منذ سقوط سطوة زوجة الرئيس المخلوع وأصبح الرفض لكل ما يتعلق بها حتي القوانين التي طبقت في عهدها أصبحت مثار جدل ويطلق عليها قوانين الهانم.. دار الجدل حول قوانين الأحوال الشخصية وحتي قانون الخلع ) علما بأنه مبدأ إسلامي وليس له علاقة بقوانين الهانم كما يعتقد الكثيرون.. التيارات الإسلامية تري وجوب إعادة النظر فيه مما أثار مخاوف وفزع سيدات مصر اللاتي يرين جميعا أنه عودة لعصر العبودية وزمن سي السيد وإهدار لكرامة المرأة وإذلالها من جديد.. ونتيجة لذلك اشتعل مسلسل قتل الأزواج علي يد الزوجات المقهورات اللاتي لم يجدن مخرجا للهروب من الجحيم المفروض عليهن سوي ذلك بدلا من الوقوف في طوابير المحاكم لسنوات طويلة تذوق فيه المرار مرة ثانية.. ولكن هناك أصوات تبعث الطمأنينة وسط هذا الجدل بأنه لا يمكن الغاؤه ولكن فقط يعاد النظر فيه لتلافي السلبيات الموجودة به للوصول إلي الوجه الأكمل الذي يضمن العدالة والإنصاف للطرفين.. تري ماهو الوجه الأكمل المنشود وماهي السلبيات الحالية وما الضوابط المطلوبة ؟ ناقشنا المختصين حول القضية لنتعرف علي آرائهم حولها. ربما يرجع الجدل الدائر الآن حول قانون الخلع والمحاولات العديدة للتحايل من أجل إلغائه أن بعض الإسلاميين يرون أنه سبب تفكك الأسر المصرية لأن المرأة تستطيع خلع زوجها إذا استحالت بينهما العشرة.. ولكن هذا الكلام غير دقيق والدليل أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء التي أظهرت أن حالات الطلاق بقانون الخلع لا تمثل أكثر من 3٪ فقط من حالات الطلاق فيما يأتي 68٪ من الحالات من الرجل منفردا وهذا ما صرحت به إيمان بيبرس مديرة جمعية نهوض وتنمية المرأة والتي أظهرتها أرقام الجهاز.. وكذلك يري كثير من أساتذة الشريعة أن ما حصلت عليه المرأة من قوانين الأحوال الشخصية قليل من كثير مما أمر به الإسلام.. وهناك أيضا إحصائيات صادرة عن وزارة العدل المصرية تشير إلي وجود أكثر من 40 ألف دعوي خلع لأن هناك بعض السيدات أساءت استخدام ذلك الحق.. ونوهت هذه الإحصائيات إلي أن أهم أسباب الخلع إساءة معاملة الزوج للزوجة أو التعدي بالضرب أو السب أو الزواج بأخري أو عدم الشعور بالحب أو الإحساس بالبغض. الطلاق برد الحديقة ويستند المعارضون لإلغاء القانون برأي الدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية السابق عضو مجمع البحوث الإسلامية الذي يري أن الله عز وجل شرع الزواج وجعله سكناً وأمناً لكل من الزوجين من أجل التناسل والتوالد ولإعفاف كل من الزوجين لصاحبه ولكن قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقد يحدث انشقاق وخلاف بما لا يمكن الحياة الزوجية من تكملة مشوار الحياة ويحاول الزوج أن يصلح من حال زوجته ولكن دون جدوي وهنا يباح للزوج أن يطلق زوجته ولكن إذا كانت الزوجة ترغب في إنهاء الحياة الزوجية فلها الحق في أن تعرض أمرها علي القاضي للخلع من زوجها بشرط أن ترضيه بالمال أو بالتنازل عن حقوقها. ويستدل الفقهاء بما ثبت أن الرسول صلي الله عليه وسلم حينما جاءته المرأة وقالت يارسول الله (زوجي لا أعيب عليه في خلق ودين لكنني أكره الكفر في المعيش) فقال لها الرسول أتردين عليه حديقته قالت وأكثر منها إن أراد يارسول الله فقال الرسول للزوج (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة) وهذا يدل علي ضرورة أن تكون المرأة طالبة الخلع أمينة في الحديث عن زوجها. والخلع لغة تعني النزع ومأخوذة من خلع الثوب لأن المرأة لباس الرجل والرجل لباس المرأة لقوله تعالي (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن).. والخلع يقع سواء بلفظ الخلع أو بأي لفظ مشتق منه ولكن لا يصلح بلفظ الطلاق ويجوز الخلع في الحيض بخلاف الطلاق.. و تناول القانون المصري الخلع في المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية فالقاضي لا يحكم للزوجة بالخلع بناء علي طلبها إلا بعد أن يحاول الصلح بينهما ببعث حكمين للتوفيق وإن لم يوفقا وأصرت الزوجة علي الخلع خلعها القاضي وأمر القاضي الزوج أن يأخذ ما قدمه من مهر أن تتنازل الزوجة عن جميع حقوقها الشرعية ولكن حضانة الأطفال لا يصلح أن تكون مقابل الخلع. حالات تثير الضحك المشكلة أن بعض الزوجات أساءت استخدام الخلع فالبعض أقبل عليه لاتفه الأسباب والتي تثير الضحك: فهذه زوجة تطلب الطلاق بسبب شخير زوجها.. وأخري تطلب الطلاق لأن زوجها يستيقظ في السادسة صباحا ويقوم عند إعداد الشاي بتحريك الملعقة في الكوب بصوت يجعلها تصاب بفزع أثناء نومها.. وثالثة لأنه يجبرها علي مشاهدة أفلام الرعب المخيفة.. وأقامت سيدة دعوي خلع أمام محكمة الأسرة بالبساتين تطلب خلع زوجها لأن رائحة قدميه كريهة.. وهذه زوجة مسنة 68 عاماً ترفع دعوي خلع علي زوجها 84 عاماً الأستاذ الجامعي السابق بعد زواج استمر لأكثر من ربع قرن وذلك لبخله الشديد.. و طلبت زوجة أخري الخلع من زوجها المحاسب بعد أن ضاقت بالعيش معه ولم تعد تحتمل بخله لدرجة أنه لم يطق رؤيتها تتناول قطعة جبن مثلثات (حاف) بدون عيش فانهال عليها ضرباً بالأيدي والأقدام لأنها بإسرافها ستدمر ميزانية الأسرة .. ورفعت سيدة دعوي قضائية أمام محكمة الأسرة بمصر القديمة تطالب فيها بخلع زوجها لأنه يرفض الخروج معها ويعاملها معاملة سيئة وكان دائم القراءة للكتب ويغلق علي نفسه حجرته لساعات طويلة كل يوم.. ورفعت سيدة دعوي قضائية أمام محكمة الأسرة بسوهاج قالت أنها تزوجت منذ ما يقرب من عام وكانت الحياة هادئة وجميلة ولكنها فوجئت بزوجها في الأيام الأخيرة يسيء معاملتها ويرفض الإنفاق علي المنزل ثم فوجئت به يشتري عدداً كبيراً من الطيور ويصر علي تربيتها أعلي سطح المنزل وعندما أخبرته بأن هناك تحذيرات من قبل الجهات المختصة بعدم تربية الطيور بالمنازل خشية الإصابة بمرض أنفلونزا الطيور لم يسمع كلامها. حالات غريبة وشاذة ولا يمكن القياس عليها فهن طبقات معينة لم يفرق معهن الخلع أوغيره ولكننا نتحدث عن السواد الأعظم من النساء أو الطبقة العامة ممن أوقعهن سوء الحظ في زيجة جلبت عليهن العذاب فهناك زوجة يرسلها زوجها للعمل في البيوت منتظرا ما تأتي به ليستخدمه في جلب ما يتعاطاه من مخدرات وهناك زوجة يضربها زوجها ويسيء معاملتها وتشهد الجيران مشاكلهما اليومية وأخري تعاني من سوء سلوك زوجها وهناك الأسوأ والأسوأ فماذا يفعلن هؤلاء ؟ هل تنتحر الزوجة أم تقتل زوجها أم ماذا تفعل؟ لسنا لعبة المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا تؤكد أن قانون الخلع محصن بحكم المحكمة الدستورية العليا ولا يمكن الاقتراب منه الآن فالمحكمة الدستورية العليا رفضت الطعن في القانون.. ولذلك يجب علينا عدم إعطاء أهمية لهذا الموضوع ولا نحوله لمسألة خطيرة في إيديهم يمكنهم التلاعب به وكأننا لعبة في إيديهم.. فكل ما يقال فيه كلام وهمي.. وحتي إن استطاعوا التحدث عنه في مجلس الشعب لكنهم لا يستطيعون تغييره وما يقال عن وجود بعض العيوب التي تشوب القانون ليس صحيحا.. فليتقدموا بشكل علمي وقانوني بهذه السلبيات.. فهل يتحدث أي شخص دون دراية وتخصص فالقانون ليس به أي سلبيات. رضا الزوج ويقول د. أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر عضو لجنة الفتوي أن الخلع هو أحد طرق التفريق في النكاح ومفهومه في الفقه الطلاق نظير عوض من المال.. قال تعالي: (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) وثبت الخلع بقوله وفعله صلي الله عليه وسلم فهو مشروع وأجمع الأئمة سلفا وخلفا علي مشروعيته.. وبالنسبة للتقنين القانوني في فقه الاحوال الشخصية يوجد عوار في هذا الموضوع وهو أن القاضي يطلق في حالة عدم رضا الزوج ولكن لو تم تصحيح هذا العوار لأصبح القانون لا ينقصه أي شيء لأنه يجب في الخلع رضا الزوج لقول النبي الكريم([) (خذ الحديقة وطلقها تطليقة) ونجد في هذا أن النبي مع أنه نبي وقاض لم يوقع الطلاق وكالة عن الزوج بل أوكل الطلاق إلي رضاه.. هذه فقط الجزئية التي يجب تصحيحها ويكون بذلك القانون سالما.. ولكن من ينكر الخلع فهو ينكر آيات قرآنية وأحاديث نبوية صحيحة وكذلك إجماع الفقهاء. ويتابع د.كريمة قائلا : يجب علي التيارات الإسلامية ألا تتدخل فيما لا يعنيها فالكثيرون غير مؤهلين لهذه المسائل الفقهية فقد يكون منهم الوعاظ والدعاة ولكن لا يوجد فيهم فقيه يعتمد عليه ولديه خبرة بذلك وهذه الأمور تناط إلي الفقهاء من الشرعيين والقانونيين والأمر موكول في التصحيح إلي الأزهر الشريف ووزارة العدل.. سألته ماذا إن تعسف الزوج ولم يستجب للقاضي بالتطليق؟ أجاب: في هذه الحالة القاضي يطلق للضرر فالذي لا خلاف عليه بين الفقهاء أنه سواء بالخلع أو غيره من صلاحيات القاضي في الشريعة الإسلامية أن يطلقها للضرر إن أذاها أو أهانها أو ظلمها وذلك بعد أن يبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ولم يحدث الإصلاح فننتقل بذلك من الخلع إلي الطلاق للضرر.