الطرد الأول.. أستون فيلا يتعادل مع نيوكاسل ب 10 لاعبين    نشوب حريق داخل مخزن مواسير بلاستيك فى بولاق أبو العلا    أعراض متشابهة وأسباب متنوعة لإصابة الكبد بأكثر من 100 مرض    إنفوجراف| ضوابط تلقي طلبات المستأجرين المنطبق عليهم شروط قانون الإيجار القديم    منال عوض: اتخاذ إجراءات تطويرية خاصة بمحمية وادي دجلة لتعزيز حمايتها والحفاظ على مواردها الطبيعية    نائب رئيس مركز الميزان لحقوق الإنسان: الاحتلال ينفذ إبادة جماعية وتطهيرا عرقيا في حي الزيتون    الصين تقاضي كندا أمام منظمة التجارة العالمية بسبب رسوم الصلب    نائب: البيان العربي الإسلامي حمل ردًا حاسمًا حول مزاعم "إسرائيل الكبرى"    الدنمارك تدرس فرض عقوبات على إسرائيل    اليوم.. جامعة القاهرة الأهلية تُطلق التسجيل الإلكتروني لبيانات الطلاب تمهيدا للتنسيق    رئيس الوزراء يكلف المحافظين ببدء تشكيل لجان حصر وحدات الإيجار القديم    إليسا تتألق في حفلها بالساحل الشمالي    السيسي يوجه بتحقيق فائض أولي وزيادة الإنفاق على تكافل وكرامة والصحة والتعليم    «حادث وادي الحراش».. إعلان الحداد الوطني وتنكيس الأعلام بعد مصرع 18 شخصًا في الجزائر (فيديو وصور)    "حقوق أسيوط" تحتفي بمتفوقيها وتستعد لدعمهم ببرنامج تدريبي بمجلس الدولة    «شعرت بنفس الشعور».. سلوت يعلق على بكاء صلاح بسبب تأبين جوتا    «شرف ما بعده شرف».. مصطفى شوبير يحتفل بارتداء شارة قيادة الأهلي    نجم بيراميدز يتحدى الجميع: سننافس على كل بطولات الموسم.. ويورتشيتش «كلمة السر»    بعد حريق محطة الحصايا.. إعادة تشغيل الكهرباء بكامل طاقتها بمركز إدفو    تفاصيل إصابة 6 أشخاص في تصادم دراجات نارية علي طريق في الدقهلية    إصابة 9 أشخاص باشتباه في تسمم غذائي إثر تناولهم وجبات بمكان ترفيهي بالشرقية    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    محافظ بورسعيد يناقش آليات الارتقاء بمنظومة الصرف الصحي ومياه الشرب    والدة الفنان صبحي خليل أوصت بدفنها بجوار والدها في الغربية    منذ بداية الحصاد.. 520 ألف طن قمح تدخل شون وصوامع المنيا    انطلاق البطولة العربية الأولى للخماسي الحديث للمنتخبات والأندية تحت 15 عامًا    انطلاقة قوية لفيلم "درويش".. 8 ملايين جنيه في أول 72 ساعة عرض    جريئة أمام البحر.. أحدث ظهور ل ياسمين صبري والجمهور يعلق (صور)    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    تنفيذ 47 ألف زيارة منزلية لعلاج لكبار السن بالشرقية    5 أطعمة تقلل من مستويات حمض البوليك في الجسم.. تناولها    بالتعاون بين الشركة المتحدة والأوقاف.. انطلاق أضخم مسابقة قرآنية تلفزيونية    بالفيديو: عبيدة تطرح كليب «ضحكتك بالدنيا»    التعليم: كتب وبوكليت مطبوع لتقييم الطلاب بالعام الدراسى 2026    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    وزارة التعليم: تحصيل مصروفات العام الدراسى 2026 والالتزام بالزي المدرسى    علماء يلتقطون أول صور ثلاثية الأبعاد لزرع جنين داخل الرحم    موقف غير متوقع يختبر صبرك.. حظك اليوم ل مواليد برج الدلو 16 أغسطس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    يسري جبر: يوضح حكم زيارة قبور أهل البيت والصحابة والدعاء عندها    لماذا يُستبعد الموظف من الترقية رغم استحقاقه؟.. 3 حالات يحددها قانون الخدمة المدنية    إخلاء سبيل الشاب عبد الرحمن خالد، مصمم فيديو الترويج للمتحف المصري الكبير بالذكاء الاصطناعي    موعد تقليل الاغتراب لطلاب تنسيق المرحلة الثالثة 2025    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم.. قائمة كليات تقبل من 50%    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    الكيانات الشبابية في ثوب جديد.. «حماية جيل» مشروع قومي لتمكين 750 فتاة    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    بدائل الثانوية العامة محاصرة بالشكاوى.. أزمات مدارس «ستيم» تثير مخاوف العباقرة    عملة ترامب الرقمية ترتفع بنحو 2.3% على إثر قمة بوتين- ترامب    عمر طاهر عن الأديب الراحل صنع الله إبراهيم: لقاءاتي معه كانت دروسا خصوصية    وزير الدفاع الروسي: المزاج ممتاز عقب المفاوضات في ألاسكا    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.محمد السيد سعيد..رجل أمام الرئيس
نشر في البديل يوم 05 - 11 - 2010

- طالب الرئيس بتغيير الدستور وإنهاء حكم الفرد المطلق فقال له:”أنت متطرف وأنا بفهم أحسن منك”..ثم أُلغيت ندواته في معرض الكتاب
- حاول تقديم مشروع إصلاحي مكتوب لمبارك فقال له:” الورقة دى حطها فى جيبك”
- تحدث عن اعتقال الآلاف من أبناء سيناء وتعرضهم للتعذيب بعد تفجيرات طابا فقاطعه مبارك:”سينا كلها ما تجيش كلها خمستلاف”
كتب – عمر الهلالي:
وحده محمد السيد السعيد قال كلمة الحق في وجه السلطان الجائر..في وجهه حقاً وأمام عينيه، لا عبر وسطاء أو في رسائل ومناشدات.
كان المفكرون والمثقفون المصريون قد اعتادوا على انتقاد النظام من بعيد لبعيد ثم إذا وقفوا بين يدي الرئيس نسوا كل أفكارهم المختلفة مع سياساته وجلسوا يستفسرون منه بحياء العذارى عن القضايا التي تشغلهم ثم يصمتون بعد إجاباته التي غالباً ما تأتي مقتضبة ونمطية على شاكلة “لا رجعة عن الديمقراطية” و”لا مساس بمحدودي الدخل” و”سنستمر في دفع عجلة التنمية”؛ وهو ما جعل اللقاء السنوي للرئيس بالأدباء والمثقفين في معرض الكتاب مكلمة عبثية على طريقة الحوار من طرف واحد.
في 16 يناير 2005 خرق د.محمد السيد سعيد بروتوكولات الخشوع في حضرة الذات الرئاسية ووجه انتقادات حقيقة لمبارك الذي يبدو أنه لم يصدق ما يحدث وتعامل مع الراحل الكبير بخشونة لا تليق برئيس دعا المثقفين من تلقاء نفسه ليسمع آراءهم.
وباستثناء الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي الذي كان قد تطرق بإيجاز لموضوع الإصلاح الدستوري أثناء كلمته، لم يساند أي من الحاضرين د.محمد السيد سعيد في مطالبه الديمقراطية رغم أنهم لا يكفون عن ترديدها بعيداً عن الرئيس، وبعدها اتصل موظف بهيئة الكتاب ليبلغ المفكر الكبير بإلغاء ندواته في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وهو الذي كان عضوا في اللجنة العليا التي تحدد برنامج المعرض خلال السنوات السابقة على لقائه بالرئيس.
ولأنه كان مؤمناً بأن ما يفعله أمر طبيعي وموقف بديهي لمثقف يرغب في إصلاح أحوال بلاده، امتنع الراحل عن المتاجرة بهذه الواقعة، تماماً كما فعل بعد تعرضه للتعذيب الوحشي عام 1989 إثر تضامنه مع إضراب عمال الحديد والصلب، ولم يستغل أياً من الحادثتين ليجني احتراماً أو إعجاباً بشجاعة امتلكها حقاً ودفع ثمنها حتى النهاية.
لكنه اضطر لتوثيق ماجرى بينه وبين مبارك بعدما تعددت القصص والروايات حول الواقعة ليتداخل فيها الخيال بالواقع؛ فرواها للزميل وائل عبد الفتاح على صفحات السفير اللبنانية في فبراير 2005 وسأله عنها أيضاً الزميل ماهر حسن في حوار نشرته العربي في أغسطس قبل الماضي أي قبل رحيله بشهرين، وسنستعين هنا في سرد الواقعة بما ورد في الحوارين على لسان الراحل.
يروي د.محمد السيد سعيد:
بإيجاز شديد أنا طلبت الكلمة. كان ذلك بعد عدد من المثقفين البارزين. وانا اعرف ان أجمل شيء في الرئيس مبارك انه يسمع.ولذلك طلبت ان أخذ فرصة للتعبير عن وجهة نظر مختلفة وبقدر الامكان متكاملة في حدود الوقت المتاح. كان كلام الرئيس يدور حول السكان وارتفاع معدلات الزيادة بشكل خطير. وكان المتحدث السابق فيما اذكر الأستاذ وحيد حامد وطالب بوضع قواعد ليحصل من ينجب طفلين على صحة وتعليم وأي طفل آخر يتحمل هو التكاليف. انا قلت للرئيس ان موضوع السكان محسوم من الناحية العلمية. في بورخارست اجتمع العلماء تحت مظلة الأمم المتحدة وقالوا ان التنمية تحل مشكلة السكان. والتقدم يحل مشكلة السكان.لا طريقة غير التقدم والتنمية لحل مشكلة السكان. لان السكان ومعدلات الزيادة ليست مشكلة في حد ذاتها. مع معدلات تنمية مرتفعة يمكن إعادة التوازن بين الموارد والسكان. هذه النظرية اسمها العلمي “الانتقال السكاني”.
انا لم اقل كل هذه التفاصيل للرئيس لكنني ذكرت ان هناك نظرية علمية نوقشت في بوخارست وهنا في القاهرة في مؤتمر السكان 1994 اكدت ان التنمية والتقدم هما اللذان يخفضان من معدل النمو السكاني وليس العكس.
المشكلة جاءت من اين؟! قلت للرئيس..: “حضرتك تكلمت وكأننا حققنا انجازاً اقتصادياً وهذا غير صحيح بالمطلق. نحن من أقل دول العالم في الأداء الاقتصادي. وخلال 15 سنة لم نتخط ابدا نسبة 3 ونصف % بينما تحقق ماليزيا 8 % والصين 11 % وكوريا من 7 إلى 9 % وعشرات من دول أخرى تحقق أرقاماً فلكية. نحن لا نستطيع الانطلاق ولا كسر سقف ال3ونصف %. لماذا؟! سألته مرة اخرى. واجتهدت في إجابة.. قلت:”.. هذه قصة طويلة جداً ومعقدة. لكنني سأشير إلى عامل وحيد وهو سحق كرامة المصريين. المصري في بلده مهان. ومن شهرين القي القبض على اعداد تراوح من 2000 إلى 5000 مصري من ابناء العريش بعد تفجيرات طابا. هؤلاء تعرضوا للصعق بالكهرباء واطفئت السجائر في اجسادهم. هذا يجعل المصري مقهوراً في بلاده وليس فخوراً بها. وحضرتك شخصيا مسؤول عن كرامة المصريين وفقا للدستور.المسؤولية الأولى لرئيس الدولة هي كرامة المصري”.
هنا علق الرئيس:” كيف تقول خمسة آلاف اعتقلوا دى سينا كلها ما تجيش كلها خمستلاف”.
وواصلت:”عندما نقول للمصري انه فخور ببلاده لابد ان يكون هناك ما يجعله يصدق الفكرة. المصري عنصر كريم. والمصريون هم من أكثر شعوب العالم دماثة والتفزيع منهم والتخويف منهم عمل خطر. والمفتاح لهم بسيط جداً وهو ان يتعامل المصري بكرامة في مؤسسات الإدارة العامة ومن جهة جهاز الدولة وخاصة جهاز الأمن”.
لماذا لا يحدث هذا يا ريس؟
سألت من جديد.
وقدمت إجابة.. قلت:”..لان الدستور(دستور1971) لا يحمي الحريات العامة وحقوق الإنسان حماية كافية. نحن لا نريد تعديل الدستور. نريد دستوراً جديدا اولاً يحمي كرامة المصريين وحقوقهم الانسانية وحرياتهم العامة حماية صارمة.. حماية قوية. هذا ما يمكنه ان ينعش احساس المصري بالكرامة وبالفخر ببلده..”.
ولماذا لا يحدث هذا يا ريس..؟
سألت.
واكملت اجابتي وقلت:”.. لان دستور 1971 مبنيّ على فكرة الحكم المطلق. وتمت صياغته على كيان دستوري واحد هو حضرتك شخصياً. طيب.. نحن مطمئنون لك ونقول ربما يكون هذا مناسبا لمرحلة معينة. لكن حضرتك شخصياً الست قلقا على مستقبل مصر عندما يأتي شخص ما يملك كل السلطات المطلقة بيده ويكون مثلاً اقل رصانة أو أقل حكمة أو حتى بنصف عقل. اليس هذا سببا للقلق؟.. من اجل هذا يا ريس نحن نريد دستوراً يوزع السلطات ويحقق التوازن بين السلطات وينشر السلطة ويقربها للشعب..”.
هنا قال الرئيس: “..هذا غير صحيح انا ليس عندي سلطات مطلقة.. الحكومة هي التي تعمل معظم الحاجات..”.
قلت: “على فكرة يا ريس هذا ليس صحيحاً بالمطلق ايضاً.. اذا رجعنا إلى دستور 1971 لا يوجد شيء اسمه الحكومة. يوجد رئيس دولة يساعده نظام وزاري. مجلس الوزراء ليس له كيان دستوري. هناك تعبير اوسع هو السلطة التنفيذية..”.
مرت هذه النقطة واكملت كلامي:”.. نحن لا نريد حكماً مطلقاً. نريد برلماناً قوياً ونقابات قوية والحرية يكون لها حماية دستورية. وحضرتك تشكو من “انك مش لاقي وزراء” وهذه ظاهرة تسمى في المجال السياسي “انكماش النخبة السياسية”. وتحدث لان قنوات المشاركة على جميع المستويات مغلقة. نحن ليس عندنا أحزاب حقيقية ولا نقابات حقيقية ولا جمعيات أهلية حقيقية. وبالتالي لابد من دستور يفتح القنوات المغلقة. ويكون الحماية الحقيقية لمصر. وسيكون لدينا نخبة خرجت من باطن المجتمع تعرفه جيداً تتبنى طموحاته واماله”".
اظن كان هذا جوهر كلامي للرئيس.
واثناء الخروج من اللقاء قال الرئيس: “..ما تضيعوش البلد من ايديكم.. الذين يطالبون بالاصلاح يريدون العودة إلى ما قبل 1952 عندما كانت تشكل حكومة كل 6 أشهر.. هل تريدون هذا الوضع”.. قلت له:” يا ريس إن القضية قبل 1952 أنه كان لدينا ملك يريد الاستئثار بالسلطة مما حدا به أن ينقلب سبع مرات على الدستور والدستور الديمقراطى يكفل الاستقرار لأى بلد وعلى أى حال أنا لدى تصور عن هذا التعديل يمكننى تقديمه لسيادتك فى ورقة مكتوبة عن إصلاح سياسى ودستوري”.
فقال لي: “الورقة دى حطها فى جيبك وأنت متطرف وعلى فكرة بقى أنا بافهم أحسن منك”.
وكانت علامات الغضب بادية على وجهه ولم أصدق أننى سأخرج سليماً من هناك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.