ما شهدته تونس من أحداث متلاحقة أطاحت بالرئيس الفاشي بن علي كرمز للطاغية الذي صنع نهايته بطريقة لم يحلم بها أحد. حيث أن الساعات الأخيرة من حياته سجلت حدثا تاريخيا مشهوداً تمثل في هروبه هائما على وجه متخبطا بين من كان يعتبرهم أصدقاء وحلفاء ليفاجأ في اللحظة الأخيرة بأنه كان مجرد ألعوبة بيد هؤلاء الذين حكمتهم المصالح الاقتصادية والاعتبارات السياسية ليجد نفسه في آخر اللحظات من حكمه على متن طائرة تمنى لو سقطت به في البحر لتطوي صفحة سوداء في تاريخ هذا الرجل,فهل رحيل الطاغية يعني رحيل النظام الذي أنشأه وحماه هذا الطاغية؟؟؟ ماذا عن مصير هذه الطغمة الحاكمة التي استفادت من بطش وعربدة زين العابدين بن علي ونقصد هنا عشرات الوزراء وأعضاء البرلمان والمجالس والمستفيدين الذين ازدات ثرواتهم تحت غطاء العصا التي كان يحملها بن علي وحاشيته. فهل بقاء هذه الطغمة يحدث التغيير الثوري الذي سعت اليه الجماهير أم أن هذه المجموعة من المنافقين ستجنى ثمار النصر الذي تراكم عبر عشرات السنين على حساب دماء الشرفاء والمناضلين من أبناء تونس الخضراء, وهل سيكون لهؤلا الضحايا الذي عمدوا نضال الشعب بدمائهم وقضوا زهرة شبابهم في المعتقلات والمنافي أين مستقبلهم هل سيذكرهم التاريخ أم أن هذه الطغمة الحاكمة تقوم بتوزيع المناصب الوزارية وتناست أن هناك الآف من أمثال محمد بو العزيزي الذي سجلو بأحرف من نور ونار تاريخا مشرقا ستدرسه الأجيال القادمة باعتبار أن ما حدث في تونس هو انتفاضة حقيقة تحركت وفق القانون الطبيعي القائل “أن التراكمات النوعية ستحدث دوما تغيرات نوعية وهذا ما سجلته انتفاضة الشعب التونسي بكل مكوناته الاجتماعية فالعزيزي لم يكن القائد الأول بل كان الشمعة التي احترقت لتضيء الطريق للآخرين فماذا ينتظر الآخرين!! فما هو المستقبل السياسي لتونس!وكيف تبدو الصورة الآن في ظل تسابق الجميع لجني وقطف ثمار هذا الانتصار رغم أن البعض كان يخاطب الجماهير من لندن او باريس وهو يتقاضى راتب من جهات مشبوهة! ما هو دور الأحزاب التي صنعت وراكمت هذه الأحداث هل سيشمل بناء النظام في تونس جميع فئات الشعب أم أن كعكة الانتصار ستوزع على من حالفهم الحظ ولعبت الأقدار لصالحهم ليتولى بعضهم الوزراة وبعضهم عضوية في مجلس النواب ليفاجأ الجميع بعد سنوات بأن انتفاضة الشعب التونسي قد جنى ثمارها الجبناء!! نتمنى أن تجد هذه الأسئلة الكثيرة وغيرها العشرات من الأسئلة اجابات واضحة تتمثل في تشكيل تونس جديد يحفظ ويضمن دماء الشهداء وعذابات الأسرى والمنفيين ويتم انصاف كل هؤلاء الذين قادو الانتفاضة بصدروهم العارية وتحدوا سياط الجلاد في وسط ميادين تونس هل سينصفهم التاريخ!وهل ستشكل انتفاضة تونس كتابا ثوريا سيعود اليه الأصدقاء والأعداء لدى محاولتهم اعادة دراسة تاريخ الأنظمة الجمهورية في الوطن العربي!وهل ستأخد هذه الأنظمة ورموزها الطاغية العبر مما حدث في تونس وهل ستأخد مراكز صنع القرار والدراسات الاستراتيجية في الغرب ما حدث في تونس بعين الاعتبار لتخرج بنتيجة مفادها قول الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي”اذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر فهل سيستجيب القدر ونشاهد تونس الخضارء منارة للثورة وعنوانا للوحدة الوطنية الداخلية التي تصون وتحقن دماء أبنائها وشرفائها أم سنعود للعويل والبكاء ونذب الحظ بعد سنوات على ما أضعناه من جهد وتعب وسهر في قراة تاريخ هذه الانتفاضة المجيدة! مذيع في إذاعة صوت الشعب الفلسطينية