اعتقد البعض انه بسقوط مبارك قد انتهى مبارك إلى الأبد وبلا رجعه ولكن سرعان ما تبين لهم خطأ اعتقادهم وسذاجة أفكارهم مع أول قرار للمجلس العسكري البائس الذي استطاع في عام ونصف أن يذيقنا ويلات وأهوال لم يقدم عليها مبارك في ثلاثين عام .. وتحولوا سريعاً إلى نقد كهول المجلس العسكري بكل قوة ومع كل جريمة يرتكبونها يزداد النقد والهجوم حتى بلغ ذروته مع دعمهم الكامل للشفيق في الانتخابات والثنائية الجبارة بين شفيق ومرسي حتى شعر معظم أفراد الشعب عموماً والثوار خصوصاً أنهم بين مطرقة العسكر وسندان الإخوان .. نجح مرسي في الفوز على شفيق بدعم كارهي العسكر والنظام البائد ولم ينجح مرسي بحبنا له ولا لجماعته وأصبح مرسي رئيساً وتمكن من السيطرة هو وجماعته على مفاصل الدولة الغويطة بمجموعة من القرارات كان أخرها قرار إحالة معظم أعضاء المجلس العسكري إلى التقاعد وعلى رأسهم الكهلين طنطاوي وعنان ومنح الأول قلادة النيل والثاني قلادة الجمهورية وتعينهم مستشارين لرئيس الجمهورية ولن أدلوا بدلوي في الخلاف العقيم عن ثورية القرار فقرارات السيد الرئيس كلها تعتمد على الثنائية الفلول من جانب والإخوان من جانب آخر حتى عند اختياره لرئيس الوزراء كانت الثنائية الجديدة نصب عينيه فجاء برئيس وزراء يعتمد على أسلوب الفلول في الإدارة ولكنه بهيئة اخوانية حتى عند تشكيله للحكومة جاءت فلولية وعليها بهارات اخوانية مع وزيرين ثوريين لتلطيف المشهد السياسي . جاءت القرارات الرئاسية الأخيرة وعاد معها المعتقدون بأن مبارك قد انتهى بانسحاب رفقاء دربه طنطاوي وعنان من المشهد السياسي ولكنهم لا يعلمون أن مبارك منهج حياة وانه لن ينتهي إلا بسقوط أربعين عاماً من الذاكرة المصرية ومن التاريخ المصري الحديث .. نعم يا سادة استطاع مبارك أن يترك بصماته بداخل كل منا فأصبح بداخلنا ولن نتخلص منه إلا بثورة على نظام ومنهج وأسلوب مبارك ليس بثورة على شخص مبارك ومجموعة المنتفعين حوله .. يبدو أننا تناسينا أهداف من ضحوا بأرواحهم وسالت دمائهم الزكية في الميادين والشوارع فقد كانت ثورتنا ضد نظام ومنهج وشخص مبارك وليست ضد شخصه فقط . والآن هل تشعر أيها القارئ العزيز بأن منهج وأسلوب ونظام مبارك قد انتهى ؟ الإجابة قطعاً لا .. لعدة أسباب منها : - منهج مبارك يعتمد بالأساس على أهل الثقة في أي منصب مهم ولكن لا مانع من أن يتولى من هو أهل ثقة وأهل كفاءة في ذات الوقت المناصب .. ومنهج الثورة يرى أن أهل الكفاءة أولى بالمناصب من أهل الثقة ، وأترك لك عزيزي القارئ الإجابة عن هذا السؤال هل أصحاب المناصب الآن أهل ثقة أم أهل كفاءة ؟ - منهج مبارك وأسلوبه يرى أنه ليس لنا كشعب الحق في معرفة دوافع القرارات ولا حتى توقيتاتها وهو ما يسمى يا عزيزي بالشفافية . هل علمت عن سبب اختيار هشام قنديل لرئاسة الوزراء أو حتى المعايير التي شكل الحكومة بناءاً عليها ؟ - منهج مبارك يعتمد على المسكنات في التعامل مع مشكلاتنا الأزلية مثل المشكلة الطائفية والمشكلة السيناوية والمشكلة النوبية فكان يتم اللجوء إلى الحلول المؤقتة وليس إلى الحلول الجذرية . السؤال الآن هل ترى تعامل النظام القائم مع مشكلاتنا ومنها المشكلة الطائفية التي ظهرت له في أحداث دهشور يختلف عن تعامل نظام مبارك معها ؟ - كان مبارك يعتمد على القروض والاستدانة من البنك الدولي وتسول المنح والعطايا العربية والأمريكية لدعم الاقتصاد . السؤال هل حاد النظام القائم عن هذه الطريق مع الوديعة القطرية والسعودية والقرض المطلوب من البنك الدولي ؟ أخيراً: لابد لنا أن نستكمل ثورتنا وأن نضع في اعتبارنا أن الطريق طويل وأن صراعنا مع نظام ومنهج وليس مع أشخاص ، فنحن الآن نرى الأشخاص قد رحلوا وظل المنهج والنظام قائماً ويجب علينا أن ننتزع منهج وأسلوب مبارك من داخل كل مصري ونلقي به في مزبلة التاريخ ويجب علينا أيضا إدراك أن المرحلة القادمة سياسية بامتياز فلنستعد إلى الانتخابات البرلمانية بكل قوة فالاقتراب من الناس والبسطاء هو سبيلنا إلى إسقاط النظام القائم منذ زمن بعيد. [email protected] Comment *