرد الوجع ، لا تحلم بجنة وخلفك جحيم الارض ، الارض في النهاية يرثها الظالمون .
Comment *