«تطوير التعليم بالوزراء» يعلن اعتماد أول 3 معامل لغات دولية    "علوم جنوب الوادي" تنظم ندوة عن مكافحة الفساد    مستقبل صناعة العقار في فيلم تسجيلي بمؤتمر أخبار اليوم    16 يونيو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    الذهب يتراجع من أعلى مستوياته في شهرين وسط تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    وزير الإسكان من مؤتمر أخبار اليوم العقاري: ندعم الصناعات المرتبطة بالقطاع لتقليل الاستيراد    تداول 9 آلاف طن بضائع و573 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    إغلاق السفارة الأمريكية في إسرائيل بسبب القصف الإيراني    مراسلة القاهرة الإخبارية: صواريخ إيران تصل السفارة الأمريكية فى تل أبيب.. فيديو    لاعب بورتو: الأهلي وإنتر ميامي خصمان قويان.. وسنقاتل حتى النهاية    صباحك أوروبي.. صدام في مدريد.. إنجلترا المحبطة.. وتعليق كومباني    بالمواعيد.. جدول مباريات ريال مدريد في كأس العالم للأندية 2025    مواعيد مباريات اليوم.. تشيلسي مع لوس أنجلوس والترجي أمام فلامينجو بمونديال الأندية    معلق مباراة الأهلي: الحماس سبب تريند «تعبتني يا حسين».. والأحمر كان الأفضل (خاص)    سقوط مروع لمسن داخل بئر بمصعد بعقار في «الهرم»    وزارة التعليم: ليس ضرورياً حصول الطالب على نفس رقم نموذج الأسئلة بالثانوية    رياح وأتربة وحرارة مرتفعة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الاثنين    تحرير 533 مخالفة لعدم ارتداء «الخوذة» وسحب 879 رخصة خلال 24 ساعة    إصابة شخصين إثر انقلاب دراجة نارية بمدينة 6 أكتوبر    خلافات زوجية في الحلقة الثالثة من «فات الميعاد»    شام الذهبي تطمئن الجمهور على نجل تامر حسني: «عريس بنتي المستقبلي وربنا يشفيه»    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    حكم الصرف من أموال الزكاة والصدقات على مرضى الجذام؟.. دار الإفتاء تجيب    صيف 2025 .. علامات تدل على إصابتك بالجفاف في الطقس الحار    إصدار 19.9 مليون قرار علاج مميكن من خلال التأمين الصحي خلال عام    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    تفاصيل إنقاذ مريض كاد أن يفقد حياته بسبب خراج ضرس في مستشفي شربين بالدقهلية    تنسيق الجامعات.. اكتشف برنامج فن الموسيقى (Music Art) بكلية التربية الموسيقية بالزمالك    مدير جديد لإدارة مراقبة المخزون السلعي بجامعة قناة السويس    إعلام إسرائيلي: إيران أطلقت 370 صاروخا وأكثر من 100 مسيرة منذ بداية الحرب    مستشار الرئيس للصحة: مصر سوق كبيرة للاستثمار في الصحة مع وجود 110 ملايين مواطن وسياحة علاجية    سفير أمريكا بإسرائيل: ارتجاجات ناتجة عن صاروخ إيراني تلحق أضرارا طفيفة بالقنصلية الأمريكية    الميزان لا يزال في شنطة السيارة.. محافظ الدقهلية يستوقف نقل محملة بأنابيب الغاز للتأكد من وزنها    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    ب الكتب أمام اللجان.. توافد طلاب الشهادة الثانوية الأزهرية لأداء امتحان "النحو"    السيطرة على حريق داخل شقة سكنية بسوهاج دون إصابات    يسرائيل كاتس: علي خامنئي تحول إلى قاتل جبان.. وسكان طهران سيدفعون الثمن قريبا    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    سعر جرام الذهب ببداية تعاملات اليوم الإثنين 16 يونيو 2025    إعلام إسرائيلى: تعرض مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب لأضرار جراء هجوم إيرانى    منتخب السعودية يستهل مشواره في الكأس الذهبية بالفوز على هاييتي بهدف    إيران: مقتل 224 مواطنا على الأقل منذ بدء هجمات إسرائيل يوم الجمعة    نجوى كرم تطلق ألبوم «حالة طوارئ» وسط تفاعل واسع وجمهور مترقب    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    الأمن الإيراني يطارد سيارة تابعة للموساد الإسرائيلي وسط إطلاق نار| فيديو    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    لا تسمح لطرف خارجي بالتأثير عليك سلبًا.. توقعات برج الجدي اليوم 16 يونيو    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    تفاصيل اللحظات الأخيرة في واقعة شهيد بنزينة العاشر من رمضان    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وكم ذا بمصر من التفجيرات.. يوسف القعيد
نشر في المصريون يوم 02 - 08 - 2005

لم تكن هناك مفاجأة في إفصاح الرئيس حسني مبارك عن ترشيح نفسه لرئاسة مصر لولاية خامسة. قيل عنها ولاية جديدة. سوي في نفي ترشيح نجله للرئاسة. لأن الأمر حتي اللحظة الأخيرة. كان موزعاً بين الرئيس ونجله. وإن كان هناك توقع أن جمال مبارك سيصبح رئيس الحزب الوطني الديمقراطي أو أمينه العام في أقرب فرصة ممكنة. مثلما اختار مبارك كلية الحقوق بجامعة المنوفية لكي يعلن منها تعديل المادة 76 من الدستور في 26 فبراير الماضي. فقد اختار أيضاً مدرسة المساعي المشكورة بشبين الكوم. ليفصح منها عن نيته في ترشيح نفسه لرئاسة مصر. الرئيس مبارك من أبناء قرية كفر المصيلحة. التي كانت وقت ميلاده. في نهاية عشرينيات القرن الماضي. قرية قائمة بذاتها. ولكنها الآن أصبحت جزءاً من مدينة شبين الكوم عاصمة محافظة المنوفية. لن تسأل: ولماذا المنوفية؟! لأن مبارك لو اختار أي مكان آخر ليعلن قراره منه. حتي لو كان هذا المكان هو غرفة عمليات القوات المسلحة. أو إدارة سلاح الطيران بالجيش المصري. أو منزله. كنا سنطرح نفس السؤال. وإن كنت لا أشعر بالرضا عن حكاية المنوفية هذه. ألا يعكس هذا نظرة ضيقة وإقليمية للأمر؟ سيظل السؤال الجوهري عن مصير جمال مبارك قائماً ومستمراً. لأن حجم ما يقال حول هذا الموضوع كثير. سؤال المنوفية يبرره. أن جمال عبدالناصر لم يضع قدمه في بني مر طوال فترة حكمه لمصر. سوي مرة واحدة. ذهب إليها ليلاً وتركها والليل يفرض وجوده. ولم يحاول أن يعطيها أي مزايا تميزها عن غيرها من قري مصر الأخري. ولو ذهبت إليها الآن لن تجد فيها أي ملمح يقول لك أن هذه القرية هي التي خرج منها جمال عبد الناصر. الخطاب الذي أعلن فيه الرئيس مبارك ترشيح نفسه تعهد فيه بإصلاحات دستورية وتشريعية لعل أهمها تعهده بوضع ضوابط علي ممارسات صلاحياته. وأعلن أنه سيسعي لسن قانون جديد محل قانون الطوارئ. سيسمي قانون مكافحة الإرهاب. لافتاً النظر إلي أن الاضطرار للعمل بقانون الطوارئ كان سببه موجة من الإرهاب مازالت تتربص بمصر. وأن العمل بالطوارئ كان كفيلاً بالحد من العمليات الإرهابية. ولذلك فنحن سنضع بدورنا خلال المرحلة المقبلة قانوناً حاسماً وحازماً يقتلع الإرهاب ويجفف منابعه ويحمي أمن واستقرار الوطن. أيضاً دعا الرئيس في خطابه إلي عقد قمة عربية طارئة بشرم الشيخ يوم الأربعاء 3 أغسطس. أي غداً. وذلك لبحث الوضع العربي الراهن وبلورة موقف عربي مشترك تجاه ما يحدق بالأمة من مخاطر وتحديات. وأكد أنه علي ثقة من قدرة هذه القمة الاستثنائية علي الخروج بموقف عربي يعكس تصميم الشعوب والدول العربية علي تجاوز التحديات الراهنة وتحقيق ما تصبو إليه من سلام واستقرار. كما تعهد خلال السنوات المقبلة بأنه سيستكمل بناء الديمقراطية من خلال المزيد من الإصلاحات الدستورية. والتشريعية التي تضمن الحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور. وفي حالة فوزه بولاية جديدة سيعمل مع المجالس النيابية لتحقيق إصلاحات تعيد تنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتعزز دور البرلمان في الرقابة والمساءلة وتعزز دور مجلس الوزراء وتوسع اختصاصاته وتعزز فرص تمثيل الأحزاب السياسية في المجالس النيابية. وقال إنه سوف يبادر إلي إصلاحات دستورية تضفي مزيداً من الضوابط علي ممارسة رئيس الجمهورية للصلاحيات المخولة له. وفق أحكام الدستور عند مواجهة أخطار تهدد سلامة الوطن أو تعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها. وتعهد مبارك أن تكون الانتخابات المقبلة تنافسية حرة ونزيهة تتمتع بأكبر قدر من الشفافية وتتيح فرصاً متكافئة لجميع من يخوضها من المرشحين. (2) ونصل إلي التفجيرات. لقد وقعت الانفجارات بعد الساعة الأولي من فجر الثالث والعشرين من يوليو. بعد 53 سنة من قيام الثورة. ربما جاء التحرك في نفس الوقت. - بالساعة والدقيقة - الذي تحرك فيه الضباط الأحرار. ولكن ما أكبر الفارق بين رحلة الضباط الذين غيروا وجه مصر والوطن العربي والعالم الإسلامي وبين هذا التحرك الذي دمر الحياة وقضي عليها. هل هي الرغبة في اختيار تاريخ له دلالة؟! ربما. العملية السابقة في طابا تمت فجر يوم السادس من أكتوبر 2004 . وعملية عبدالمنعم رياض تمت في ذكري عودة سيناء. هل هي تفجيرات مناسبات؟ هل هناك رمز من وراء اختيار هذه التواريخ؟! ربما. أيضاً كان هناك رمز زمني آخر: وهو أن التنفيذ جاء في اليوم السابق علي محاكمة الذين قاموا بتفجيرات طابا. أو الذين ألقي القبض عليهم. وقد أجلت هذه المحاكمة. ولكن الجلسة الأولي كانت صباح الأحد. اليوم التالي لهذه التفجيرات. هل أقوم حالياً بعملية إسقاط زمني علي الحدث؟ أو أن اختيار التاريخ تم بصورة اعتباطية دون مراعاة لكل هذا؟ كل شيء وارد. الزمان لا يسبح في الفراغ. بل لابد من مكان يجري الحدث خلاله. والمكان. وقد تم اختيار شرم الشيخ . تعبت كثيراً جداً من أجل الوصول إلي هذا الشيخ الذي يطلق اسمه علي المكان. ولكن لم أتوصل إليه قط. لم يدون اسمه في أية موسوعة من الموسوعات المصرية. وأذكر عندما وصلنا إلي شرم الشيخ قادمين من توشكا مع الرئيس مبارك في إحدي زياراته لتوشكا أن سألني الشاعر عبدالسلام أمين عن الشيخ الذي أطلق اسمه علي المكان.. وبحثت بعدها كثيراً جداً. ولم أهتد إليه. شرم الشيخ هي العاصمة السياحية لمصر. وهي العاصمة السياسية الثانية لمصر. تصبح مقراً للرئيس مبارك أكثر من نصف العام. يجري فيها العديد من المقابلات. وعقدت فيها مؤتمرات دولية كثيرة من أجل مواجهة الإرهاب والبحث عن السلام. بل ان العمل مستمر الآن من أجل عقد قمة عربية عاجلة. في شرم الشيخ تعبر عن موقف عربي.. داعم لمصر في مواجهة الإرهاب. وإن كنت أعتقد أن الهدف من اختيارها ربما كان أكبر من هذا. ذلك أن شرم الشيخ تشكل مع طابا. أكبر رمزين لمحاولة الإنسان المصري تعمير سيناء في مواجهة الدمار والتدمير الذي جري في هذه المنطقة بعد الاحتلال الإسرائيلي لسيناء أكثر من عقد ونصف من الزمان. ومن المعروف أن المصري دءوب في عملية البناء ومواجهة التدمير. حدث هذا معه منذ فجر التاريخ وحتي الآن. من قبل كان ضرب طابا. واليوم ضرب شرم الشيخ. أي ضرب محاولة الإنسان المصري تعمير هذا الجزء من مصر. بعد الاحتلال الإسرائيلي له. (3) من حيث المكان يمكن القول إن الإرهاب القديم. الإرهاب التقليدي كان يختار أماكن في قلب الوادي. صعيد مصر والقاهرة. ولكن الإرهاب الجديد. الذي يحدث بعد انفراط عقد الجماعة وتصرف بعض الوحدات من تلقاء نفسها. أصبح يختار أماكن مختلفة وبالذات في سيناء. بكل دلالات ورمزية سيناء بالنسبة للمصريين. ودورها في حكاية الصراع العربي الصهيوني. وإن كانت هناك صفة يمكن أن تجمع بين تفجير طابا. وتفجير شرم الشيخ وتفجيرات لندن الأولي. ألا وهو القيام بأكثر من تفجير في نفس اللحظة. أو ربما يفصل بين الواحد والثاني وقت قليل. دقائق أو ربما ثوان فقط. حدث هذا في طابا. ثم في لندن وأخيراً شرم الشيخ. أيضاً استخدام السيارات المفخخة. وهو نمط غير معتاد في مصر. اختيار فجر السبت كان مهماً. الجمعة إجازة. والسبت إجازة. ونحن في فصل الصيف. حيث يتضاعف الإحساس بالإجازة. عندما وقعت التفجيرات كان وزير السياحة المصري في الصين. يقوم مع أركان وزارته بزيارة لها طابع ترويجي للسياحة المصرية. وقد قطع الرحلة وعاد فوراً. وكان وزير الصحة في زيارة لسويسرا. وعاد منها فوراً. بل أن وزير الداخلية المصري عندما علم بالتفجيرات بعد وقوعها. اتجه إلي مطار القاهرة الدولي. كان هناك في الثانية صباحاً. ولأنه لم يكن من السهل إطلاق طائرة في غير الوقت المحدد. وهكذا انتظر حتي السادسة صباحاً. مما يؤكد أن هناك تخطيطاً. كون الرئيس مبارك لم يكن في شرم الشيخ وقت وقوع هذه التفجيرات. وغياب الرئيس عن المدينة يقلل إلي حد ما من شدة الأمن. ويقلل من عدد الأكمنة. التي تنتشر في كل مكان من المدينة. وبذلك يحقق الإرهاب هدفين: الأول أنه يضرب المدينة التي اشتهرت بأنها مدينة مبارك. والثاني أن يستفيد من تخفيف الإجراءات الأمنية لعدم وجود الرئيس. وقد عرف المصريون الخبر مبكراً هذه المرة. ولعبت الصدفة دورها أيضاً. فقد تصادف وجود قناة النيل للرياضة في شرم الشيخ وذلك من أجل تصوير مباراة كانت جزءاً من دورة رياضية. ولأن هذه المباراة ألغيت. وقبل عودة الفريق التليفزيوني وقعت التفجيرات. أجري الفريق الاتصال بالقاهرة. وهكذا صدر له التكليف بتصوير ما جري. ولكن الذي عرضه كان قناة النيل للأخبار. التي ظهرت أمام الرأي العام باعتبارها قد حققت نصراً. وفعلاً هذا الانتصار قد يحقق للإعلام المصري هذه المرة بصرف النظر عن تلك التفاصيل الصغيرة. ومن الذي كان هناك. ومن الذي صور؟ من الملابسات التي سبقت هذه التفجيرات سحب إسرائيل لعدد من سياحها كانوا في سيناء قبل التفجيرات بساعات قليلة. لدرجة أنه يقال إن المرشدين السياحيين الصهاينة كانوا يحذرون السياح الإسرائيليين في الأتوبيسات السياحية من احتمال أن تكون هناك تفجيرات انتحارية موجهة ضدهم. قال الإعلام الصهيوني أيضاً إن مصر كانت تعرف بهذه التفجيرات قبل وقوعها. وأن مصر أخلت موقعاً علي الحدود بين مصر وإسرائيل. الأكثر صواباً أن نقول الحدود المصرية الفلسطينية. فذلك هو الأدق. وكل هذا جري في إطار التوقع لمثل هذه الضربة. ولكن لوحظ أيضاً عدم وجود سائح إسرائيلي واحد. أو سائح أمريكي واحد في شرم الشيخ بعد وقوع العملية مع أنه من المعروف وجود أعداد كبيرة تعد بالآلاف أحياناً من السياح الإسرائيليين في سيناء. لا يقل الرقم في كثير من الأحيان عن العشرة أو الخمسة عشر ألفاً. هذه المرة لم يكن هناك سائح واحد سواء من إسرائيل أو أمريكا. إسرائيل دخلت علي الخط هذه المرة بكثير من المقالات والتحليلات. تركزت كلها علي التقصير الأمني المصري في مواجهة المتطرفين. لعل أخطر هذه التصريحات ما جاء علي لسان إيريل شارون رئيس وزراء العدو الصهيوني عندما قال: أنه عرض علي مصر أية مساعدات لمواجهة التفجيرات. والحمد لله أن الحكومة المصرية اعتذرت عن عدم قبول مثل هذه المساعدات المسمومة. طبعاً لم ينس شارون ان يقول إن الإسرائيليين وصلوا إلي جرحي طابا قبل وصول الإسعاف المصري إلي جرحي شرم الشيخ بوقت كاف. وقال إنه مستعد لمواجهة الإرهاب الإسلامي في مصر والوطن العربي والعالم الإسلامي علي أن يخلصوا العرب من مواجهة الإرهاب الفلسطيني. وهو يقصد المقاومة الفلسطينية المشروعة في وجه تجاوزات الاحتلال الصهيوني. لأول مرة تهتم الصحافة الإسرائيلية بالحدث. وتتوسع في الكتابة عنه. وعندما ألمح وزير الداخلية المصري إلي احتمال مشاركة إسرائيل في العملية أو تقديم تسهيلات للإرهابيين. رد عليه السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة تسفي دزرائيل كتب في يديعوت أحرنوت تحت عنوان: وانقلب الجنين علي خالقه وحشاً. وصف السفير محاولة إلصاق التهمة بإسرائيل من قبل مصر باعتباره سلوكاً معتاداً. وتكمن مشكلة الدول العربية والإسلامية - هكذا كتب السفير - في أنها لا تريد أن تحاسب نفسها. ومضي يقول إن مصر التي شهدت ميلاد فكرة الجهاد الإسلامية ووصلت الذروة باغتيال الرئيس أنور السادات. (4) هذا الحدث فتح الباب واسعاً أمام حكاية الإنترنت. بيانات توضع عليه من الصعب أن تصدقها. ومن الصعب أيضاً أن يكون لديك دليل علي تكذيبها. كتائب عبدالله عزام كانت صاحبة البيان الأول. وباعتبارها واحدة من تنظيمات القاعدة. فإن بيانها يعني دخول القاعدة علي الخط لأول مرة في مصر. ولأنها القاعدة كان من الطبيعي أن نفاجأ بقاعدة العراق تدلي بدلوها. أذيع شريط إيهاب الشريف وهو يرتدي نفس ملابس الشريط الأخير السابق علي إعدامه ولكن بدون عصابة علي عينيه. مما دفع بالأمل لأسرته أن يكون مازال علي قيد الحياة. المعارضة استغلت ظهوره لتقول أنه كان يرتدي بيجامة. وهذا معناه أنه مخطوف من قلب بيته وليس من الشارع كما قالت الخارجية المصرية من قبل. وهنا تدخل وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ليعلن أن إيهاب الشريف قتل بنسبة 96%. وحكاية النسبة هذه أثارت العديد من التساؤلات الكثيرة: كيف تمكن الوزير من حسم النسبة هذه؟ إيهاب الشريف في الجزء الذي أعلن بصوته تكلم عن كامب ديفيد وكونها تعطي الصهاينة الحق في الجزء ج من سيناء بدون تاشيرة وبدون رجوع إلي السلطات المصرية. وكلنا نعرف ما قاله. خاصة
الذين اطلعوا علي نصوص كامب ديفيد وعلي توابعها وملحقاتها. لكن الجديد كان اللجوء إلي إيهاب الشريف لإثبات ما يريدون إثباته. أكثر من بيان وضع علي النت. بعدد الأسباب التي دفعت إلي العملية. آخر بيان صدر من جماعة التوحيد والجهاد في مصر. لكن البيان الذي حظي بحالة من التوقف أمامه كان بيان كتائب شهداء سيناء باعتبار أن هناك مشكلة بين بدو سيناء والحكومة المصرية منذ تفجيرات طابا وهناك عدد كبير من المقبوض عليهم بعض التقديرات تذهب إلي أنهم ثلاثة آلاف شخص. ومن عجائب بيانات النت التي لا تنتهي أن بث بيان باسم جماعة تطلق علي نفسها جهاد مصر. وتعلن لأول مرة ومنذ اختفاء رضا هلال منذ عامين مضيا. عن مقتل رضا هلال الذي مازال اختفاؤه لغزاً حتي الآن. لقد اختفي رضا هلال في الحادي عشر من أغسطس 2003 . وبعد أيام تصل إلي الأسبوع يكتمل عامان علي اختفائه. لكن الجماعة أكدت في بيانها قتل الصحفي رضا هلال كذلك في معرض تهديدها للسيد القمني. والثناء عليه وذلك بسبب تراجعه عن أفكاره وإعلانه توبته عنها. قال البيان موجهاً كلامه للقمني: - لقد نجوت بأعجوبة حقيقية. وكنا أعددنا الخطة وندرس إمكانية تصوير عملية اغتيالك. إذ أننا كنا نريد استثمارها في أمور دعاية. وذلك بعد أن تعلمنا من حادثة رضا هلال العميل الأمريكي الذي أردي برصاص الموحدين. ان ذلك النمط من الحرب لن يكون ممكنا إلا إذا صاحبته دعاية. الإسلاميون المصريون كذبوا هذا الكلام. وأكدوا أنه لو كانت هناك منظمة قتلت رضا هلال فلماذا التزمت الصمت عامين كاملين؟ فضلاً عن الإشارة إلي ركاكة أسلوب البيان. وهل من المعقول أن يعلن عنه عرضاً في سياق تحذير سيد القمني؟ أما الأمن المصري يفقد أعلن أن ملف رضا هلال أغلق تماماً ولن يعاد فتحه مرة أخري. ومن الصعب تصديق ما جاء عن النت بخصوص رضا هلال وأيضاً من الصعب تكذيبه. لا من يريد تصديقه لديه دليل. ولا من يريد تكذيبه لديه دليل أيضاً. (5) إن قصة الباكستانيين الذين يتراوح عددهم بين الخمسة والتسعة تشير إلي حالة الارتباك المصري الرهيبة قبل التفجيرات بأيام أعلنت الداخلية المصرية مطاردة عدد من الباكستانيين بزعم أنهم دخلوا البلد بتأشيرات مزورة. وقيل أنهم يتاجرون في العملة. مع أنه لا تجارة في العملة الآن في مصر إلا في أضيق الحدود. وعلقت صورهم تحت بند مطلوب القبض عليهم في حي الزاوية الحمراء. وبالذات علي جدران المقاهي الشعبية. بعد التفجيرات اكتسبت قصة الباكستانيين أبعاداً أخري. قيل أن لهم علاقة بالتفجيرات. وأنهم وصلوا إلي سيناء وبعد التفجيرات هربوا إلي إسرائيل. ومنها إلي العالم الواسع وأنهم من الممكن أن يلعبوا دور أجراء في تنفيذ العملية. بعد تحرك دولة الباكستان وسفارة الباكستان في القاهرة وسفارة مصر لدي الباكستان من أجل نفي هذا الكلام. اضطرت الدولة المصرية إلي القول أن الباكستانيين لا علاقة لهم بالأمر. (6) الجانب الغائب في تناول قضية التفجيرات هو أهالي سيناء. أو بدو سيناء. والمعروف أنه يعيش فيشمال سيناء حوالي 10 قبائل وعائلات أهمها الفواخرية وفروعها الزملوط - أبناء سليمان - السلايمة - أبو تشتة - لا مائبة - الأشراف وقبائل النخلاوية والبياضية والأكارسة والوراسمة وعدد كل سكان جنوب سيناء لا يزيد علي 70 ألف نسمة. أما في شمال سيناء فيعيش فيها 300 ألف مواطن ومشكلة سيناء هي الغربة الشديدة التي يعيش أهلها في ظلها. وارتباطهم بإسرائيل للأسف الشديد من فترة الاحتلال التي دامت من سنة 1967 حتي سنة 1982 . أيضاً فإنه من الثابت بعد تفجيرات طابا أن المواجهة الأمنية للحادث كانت هي الأساس. ترك الأمر للأمن فقط وتقاعست باقي الجهات الأخري عن القيام بدورها ربما حدثت بعض التجاوزات التي دفعت الكثير من أمهات المقبوض عليهم بالاعتصام والتظاهر أكثر من مرة. نحن في مواجهة مجتمع قبلي. ولذلك ربما كان الثأر بمفهومه القبلي والصحراوي يقف وراء مشاركة بعض أبناء سيناء في التفجيرات الأخيرة. --------- صحيفة الراية القطرية في 2 -8 -2005

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.