أصدرت وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية كتابا بعنوان "الثورة والدولة والديمقراطية" . ويضم الكتاب - الذي حرره الباحث محمد العربي - مجموعة مختارة من محاضرات التثقيف السياسي التي أقامتها الوحدة في ربيع عام 2011 ، وحاضر فيها عدد من الباحثين وأساتذة العلوم السياسية ، كما يتضمن أيضا ملحقين بالمفاهيم السياسية التي حوتها هذه المحاضرات، وقائمة مختارة من القراءات الأخرى التي تغذي موضوعات هذه المحاضرات . ويضم الجزء الأول من الكتاب ثلاث محاضرات للدكتور محمد صفار أستاذ النظرية السياسية بجامعة القاهرة، ومحورها علاقات السلطة والعنف في بنية المجتمع والدولة في مصر . جاءت المحاضرة الأولى لتوضح بنية هذه العلاقات وكيفية تحولها تاريخيا إلى منطق راسخ في ممارسات الدولة وعلاقاتها بالمواطنين ، وتشير إلى بنية العنف والقهر التي تعبر عن جزء أصيل من الثقافة العامة في مصر . وتأتي المحاضرة الثانية لتحاول البحث عن مخرج من بنية السلطة القاهرة وثقافة العنف، وتطرح حل "التحرير"، وهو إشاعة الروح الثورية التي تولدت في ميدان التحرير وقدمت نموذجا لإعادة تشكيل الدولة وعلاقات السلطة بين المواطنين المشاركين في الاعتصام، ليتم تعميمه عبر تكوين حركة اجتماعية شاملة من شباب الثورة تستهدف إعادة تكوين رأس المال الاجتماعي المصري بما يشكل قاعدة لتغيير اجتماعي شامل لا يلتفت إلى التناحر على مكتسبات السياسة ، بينما كانت المحاضرة الثالثة تطبيقا لعلاقات العنف والعلاقات القهرية على ممارسات جهاز أمن الدولة السابق ، وجاءت عقب إسقاطه في مارس 2011 . ويضم الجزء الثاني من الكتاب محاضرتين للدكتورة هبة رؤوف عزت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وتناولت المحاضرة الأولى الالتزمات المفقودة في العلاقة بين الدولة والمجتمع والتي كانت الثورة بمثابة معالجة لها، وعلى رأسها الالتزام بفكرة الجمهورية، حيث كانت الثورة بمثابة رغبة شعبية في استعادة الجمهورية التي تمثل تغييبها في مشروع التوريث وتغييب الدولة وتفكيكها. وركزت المحاضرة الثانية على الجدل الذي ثار بين القوى السياسية بين الدولة الدينية والدولة المدنية، وأشارت المحاضرة إلى أن منطق الدولة الحداثية التي تشكلت في عالمنا العربي هو الحاكم، وأن هذا المنطق هو منطق الآلة الشرسة التي لا تقبل بخضوع المواطنين لها وتقبلهم لعلاقات السلطة التي تفرضها عليهم بحيث تصبح هي مصدر القيم ومناط الولاء المطلق، أما الدولة المدنية فهي مفهوم لصيق بالمجتمع لا الدولة، حيث تبتعد الدولة عن المجال العام التوافقي بين الأفراد والجماعات. أما الجزء الأخير من الكتاب فهو محاضرة للدكتور عبد الفتاح ماضي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، وكانت شرحًا للمعوقات التي تقف أمام بناء نموذج ديمقراطي مصري بعد ثورة يناير، وهي في أغلبها معوقات وتحديات خلقها النظام السابق وشكلت الأساس الذي قامت الثورة لتغييره، وعلى رأسها تسييس الأجهزة الأمنية وتشتت القوى الثورية ، وتصارع القوى السياسية، وإبعاد جميع الأطراف عن خلق حالة توافق وطني . وأدت الحالة الثورية التي أعقبت الثورة إلى إثارة مصطلحات ومفاهيم أكاديمية وعلمية كانت غريبة على النقاش العام في مصر، وأشارت المحاضرات السابقة إلى عدد من هذه المفاهيم وقامت على أساس بعضها. ويضم الملحق الأول للكتاب كشافا بهذه المفاهيم وإيضاحا لها، بما يخدم هدف هذه المحاضرات وهو نشر الوعي السياسي اللازم ، ومن هذه المفاهيم: الأناركية ورأس المال الاجتماعي واليوتوبيا والمجال العام وغيرها.. أما الملحق الأخير للكتاب كان محاولة لدعم هذه المحاضرات بمجموعة مختارة من القراءات التي تفيد في استكشاف بنية السلطة وتحولات المجتمع المصري وتاريخه عبر عقدين وأزمات نظمه السياسية المتعاقبة. Comment *