كلما حاولتم إرهابنا، وحبس كلماتنا، كلما ازددنا اعتصاماً بحريتنا، وصممنا على أن نمارسها، في هواء الوطن الطلق، من دون سقف، ولا جدران. لسنا سنقول لكم: سمعاً وطاعةً، ولن نتمسح في ذيول جلاليب قصيرة، لا تشبهنا ولا تنتمي لنا، وإنما سنرتدي "السموكن والبيبيون" وسنذهب إلى الأوبرا، بعد أن نصلي العشاء، ونلحقها بالسنن والشفع والوتر. لكم كهوف ظلام، نشأتم فيها، وفتاوى تكفير تنسج أعشاش عناكب في أمخاخكم، وشرائع غابٍ تلصقونها بإسلام، لا ترون منه ولا فيه، إلا نكاح الأطفال والزواج منهن، في سن التاسعة، ولنا الحدائق المفتوحة والشواطئ والهدير والنوّات والسموات الصافية الزرقاء. نحن نتقرب إلى الله بحبنا لأراوحنا التي نفخ فيها الخالق من روحه، فاستوت توّاقة إلى الجمال، نحبه لأنه جميل بذاته، ولأنه عز وجل، أعطانا فيما أعطى، القدرة على تذوق الحسن، وملأ الكون حولنا حُسنا.. نراه الموسيقار الأبدع، ونصغي إلى الملكوت سيمفونية، فيها حفيف أوراق شجر، وخرير ماء، وهديل يمام، ووشوشة عنادل، وأنتم تخافونه مضطربين، ترونه جباراً لا رحيماً، فلا تعرفونه حق معرفته. نحبه رساماً، سكب حولنا الأخضر، رائقاً يكسو سهول الوطن، والأزرق صافياً في سمواته، ونرى قرص الشمس ديناراً ذهبياً، وأنتم ترونها قطعةً من جهنم، وحفرة من الجحيم. نحب الله في عيني حبيبة، وفيما نكتبه من شعر فيهما، ونرقى بهذا الحب، فنكتشف كم نحن أنقياء، ونرى الحضارة أنثى، والوطن أنثى، والوردة أنثى، والقصيدة أنثى، وأنتم تجعلون المرأة، كل المرأة عورة، وتلعنون النساء جهراً، فيما أرواحكم سلمتموها لشياطين الجنس، وهوس الرغبات المكبوتة. نحبه في أخطائنا، فنستغفره تائبين عنها، وأنتم تريدون قطع يد الجائع، وتلتمسون للمتحرش ألف عذر، ولا تغفرون للأنثى أن تقول: أحب. هذا خلافنا وإياكم.. لسنا كفاراً ولن نكون، لكنّا نؤمن بأن الحرية، أعظم منحة وامتحان من الله، ومن ثم نجرب ونجرب.. نحبو فنقف فنمشي فنقع فنتألم فنتعلم فنمشي بعدئذٍ واثقين، أما أنتم فأجبن من أن تحاولوا، وقد جعلتم بينكم وبين التفكير أقفالاً عليها صدأ وغبار. حريتنا خط أحمر، نموت دونها، وهي ليست ملك بنانكم، تمنحونا إياها إن شئتم، وتمنعون إن لم يرق لكم الأمر، فلا ترهيب لصحفي سيجدي نفعاً، ولا تخوين واتهام بالعمالة وتلقي أموال من الخارج، سيردنا عن التشبث بحريتنا حتى الرمق الأخير، وليست على رؤوسنا بطحة، حتى نرجع عما عاهدنا الله والوطن عليه. قبل أن تقذفوننا بالحجارة، تفقدوا بيوتكم الزجاجية، واعلنوا عن مصادر تمويلكم، وجاوبوا على مرشح الرئاسة الأمريكية، رومني إذ اتهم أوباما بأنه خصص لكم ملياراً ونصف المليار، من العملات الصعبة العسيرة على الشرفاء، دعماً حتى تصلوا لسدة حكم هذا الوطن. إن كان منا عميل، فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، أو اكفونا صراخكم وحديثكم عن مكارم أخلاق، لا نعرف كيف تدعون الانتماء لها؟ هجومكم اللفظي على الزميلتين: جيهان منصور وريم ماجد، لن يرهبنا، ومن قبله الهجوم على سيارتي الزميلين يوسف الحسيني وخالد صالح، ومؤخراً إرسال رسالة عليها شعار جهة ظلامية، تسمي نفسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى الكاتبة الصحفية إسلام عزام، وزوجها الزميل سعيد شعيب، كلها ممارسات لن تدفعنا إلى التقهقر إلى الوراء. نحن مثابرون وصامدون، نقول كلمتنا من وحي ضمائرنا، ولا مرشد يرشدنا كما يرشد الراعي أغنامه، نتشبث بما نؤمن به، مثلما تشبث مصعب بن عمير، براية الإسلام، يوم أحد، ولم يتركها إلا شهيداً تزفه السماء، فيما أصبح قاتلوه ملعونين في الحياة الدنيا، وفي الآخرة هم الخاسرون. أقلامنا ستكتب في الهواء الطلق، فلا زنزانة تستطيع حبس أفكارنا، والدعاوى القضائية التي تلوحون بها، في وجه كل صحفي، وأي وسيلة إعلام، لا تسير في قوافلكم، لن تردنا عما نراه حقاً، ولو وضعتم القمر في يميننا والشمس في يسارنا، على أن نترك هذا الأمر ما تركناه.. فارجعوا إلى كهوفكم، لأن هذا الوطن لم يعرف إلا التسامح شرعةً ومنهجا، ولن يسمح يوماً للغربانِ أن تستعمره. Comment *