أخبار × 24 ساعة.. الخميس المقبل إجازة مدفوعة الأجر بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. البيت الأبيض: ترامب يعانى من تورم فى الكاحلين وقصور وريدى مزمن.. وبن غفير يحرّض نتنياهو على الانسحاب من المفاوضات وإصدار تعليمات باحتلال غزة    الهلال يتفق على تمديد عقد بونو حتى 2028 بعد تألقه اللافت    إسرائيل ترفع الإنفاق الدفاعى 12.5 مليار دولار لتغطية الحرب على غزة    البيت الأبيض بعد تشخيص مرض ترامب : القصور الوريدى حالة شائعة لمن تخطت أعمارهم السبعين    أرقام عبد الله السعيد مع الزمالك بعد تجديد عقده لمدة موسمين    الهاني سليمان: كويس إن شيكابالا اعتزل لأنه محظوظ علىّ    مروان حمدى يعتذر عن واقعة تيشيرت بيراميدز.. والإسماعيلى يعاقبه    عرض سعودي ضخم بقيمة 350 مليون يورو لضم نجم ريال مدريد فينيسيوس جونيور بعقد يمتد لخمس سنوات    انهيار عقار قديم مكون من 3 طوابق فى السيدة زينب    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى حدائق الاهرام دون إصابات    المرور: حواجز حديدية بمحيط هبوط ارضى بمحور الأوتوستراد لحين الانتهاء من إصلاحه    مشيرة إسماعيل: حياتى كانت انضباطًا عسكريًا.. وعاملونا كسفراء بالخارج    لطيفة: أسعى لاختيار كلمات تشبه الواقع وأغنية "قضى عليا الحنين" عشتها بشكل شخصي    "أم كلثوم.. الست والوطن".. لقطات لانبهار الفرنسيين خلال حفل أم كلثوم بمسرح أولمبيا    نفاد تذاكر حفل أنغام بمهرجان العلمين الجديدة بدورته الثالثة    أشرف زكى ينفى شائعة وفاة الفنانة زيزى مصطفى.. وجمال عبد الناصر يعتذر    طبيب مصري بأمريكا لتليفزيون اليوم السابع: ترامب يحتاج جراحة لعلاج القصور الوريدي    المتحدث باسم الصحة: وفاة 5 من أطفال المنيا ليست بسبب الالتهاب السحائي.. والتحقيقات جارية    ترامب يواجه تحديًا جديدًا: إخماد نظريات المؤامرة حول فضيحة إبستين الجنسية    فييرا: شيكابالا جزء من كنوز كرة القدم المصرية    تجديد حبس مديرة الشهر العقاري بدمنهور وعضو فنى 15 يومآ بتهمة تزوير التوكيلات    وزير الرياضة: تعديلات القانون تخدم الأندية وتحفز إنشاء شركات في مجال كرة القدم    محافظ القاهرة: بدء تسكين أصحاب السوق القديم لسور الأزبكية للكتب بالمكتبات الجديدة    أرسنال الإنجليزي يبرم أغلى صفقة في تاريخ الكرة النسائية    الصحة تنفي وفاة 5 أطفال بالمنيا بسبب الالتهاب السحائي وتؤكد: التحقيقات جارية    محافظ الإسماعيلية يبحث الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ.. 135 مركزًا انتخابيًا لاستقبال مليون ناخب    ما حكم التحايل على شركات الإنترنت للحصول على خدمة مجانية؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير البترول يستعرض خطط «دانا غاز» التنموية بمناطق امتيازها    «الوطنية للتدريب» تحتفل بتخريج أول دفعة من قيادات وزارة العدل الصومالية    ننشر تفاصيل الجلسة الطارئة لمجلس جامعة دمياط    المؤتمر: وضعنا اللمسات الأخيرة للدعاية لانتخابات مجلس الشيوخ    تكريم وزيرة البيئة من مبادرة "أنتي الأهم" تقديرًا لاختيارها أمينًا تنفيذيًا لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    جاري البحث عن أثنين ...العثور على جثة إحدى الأطفال الغارقات بأحد الترع بأسيوط    ما حكم استخدام إنترنت العمل في أمور شخصية؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم إظهار جزء من الشعر من الحجاب؟ أمين الفتوى يجيب    نيوكاسل يناور ليفربول ويقترب من تشكيل ثنائي ناري بين إيساك وإيكيتيكي    الرابط المباشر والمستندات المطلوبة لتنسيق أولى ثانوي 2025    فوائد شرب الزنجبيل والقرفة قبل النوم لصحة الجسم.. شاهد    وزارة الصحة تكشف نتائج التحاليل فى واقعة وفاة 5 أطفال أشقاء بمحافظة المنيا .. اعرف التفاصيل    خالد الجندي: تقديم العقل على النص الشرعي يؤدي للهلاك    استعدادات مكثفة بفايد بالإسماعيلية لاستقبال مبادرة "أسماك البلد لأهل البلد"    حالة الطقس اليوم في السعودية.. الأجواء مشمسة جزئيًا في ساعات النهار    محافظ سوهاج: يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والوضع العام بقرية " المدمر "    «التعليم» تعلن الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025-2026    تفعيل منظومة انتظار المركبات داخل مدن الأقصر وإسنا والقرنة    دبلوماسي إثيوبي يفضح أكاذيب آبي أحمد، ومقطع زائف عن سد النهضة يكشف الحقائق (فيديو)    «قصور الثقافة» تعلن عن أول مشروع استثماري هادف للربح في العلمين الجديدة    هل الخوف فطرة أم قلة إيمان وعدم ويقين بالله؟.. محمود الهواري يجيب    تفاصيل تشييع جنازة والدة هند صبري وموقف العزاء بالقاهرة    نائب وزير الصحة يعقد الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى لشباب مقدمى خدمات الرعاية الصحية    «الصناعة» تدعو المستثمرين للتسجيل بمنصة المنتجات الصناعية والتعدينية العربية    أوكرانيا: الجيش الروسي فقد أكثر من مليون جندي منذ الحرب    تعرف علي الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الاحتلال يفرض حظر تجول ويدمر منازل جنوبي جنين في الضفة الغربية    كلية تربية حلوان تحصد المركز الأول في المشروع القومي لمحو الأمية للعام الثالث    زلزال يضرب اليونان الآن    ترغب في تواجدها بجانبك.. 3 أبراج هي الأشجع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية صغيرة عن "ك" قصة قصيرة
نشر في البديل يوم 04 - 01 - 2013


ما الذي يمكن حكيه عن "ك" بالضبط؟؟
لا أعرف عن نفسي. يبدو لي، كشأن كل من "عرف" هذا الكاف، ككائن أسطوري، شبح، ظاهرة ما. لا، هو ليس ظاهرة ما، الظاهرة تعني تعيين الحدود ما بين الطبيعي وغير الطبيعي، ويبدو الحديث عن تعيين الحدود ترفًا إذا ما كنت تتكلم عن "ك".
دعونا نجرب حظوظنا، وننبش عقولنا الخالية عما نعرفه عن ك: هو عجوز، هذه واحدة. هو يعيش وحيدًا، وبما أننا نقيم في هذا التجمع السكني الحديث الفخم، بعيدًا بعيدًا عن وسط المدينة المليء بالتاريخ، فلا حكاية قديمة عن أصل الرجل يمكنها وضع السبب، هذه الثانية. يبدو أنه يربي العديد من القطط في منزله، وهذه الثالثة (نقول يبدو؛ لأننا لا نستطيع التحديد: هل يربي هذه القطط، أم هي قطة تعيسة الحظ، ساق القدر أحدهم لرؤيتها قبل أن يتفضل ك بالتهامها؟). هو يفضل أكل المعلبات، كما يقول صبي السوبر ماركت، هذه الرابعة. هو يبقى داخل بيته ولا يغادره أبدًا، هذه الخامسة.
يمكننا التخمين، بعد هذه النقاط الخمس، أن "ك" ليس بالكائن الذي يقضي الصيف في رأس البر.
حسنًا، وبعد هذا المجهود العقلي المحمود، ما الذي نعرفه حقًا عن ك؟ لا يذهب لرأس البر؟ هل هذه هي المعلومة الخطيرة؟
أنتم تعلمون، هذه الشخصيات الغامضة التي تمنحنا بركة التنميط، فيمكننا الادعاء بأنه مختل وحيد تعيس الحظ، أو هارب حاذق من سجن، أو مطارد بأس من ثأر لا معنى له. ما الذي يقوله ذلك عنه؟ وحتى وإن كان مختلاً أو هاربًا أو مطاردًا، ما الذي تعنيه الصفة عن الموصوف؟؟ من هو هذا الرجل بالضبط؟
لابد من الاعتراف بأننا، أو دعني أقول "أنني" ممتن للرجل، فالأسئلة وسيلة عظيمة للتسرية في هذه الحياة، وك يستثيرها كفأر سمين يتهادى بالقرب من قط مصري متحمس. وأقول "أنني" لأن العديد من الناس في شارعنا لا يستسيغون تلك الفكرة، وبينما هم يسألون أنفسهم في انزعاج عظيم عن سر هذا الرجل، هذا العجيب الذي يقضي يومه متنقلاً ببطء ما بين ركن وآخر بإزاء نافذته الموصدة، تاركًا شبحه العجيب يطارد أفكارهم غير مرة. هم لا يدركون أي معنى في السؤال، وأي وقت ممل رتيب يساعدهم ك بطيبة قلبه على قتله.
في معظم الحالات، الناس يخشون المجهول فيحترموه إذا توجب عليهم هذا الاحترام، أما في حالة ك فقد ملكوا القدرة على كراهيته، فمقتوه بانفتاح وحقد: هذا الكائن الذي لم يثبت لهم إنسانيته من ضعف ومن تهافت ومن كراهية ومن حسد. لم يثبت لهم بلاهته في تشجيع الكرة أو حنانه الزائد في تربية أبن أو ابنة. لم يشتك جالسا فوق كراسي الكافيه الوثير من تراجع فحولة أو تسلط زوجة. لم يقصد احدهم في تسهيل دين بنك ما سيختلفان في ما بعد على طريقة تسديد الخدمة.
أما أنا، فقد قدرت صانع الأسئلة، وكنت راغبًا في البحث عن إجابة. كنت أريد أن امتلك شيئًا لأقوله عن ك.
فكرت لأيام وليال، في حجرتي الواسعة، عن الطريقة التي سأحقق بها ما أريد، نبشت دماغي مجددًا لأبتكر شيئًا يشفي غليلي التواق لتلك المعرفة.
أعرف أن "ك" لا يذهب للسوبر ماركت الذي يرقد فخيمًا على أطراف مجتمعنا الصغير، هو يقضي أموره بترتيب بسيط: صبي محدد يحمل صندوقًا عتيدًا من العتاد الاستهلاكي ليضعه على باب شقة ك الموصد، وبعد ربع الساعة تقريبا سيعود الصبي ليجد مظروف النقود. لا كارت ائتماني أو عبث من هذا القبيل (وهذا يثير سؤال جيد: من أين يأتي ك بهذا المال المتجدد؟؟!). وبالنسبة للطلبات نفسها فقد كان هذا سهلاً، فالأشياء هي ذاتها منذ البداية بلا تغيير أو ملل. ومن الطريف ذكر أن بداية هذه الطلبات كانت بمكالمة عن طريق طرف ثالث طلب لكاف المشتريات ودلهم عن الطريق المأمون للتعامل معه. هو لم يستخدم صوته حتى.
أنا اسكن قريبًا من "ك"، فقط ثلاث بنايات تفصل بين مبنيينا، وكنت اعرف صديقًا في بناية ك، فبدلاً من الحديث في الهاتف أو المرور عليه عند الباب الخارجي، فقط جعلته يصطحبني إلى داخل البناية ذاتها، من باب قضاء شطر من الليل عنده. بالطبع كان مندهشًا لِمَ اصررت على استخدام الدرج. لم يكن حبي لدرجه-بالطبع-تبريرًًا كافيًا. كنت أريد أن ارى باب ك، ذلك الباب المترب قليلاً، غير الملفت بشدة حسن الذوق أو برداءته، الذي لا يقول شيئًا عن قاطنه، كما ينبغي لكل باب يحترم نفسه.
هكذا لم تكن هذه بالزيارة البناءة، كنت أريد شيئًا فعليًّا.
وعندما كنت احضر بعض السجائر من السوبر ماركت، وفي اللحظة التي عبر فيها الصبي أمامي، لا يلوي على شيء، برزت فكرة ما من العدم.
لِمَ لا أبدل الأماكن معه؟
نعم، ارتدي أنا قميصه الأزرق السخيف، حاملاً صندوق المشتريات، واقفًا في المصعد بتصميم.
يمكنني أن انتظر مختبئًا، حتى يبرز ك من بابه غير المميز، لينظر حوله في ارتياب، قبل أن ينحني ويحمل الصندوق بخفة لا تتناسب مع مظهره. مظهره، نعم، سيكون عجوزا أنيق الملبس بشعر فضي منسدل وذقن مشذبة، عجوز رياضي يمكنه سحر الحسناوات من السن المناسب غير المناسب أيضًا. هكذا قفزت صورة ك في خيالي، واستبدت بي رغبة نزقة في أن أثبت لنفسي أن حدسي كان صحيحًًا. لم يقل الجيران وأصدقاء التجمع الراقي غير انه طويل واشتبه بعضهم في أنف معقوف، كلها خيالات استثارها شبحه العابر بلا اكتراث أمام بضع من الأعين المتلصصة عبر نوافذه.
سأقول لهم ما سأجد من وصف ل(ك)، سيكون موضوعًًا طويلاً شيقًا، وكأنها جزيرة معزولة أو قارة مفقودة ألقاها القدر أمام بحار مغامر.
ولكن، مهلاً، من يكتشف الجزر لا يصورها فحسب، لا يصف شكلها من فوق مركب ناء.
حسنًا، سأنتظر في مخبئي، وراء الدرج، حتى يبرز ك بقامته الطويلة وشعره الفضي المنسدل لينحني ويحمل الصندوق بخفه لا تتناسب مع مظهره، وعندها سأثب إليه لأدفعه داخلاً بيد، وباليد الأخرى ستكون سكين أنيقة تُغري بالاستخدام، وتأمر بحكي قصص طويلة ستؤنس ليالي السمر، سواء في مجتمعنا الراقي أو في احد المصايف الهادئة هنا أو هناك.
هكذا سيتم اكتشاف ك، حكاية وراء أخرى، وسيكون البحار الشجاع محط الحسد لأنه من كان هناك ليستمع، وهو من هنا ليروي.
انتبهت أن الصبي قد اختفى في تلافيف السوبر ماركت، ذهبت ورائه، وأنا أتحسس محفظتي في جيب السترة الثقيلة الدافئة.
بعد القليل من الكلمات والكثير من الوريقات المالية وافق الصبي على طلبي. فيما يهمه ما يريد هؤلاء الاشخاص؟ لهم دنيتهم وله دنيته، بعيدًا عن نزواتهم العجيبة، والأهم بعيدًا عن شرهم المستطير. هكذا اخذ الصبي نقودي، واجتنب شري، واخبرني أنه سيذهب بالصندوق المعتاد بعد يومين. في الساعة الثانية عشرة ظهرًا كما اعتاد. سأقابله في مدخل البناية، آخذ الصندوق وأمد يدي ببضع وريقات أخرى، ثم تبدأ الحكايات المثيرة، فقط في الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق مثلا..
بعد يوم في الساعة الثانية عشرة ظهرًا:
لم أطق صبرًا، فنزلت امشي في الشارع، أتفحص واجهة بنايته في حماس مسعور، أربع وعشرون ساعة وعشر دقائق وستكون حكاياتك ملكي يا أيها الكاف الغامض. نظرت لبعض العابرين، جثث، جثث لا تعرف التفهم أو الحب، جثث لا يهمها سوى الأكل والتغوط..
وفي الليل رقدت وعلى وجهي ابتسامة، سأكون الشجاع في هذا التجمع الكئيب المتراخي. هناك من سيملك إجابات لأسئلتكم التي جبنتم عن تحريها يا أيها الضائعون. خطر لي أن بعض الإجابات قد لا تكون سهلة، قد تكون نائية بعيدة عن الإحاطة، فاعتدلت في نومي وفكرت، قناع وزي أسود وقفازات هي إضافات مسرحية ناجعة على سكيني الأنيقة، بدوت رائعًا كمجرم هارب من كتاب أمريكي للقصص المصورة. رجعت لشفتيّ الابتسامة وتركت عقلي يضيع في ممرات طويلة ممتلئة بالأنوار والأصوات والظلمة أيضًا..
الصباح، قبل ثلاث ساعات:
وقفت أمام المرآة أتفحص مظهري. ارتديت زيي الأسود من قميص وبنطال وحذاء واحتفظت بالقناع والقفازات والسكين في حقيبة سوداء أنيقة ارقد بجوار قدمي. خطر لي أن استكشاف المجهول لا يتأتى إلا بكونك مجهولاً أنت نفسك..
الصباح، قبل ساعتين:
اشرب قهوتي السوداء والتقم إفطاري بمتعة وبطء. أتيت لهذا الكافيه الرائق في المجمع السكني لبعض من الاسترخاء قبل رحلة شاقة. رأيت شابة تقف ومحمولها في يدها، والحطة الزرقاء، أحدث صيحات الأناقة، تتدلى فوق صدرها النافر. بدت وكأنها التقطت عيني من وراء نظارتي الشمسية السوداء، فابتسمت قليلاً.
الصباح، قبل نصف ساعة:
الشمس تتحرك بثقة، دافعة الصباح أمامها، دفء الظهيرة جليّ وحاضر، نزلت على درج بنايتي بخفة، سأنتظر في ركن ما بجوار بناية ك، وسيأتي الصبي ليدق لجرس الداخلي، وعندما يصدر الباب أزيزه السخيف سيدخل الصبي وسيترك الباب مفتوحًا، والباقي معروف، ولكني كنت اتمتع باستحلابه مجددًا، ماشيًا في طريقي المحتوم كبحار مستكشف.
بدا كل شيء متسقًا ورائعًا، انعكاس الشمس فوق الإسفلت، الهدوء، نسمة هواء آبقة تضرب وجهي، والثقل المغوي والمناسب للحقيبة في يدي اليمنى، التي قاومت رغبة طفولية في أرجحتها للأمام والخلف وأنا امشي كمراهق يهيم في نصف ساعة من السعادة.
شيء واحد فقط لم يكن رائعًا.
عندما دخلت شارعنا لمحت عربة إسعاف وعربة شرطة. كانا يربضان أمام مدخل البناية، بناية ك. رأيت الصبي واقفًا غير بعيد، انتبه لوجودي فنظر إليّ، حركت يدي إليه بأن ماذا هناك؟ لم أصدق أن هناك شيئا في الكون يمكنه اعتراض خطتي..اللعنة! لن انتظر شهرًا آخر لكي أكتشف ك. بعض من السكان اجتذبهم الفضول فتوقفوا بسياراتهم اللامعة في الشارع أيضًا، مصوبين نظراتهم الغبية نحو العربتين وطاقميهما. سأذهب للصبي واجعله يتباطأ في توصيل الصندوق. نعم. لن انتظر شهرًا آخر. كنت أعلم أنه سيستخدم الشرطة والإسعاف كمبرر للتأجيل، ومن ثم طلب المزيد من النقود. عقدت العزم على أن أزيده، مددت خطواتي في الطريق إليه. هنا رأيته.
محفة يحملها اثنان من المسعفين فوقها جسد مديد. شبح ابتسامة امتد فوق شفتي الصبي وهو يشير لي بحركة خفية، ربما هي خجولة أو ساخرة، إلى الجسد المسجى. كانت رائحة مزعجة للغاية، هكذا قال الجيران، وكانت تزيد نتانة في كل ساعة تعبر، فاتصلوا بالشرطة التي أتت لتجد الجثة. نعم، كانت جثة لجار لم يعرفوا اسمه، ولكن أحد الناس دعاه ك.
كانت جثته التي جعلتني انظر لحقيبتي السوداء التي ابتلعت قفازيّ وقناعي وسكيني الحادة الأنيقة الطويلة.
الظهيرة، في تمام الموعد:
أقف وحيدًا والتمتمات المزعجة تعبر من حولي لأناس فضوليين تجمعوا في المكان. العرق. خط رفيع منه انزلق فوق انفي. بهجة مكتومة ميزتها جيدًا تمسك بزمام الصبي وهو يتحدث لرجال الشرطة أمامه ويشير نحوي. عرق. رجال الشرطة ينظرون نحوي. عرق. لم أعرف ساعتها ماذا افعل، لأنني أحسست بأشعة الشمس، المفرودة أمامي، تضربني في لحظة واحدة كسكين حادة، أنيقة وطويلة.
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.