لن تخرج.. ولن تحصل على حريتها.. ولن تنال طلاقا هو ملاذها الأخير.. إلا إذا أراد الزوج.. هكذا يعتقد من تقدم بمشروع قانون لإلغاء “الخلع”.. ولن أذكر اسمه عامدة.. دعواه جوفاء.. ودفوعه واهية.. رأيته متحدثا فى الفضائيات.. متعللا بحماية الأسرة.. وكأنه أدرى من الله – الذى شرع هذا الحق – ورسوله بصالح الأسرة.. لا بد أن تظل مقيدة باغلالها كما النساء فى الجهة الأخرى من المنطقة العربية.. على شطآن الخليج العامر ببتروله وأمواله وأمراضه الاجتماعية والنفسية.. وهم مستعدون لدفع اموال طائلة لتصديرها إلينا هنا فى الوادى الخصب.. الخلع وأشياء أخرى.. لن تسكت عليها نساء مصر.. فهن لسن كما النساء هناك على الشطآن الخليجية!! ليست القضية فى قانون الخلع فى حد ذاته.. ولا قوانين الأسرة.. أو كما باتوا يطلقون عليها “قوانين الهانم”.. القضية الرئيسية فى هذا الفيلم الردىء هى المرأة الزوجة.. وهو فيلم جرى التجهيز له طوال الشهور الماضية.. وبات الآن جاهزا للعرض فى كل فضائيات مصر.. ناهيك عن العرض الخاص الذى أقيم فى مجلس الشعب منذ عدة أيام.. وحضره لفيف من الداعين للعودة إلى الوراء.. اربعة قرون على الأقل!! فدعاة إلغاء قانون الخلع.. أوعودة المرأة للتطريز بالمنزل.. قضيتهم الكبرى ليست مع الأم ولا الابنة ولا الأخت.. قضيتهم مع الزوجة.. وركائز تلك الأفكار وهابية لا شك.. تقاتل لتعيد المرأة للمنزل.. مواطن من الدرجة الثانية فى أفضل الأحوال.. لا تقول رأيا ولا تعمل عقلا.. تهتم بالأعمال “التطريزية” كما قالت لا فض فاها النائبة الإخوانية “عزة الجرف”.. التى صمتت دهرا, ثم نطقت مطالبة بصحيفة الحالة الجنائية لشهداء الثورة حتى يتم صرف التعويضات!!.. والخلع من وجهة نظر هؤلاء, هو الباب الذى يجب غلقه أمام النساء لاتخاذ قرار.. فلا يجب أن يكون لها هذا الحق.. باعتبارها مخلوقا تابعا.. عليه الانتظار رهن المحبسين, محبس جدران أربعة ومحبس قرار صاحب القرار, الزوج.. أولئك الوهابيون يحدثونك باسم الله.. ويستميتون رافعين شعار تطبيق شرع الله.. ثم يطالبون بإلغاء قانون لا لبس بالمرة فى أنه مستمد من شرع الله.. والحديث الشريف للرسول الكريم دليلا وبرهانا.. حتى صارت جملة “ردى عليه حديقته” التى قالها عليه الصلاة والسلام فى هذا الشأن.. علامة مسجلة فى صحائف الدعاوى لكل قضايا الخلع التى تم رفعها طوال السنوات الماضية!!.. وعندما تناقشهم فى أن ما يطلبون هو ما يخالف شرع الله.. يديرون وجوههم إلى الضفة الأخرى من النهر, قائلين: إنه يهدم الأسرة.. فقوانين “الهانم” كان هدفها هدم المجتمع!!.. تعود فتناقشهم فى السند الشرعى للقانون.. فلا تجد إجابة.. فقط هتاف عن مفاسد النظام الساقط.. ومفاسد الست سوزان.. غافلين – عمدا – عن أن ما خرج من قوانين سواء كانت خاصة بالمرأة أو بالأسرة.. إنما هى ثمرة جهد كبير لسنوات طويلة مضت لقانونيين وفقهاء رجال ونساء.. إستثمرته “الهانم” تتاجر به فى محافل كانت تتلقى منها تمويلا يذهب فى حساباتها خارج مصر.. وعلى من ينكر جهد كل فقهائنا وباحثينا منذ سبعينات القرن الماضى, ألا يقول شيئا.. فقط يصمت!! قانون الخلع فى رأيى الشخصى أعتبره قانونا جائرا على حقوق المرأة فى الحالة المصرية.. لسبب بسيط, وهو أن 98% ممن لجأن إليه.. يحق لهن التطليق للضرر, مع الحصول على كامل حقوقهن التى حفظتها لهن الشريعة الإسلامية.. لكن لبطء التقاضى.. ولما تتعرضن له من إهانات وضغوط تستمر لسنوات لا تقل عن خمسة فى أفضل الأحوال.. تلجأ كثيرات منهن إلى الخيار الصعب, باللجوء للخلع مقابل التنازل عن كل حقوقهن ودفع مقابل ما حصلن عليه من مهور.. دعاة العودة للوراء لا يعنيهم أن تهان النساء أو تهدر كرامتهن.. ما يعنيهم هو نزع حقها الذى كفله الشرع بإنهاء زواج لا تستطيع الاستمرار فيه.. وهنا هم يغضون الطرف عمدا عن الشريعة.. مقابل الحفاظ على الشكل البدوى للأسرة.. أن تنزع كل الحقوق من النساء.. فيتحولن إلى جوارى.. تلزم المنازل لتربى الأطفال وتدير أمور البيت.. ثم تجدهم يرفعون راية الحفاظ على الأسرة.. وأن الخلع قانون لهدم الأسرة.. وهو كلام مردود عليه. فعندما بدأت الحكومة المصرية فى العمل بقانون الخلع.. منذ أكثر من 10 سنوات.. توقع المحللون أن تصل قضايا الخلع الى أكثر من 100 ألف قضية .. فى غضون 4 أشهر.. ولكن هذا لم يحدث.. فخلال 3 سنوات سجلت دفاتر وزارة العدل 5 الآف قضية فقط.. نصف هذه الزيجات, كانت زيجات حديثة لم تسفر عن أطفال!!.. هؤلاء لا يكفيهم أن ترد الزوجة المهر أو مقدم الصداق أو تغادر منزل الزوجية إذا لم تكن حاضنة.. أتغادر هكذا دون إذلال؟!.. دون انهيار تحت أقدام زوج تتوسل إليه أن يمنحها حريتها؟!.. أتصبح حرة هكذا دون أن يكون لزوج متعنت القرار الأخير فى منحها حريتها؟!.. تلك هى عقدة الموضوع كله.. فى الخلع, لا يكون القرار الأخير للزوج.. الزوج الذى يقبل أن يسجن أمرأة لا تريده داخل سجن يعتقد خطأ أنه وحده يملك مفاتيح أبوابه.. الكلمة الأخيرة هنا ليست له بحكم شرع الله.. الله هو الذى أعطى امرأة كارهة لزوجها الحق فى إنهاء الزواج بإرادتها.. حتى لو كان يحسن عشرتها.. وحتى لو كان سخيا فى الإنفاق عليها.. وحتى لو كان يرعى الله فيها.. طالما أصبحت كارهة للحياة معه, فلها الطلاق.. هكذا شرع الله.. وهكذا قال نبيه الكريم.. وهم يعلمون, لكنهم يدلسون.. يعتقدون أن رياح الصيف الساخنة, قد تأتيهم من الخليج فى جنوب غرب آسيا.. تحمل لهم مددا يعينهم فى حربهم التى أشهروا أسلحتها ضد نساء مصر.. ويبدو أنهم سينتظرون طويلا.. فالتغيرات المناخية, بعد الفورات العربية المفاجئة.. غيرت كثيرا فى خريطة توزيع الرياح.. فصارت فى معظم الأحوال لا تمطر “مددا”!! إيمان إمبابى