محافظ الدقهلية يتدخل لحل أزمة المياه بعرب شراويد: "مش همشي غير لما المياه توصل لكل بيت"    الجزائر تستدعى القائم بأعمال السفارة الفرنسية للمرة الثانية    مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة آخرين فى هجوم للمقاومة جنوب قطاع غزة    السفارة الصينية في تايلاند تحذر رعاياها من السفر لمناطق النزاع الحدودي مع كمبوديا    أحمد عبدالقادر يهنئ وسام أبوعلي بعد رحيله عن الأهلي    لايف من منزل الثامن أدبى على الجمهورية فى الثانوية الأزهرية.. فيديو    حريات الصحفيين تعلن دعمها للزميل طارق الشناوي وتؤكد: تصريحاته عن نقابة الموسيقيين نقد مشروع    مصادر للقاهرة الإخبارية: جسر المساعدات الإنسانية لغزة يتضمن مواد غذائية ومستلزمات طبية    محلل سياسي: مصر تقف أمام مخطط قوى دولية لتطبيق سيناريو شرق أوسط جديد    محافظ الإسكندرية يفتتح ميدانين بمنطقة سيدي جابر    تقارير: زوارق حربية إسرائيلية تقترب من السفينة "حنظلة" المتجهة لغزة    هل يجب تسجيل طالب الثانوية رغباته بمعامل تنسيق الجامعات الحكومية؟    إصابات واعتقالات خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة بلدات بالضفة    قافلة جسور الخير 22 تصل شمال سيناء بخدمات طبية وبيطرية وغذائية شاملة    علاجات منزلية توقف إسهال الصيف    برلماني: دعوات الإخوان للتظاهر خبيثة وتخدم أجندات إرهابية"    بسبب حملة يقودها ترامب.. وكالة ناسا ستفقد 20% من قوتها العاملة    مقتل مدني جراء هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية في كورسك الروسية    مفوض «الأونروا»: عمليات إسقاط المساعدات من الجو في غزة «غير فاعلة»    سميرة عبد العزيز: الفن حياتي والمخرجون طوّروا أدواتي    "التزمت بالمنهج العلمي".. سعاد صالح توضح حقيقة فتواها بشأن الحشيش    ميناء دمياط.. 39 عامًا من التطوير    حزب "المصريين": جماعة الإخوان الإرهابية تسعى لزعزعة استقرار البلاد    استنكار وقرار.. ردود قوية من الأزهر والإفتاء ضد تصريحات الداعية سعاد صالح عن الحشيش    هل تجنب أذى الأقارب يعني قطيعة الأرحام؟.. أزهري يوضح    الحكم بحبس أنوسة كوتة 3 أشهر في واقعة هجوم النمر على عامل سيرك طنطا    ‬محافظ المنيا يضع حجر الأساس لمبادرة "بيوت الخير" لتأهيل 500 منزل    ليكيب: جيرونا يتوصل لاتفاق مع جيرونا على استعارة ليمار    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    بعد كسر خط مياه.. توفير 8 سيارات مياه بالمناطق المتضررة بكفر الدوار    ضبط سائق ميكروباص يسير عكس الاتجاه بصحراوي الإسكندرية    الكشف على 394 مواطنًا وإجراء 10 عمليات جراحية في اليوم الأول لقافلة شمال سيناء    محمد شريف: شارة قيادة الأهلي تاريخ ومسؤولية    وزير الشباب: تتويج محمد زكريا وأمينة عرفي بلقبي بطولة العالم للاسكواش يؤكد التفوق المصري العالمي    كلمتهم واحدة.. أبراج «عنيدة» لا تتراجع عن رأيها أبدًا    تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    الأهلي يعلن إعارة يوسف عبد الحفيظ إلى فاركو    أحمد حسن كوكا يقترب من الاتفاق السعودي في صفقة انتقال حر    وزير قطاع الأعمال يتابع مشروع إعادة تشغيل مصنع بلوكات الأنود بالعين السخنة    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)    إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    سعر الحديد اليوم السبت 26-7-2025.. الطن ب 40 ألف جنيه    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    وزير الإسكان يتابع مشروع إنشاء القوس الغربي لمحور اللواء عمر سليمان بالإسكندرية    "الثقافة صوت الأمة وضميرها" وزير الثقافة يهنئ المبدعين بيوم الثقافة العربية ويدعو لتعزيز الهوية وصون التراث    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    95 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. يحيى مصطفى كامل: الثورة المصرية لم تنجح بعد!!
نشر في البديل يوم 26 - 06 - 2012

الرفض والهروب إلى الماضي في انتخاباتٍ عنوانها'ليس حباً في علي ولكن كراهيةً في معاوية.
أكتب مباشرةً بعد إعلان نتيجة الانتخابات في مصر بفوز الدكتور محمد مرسي...و لما كنت غير متحمسٍ لأيٍ من المرشحين و بالتالي لم أعد أرى جدوى الجدال حول تفاصيل احتمالات التزوير من عدمها فإن اهتمامي البالغ بمتابعة الانتخابات مرجعه أولاً إلى فضولٍ أصيلٍ متوارث لم أفلح أبداً في التخلص منه و ثانياً، و هو الأهم، لمحاولة التنبؤ بأي منحىً سوف تأخذ أزماتنا المقبلة؛ في يقيني الشخصي مضت مرحلةٌ أو جولةٌ من الثورة المصرية...مضت دون حسم، للأسف، حتى و صلنا إلى اضطرارية ذلك الخيار الصعب، إلا أنه بغض النظر عن أية اعتبارات لدينا أو تحفظاتٍ فإن ما نشهده الآن هو واقعٌ حىٌ جديدٌ يتشكل و يشملنا مما يؤكد ضرورة، بل حتمية التعامل معه بالتحليل الواقعي و النقد الملائم.
قبل أن ننزلق إلى طخ آراءٍ متسرعة فعلينا أن نبادر بسؤال أنفسنا عدة أسئلةٍ تتعلق بمجرى الأحداث و طبائع الأشياء و مفاهيمها، و أولها و أهمها: ما معنى الثورة؟ هل ما حدث في مصر حت الآن يعتبر تغيراً ثوري؟
للثورة معانٍ و تعريفاتٍ عديدة إلا أننا إذا أردنا أكثرها دقةً و موضوعيةً ( في رأيي ) يدور حول كونها حراكاً عنيفاً من تحالف قطاعاتٍ و طبقاتٍ عديدة حُرمت من مصادر الثورة و ملكية وسائل إنتاجها و همشت من العملية السياسية فلم تعد تطيق واقعها و زاد الأمر بأن ترسخت لديها القناعة بشكلٍ ما بأن ذلك الوضع لم يعد قابلاً للاستمرار فما يكون منها إلا أن تتحرك لتعصف بتلك التركيبة السياسية الاجتماعية المنحازة إلى طبقاتٍ بعينها تدعمها منظومة الأمن و القوات النظامية و يطنطن لها الكتبة المأجورون، تعصف بها لتتخطاها صوب مجتمعٍ أكثر تطوراً...(بالطبع إن حديث الثورة يطول عن ذلك و لكن له مجالاً آخر) وفي ضوء ذلك فإن لنا ان نسأل أنفسنا: هل جرت عملية تطهير و هل أُطيح بالطبقات المستفيدة، بل هل حوكمت أو بدر من أيٍ من المرشحين ما يُشتم منه نية تغيير البنية الاقتصادية و إنصاف المحرومين؟ هل أٌطيح بمنظومة الأمن القمعية أو عوقب مفسدوها ؟
لا.لا.لا تلك هي الإجابة ببساطة.
لقد تمكن النظام ( بمعناه الذي أسلفنا) من النجاة معتمداً و متعلقاً بطوق النجاة المسمى بالإخوان المسلمين، وللأمانة فقد عرف راسمو خطواته و محللوه (مستفيدين من مقدرةٍ فائقة على جمع المعلومات) من استغلال تلك الفسحة التي أتاحتها الفصائل الإسلامية للنظام...نجحوا في إرهاق الشارع و خلق الفوضى في الحياة العملية و الفكرية عن طريق خلط المفاهيم و الترويج لها عبر كتبة النظام و الإعلام الفاسد؛ ليس ذلك فحسب بل تركوا الساحة للإسلاميين ليرمحوا فيها هادفين بذلك إلى فضح فقر تصوراتهم عن كيفية الخروج من المأزق و إفلاسهم و غرورهم (الذي ربما شكل مفاجاًة سارة للنظام) و رفضهم العمل الجبهوي و من ثم حرقِهم أمام الجمهور مما عبر عن نفسه في الهبوط النسبي لشعبيتهم في انتخابات الرئاسة...لكن الأهم من ذلك تمثل في استغلال النظام قدرته الأعلى على طبخ القوانين من تمرير تشريعاتٍ مكنت أركان الدولة العميقة لاحقاً من الدفع تجاه حل البرلمان و إصدار الإعلان الدستوري المكمل الذي يحد، بل يشل من الناحية الفعلية صلاحيات الرئيس المقبل تحسباً لفوز رجلٍ كمرسي من خارج المطبخ القديم و المؤسسة العسكرية.
مشكلة المشاكل في رأيي تتمثل في أن النظام و الجماعة، مستغلين ضعف و تشرذم و خضار عود القوى المدنية الأحدث عمراً، تمكنا من إعادة إنتاج لا النظام فحسب و إنما تلك الثتائية المقيتة النظام-الإخوان التي سكنت الحياة السياسية و العامة المصرية كالوباء و استنزفت طاقة الشعب و قواه طيلة الأربعة عقودٍ السابقة؛ و المزعج في كل ذلك أن تلك الثنائية تحديداً هي المسؤول الأول عن تمكن النظام من تجريف الحياة السياسية و اختزالها في فصيلين يعبران عن شرائح مختلفة من نفس الطبقة لا يختلفان بتاتاً في رؤيتهما الاقتصادية و الاجتماعية، على العكس من ذلك بل هناك تطابق و تداخل، فالنظام الذي لم يطق أبداً الناصريين و الاشتراكيين و شتى فصائل اليسار نظراً لمشروعهم القومي القائم على التنمية و الانحياز للبسطاء و المهمشين إنصافاً و دعماً، ذلك النظام يطيق الجماعة و يستطيع التعايش معها إلى ما لا نهاية، فالخلاف بينهما خلاف أمزجةٍ و حظوة و حيازة و نظرةٍ إلى الذات و العالم لا خلاف توجهٍ اقتصادي-اجتماعي...
أجل كانت الانتخابات الرئاسية في مصر مهمة، فقد كانت إعلاناً على الاستعصاء الذي لم يزايلنا و لم نبرحه...إعلاناً على إعادة إنتاج و تصدر الثنائية التي أرهقت مصر و استهلكت احتمالات الثورة فيها طيلة ما يزيد عن الثلاثة عقودٍ السابقة، و على ضوء ذلك نفهم ما أحسبها أغرب انتخاباتٍ في التاريخ من حيث دوافع الناخبين، فلعلها المرة الأولى التي ينتخب فيها شعبٌ مرشحاً كرهاً في المرشح الآخر و خوفاً مما يحمله و يعنيه فقط! و كأن لسان حالهم 'ليس حباً في علي و لكن كراهيةً في معاوية‘! ليس ذلك فحسب، بل يفوق ذلك غرابةً أن الكل معلقةٌ أبصارهم بالماضي بصورةٍ أو بأخرى، فمنتخبو شفيق يريدون العودة بالأمور إلى ما كانت عليه طمعاً أو خوفاً و أنصار مرسي يستلهم أغلبهم صورةً مثاليةً من ماضٍ سحيقٍ يعده بها مرشحٌ ينتمي لفصيل دون أي مشروعٍ متماسك!!
أجل النتيجة مهمة! فبالإضافة إلى ما سبق تؤكد أن بديلاً حقيقياً، ذلك الذي يتخطى ثنائية النظام-الإخوان ، لم يصر الأقوى، بل إن الشعب ينتخب بين النظام بعبله ممثلاً في شفيق و بين رمزٍ من رموز الفصيل الذي أنقذ النظام و منعه من السقوط الأمر الذي يُعد أبلغ تعبيرٍ على كون الثورة لم تحسم أمرها و لم تحدث قطيعةً مع الماضي.
أما أكثر ما يدهشني شخصياً فهو انصراف أغلب المحللين لتناول القضية من الناحية السياسية و صراعات الفصائل بلا اعتبارٍ للخلفية الطبقية و الأرضية الاقتصادية-الاجتماعية التي يمثلها ذلك التناحر و بالتالي محاولة استشراف مستقبله.
لم تنجح الثورةالمصرية بعد، و إنما تحركت المياه الراكدة في صورة كسر أساطير منعة النظام و استحالة الحراك الشعبي و عصمة الحاكم الفرعون المتعالي و عودة الوعي للشارع الخ...لكن النظام القديم لم يسقط بعد و لم يقم على أنقاضه نظامٌ أكثر تطوراً يتخطى تناقضاته.
لقد تعايش الثنائي ( النظام-الإخوان) طويلاً ، إلا أن المستجدات تفرض عليهما إعادة التوازن بينهما ...و قد عودانا في مثل هذه الظروف على العنف ، لذا فإني على يقين من أن الأيام و الشهور المقبلة سوف تشهد الكثير منه بالإضافة إلى التطاحن بين شريكي الحكم، إذ يبدو لي من شبه المستحيل أن يقبل الإخوان من الكعكة بمنصب رئاسةٍ شكلي مفرغ من أي مضمون كما يبدو مؤكداً لي اصطدامهم بعناصر و مؤسسات الدولة العميقة...
لقد تعايش الثنائي طويلاً ، إلا أن المستجدات تفرض عليهما إعادة التوازن بينهما...فالأفق مفتوحٌ إذن على احتمالاتٍ عديدة، و سيناريو الدولة الفاشلة مطروح....كما أن احتمال الانقلاب ليس بالبعيد تماماً...
هي مرحلةٌ جديدة و عصيبة تلك التي نقدم عليها و أرجو ألا ندفع ثمن أخطائنا غالياً...
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.