أعطي الله سبحانه وتعالي حق الطلاق للرجل ولكون الإسلام دين الأخلاق والسماحة والعدل فقد أعطي للمرأة حق الخلع تطبيقا لمبدأ المساواة وعدم التمييز ضد المرأة والعمل بالأحكام الشرعية وإن اختلفت الوسيلة والرؤية وأسلوب المعالجة في التعامل مع المشاكل دون انحراف عن الشريعة أو شطط في التأويل أو تحايل علي الأدلة.. وبصدور قانون الخلع أصبح للمرأة حق متبادل بين الزوج بالطلاق والزوجة باللجوء للقضاء. تلجأ الزوجة للمحكمة تطلب التطليق للضرر إذا ما استشعرت ضررا نفسيا أو أدبيا رأت أنه يستحيل معه الحياة وهي هنا تأخذ كل مستحقاتها المالية بتوقيع القاضي علي الطلاق.. أما الخلع فيأتي برغبتها في إنهاء حياتها الزوجية نظير تنازلها عن الحقوق المالية التي تستحقها بعقد الزواج. تعريف الخلع عرف الإسلام الخلع الذي أباحه بأنه مأخوذ من خلع الثوب إذا أزاله لأن المرأة لباس الرجل والرجل لباس لها قال تعالي: »هن لباس لكم وأنتم لباس لهن« وقد رأي الفقهاء أنه فراق الرجل زوجته ببذل ما يحصل له وعن البخاري عن ابن عباس قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس إلي رسول الله فقالت: ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله [ أتردين عليه حديقته قالت: نعم فقال: أقبل الحديقة وطلقها تطليقة.. أما الألفاظ التي يقع بها الخلع عند الفقهاء فيرون أنه لابد في الخلع أن يكون بلفظ الخلع أو لفظ مشتق منه فإذا لم يكن بلفظ الخلع أو معناه كأن يقول لها أنت طالق في مقابل مبلغ كذا وقبلت كان طلاقا علي مال ولم يكن خلعا ورأي ابن القيم أن من ينظر إلي حقائق العقود ومقاصدها دون ألفاظها يعد الخلع فسخا لأي لفظ كان حتي بلفظ الطلاق.. أما ابن تيمية فقال اعتبر الألفاظ في أحكام العقود جعله بلفظ الطلاق طلاقا.. وذهبت إلي أنه لا فرق في جواز الخلع بين أن يخالع علي الصداق أو علي بعضه أو علي مال آخر.. وأجاز جمهور الفقهاء أنه يجوز أن يأخذ الزوج من الزوجة زيادة علي ما أخذت منه لقوله تعالي: فلا جناح عليهما فيما افتدت به والخلع يكون بتراضي الزوج والزوجة فإذا لم يتم التراضي فللقاضي إلزام الزوج بالخلع.. كما أنه يجوز الخلع في الطهر والحيض.. والخلع يجعل أمر المرأة بيدها ذهب الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة إلي أن الرجل إذا خالع امرأته ملكت نفسها وكان أمرها إليها ولا رجعة له عليها وفسر جمهور العلماء الخلع بأنه طلاق بائن ولا رجعة فيه ثابت بالسنة وأقوال الصحابة. حفظ الحقوق تنص المادة 02 من قانون الخلع لسنة 0002 علي أن للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما علي الخلع فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالصت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها، ولا تحكم المحكمة بالخلع إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين وندبها لحكمين لموالاة مساعي الصلح بينهما خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر وتقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها ولا سبيل للاستمرار وتخشي ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض ولا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار أو نفقتهم أو أي حق من حقوقهم ويقع بالخلع في جميع الأحوال طلاق بائن ويكون الحكم في جميع الأحوال غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن. ونص القانون لا يختلف كثيرا عن جوهر الدين فقد حفظ للمرأة حقها في الطلاق.. كما للرجل بأن عليها افتداء نفسها لاستحالة العشرة بينهما وإضافة فقرة عدم جواز سقوط الحضانة بالخلع استنادا إلي أن الأم أحق بالولد من أبيه في حال انفصالهما ما لم يقم بالأم مانع يمنع تقديمها وسبب تقديم الأم أن لها ولاية الحضانة والرضاع لأنها أعرف بالتربية وأقدر عليها ولها من الصبر في هذه الناحية ما ليس للرجل.. فعن عبدالله بن عمرو أن امرأة قالت: يارسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء وزعم أبوه أنه ينزعه مني فقال: »أنت أحق به ما لم تنكحي« ولذلك كان القانون يحاول أن يحفظ للأم حق الحضانة حال التفريق بينها وبين زوجها بالخلع. الحل الأخير ❊ ل. س. ت إحدي السيدات التي كانت من أوائل من حصلن علي حكم المحكمة بالخلع بعد زواج استمر خمسة عشر عاما زادت المشكلات بينها وبين زوجها وتفاقمت مما دعاها لطلب الطلاق أكثر من مرة وكان يرفض إمعانا في إذلالها وعندما حاول أهلهما وأصدقاؤهما إقناعه بالطلاق كان رده أننا وصلنا لطريق مسدود لكن لن يتم الطلاق حتي أتعبها وأجعلها تدوخ في المحاكم طلبا للنفقة والطلاق وتدفع أتعاب المحاماة ورسوما للمحكمة وعند إدراكي أن الطريق أمامي مسدود لجأت إلي الخلع ظلت القضية بالمحكمة ما يقارب 6شهور ما بين محاولات الصلح من قبل المحكمة واستيفاء الأوراق وتأكد واقتناع هيئة القضاء بأسباب طلب الخلع وسألتها عن الأسباب.. تحفظت قائلة: رددت له المهر الذي قدمه لي وتنازلت له عن نصيبي في شقة الزوجية فداء لنفسي كما أمر الرسول [ وفي المقابل حصلت علي الخلع الذي كان الحل الوحيد لمشكلاتي رغم ما ترتب عليه من بعض المتاعب مع الأولاد والأهل والجيران والأصدقاء لانقسامهم حول المبدأ نفسه رغم كامل اقتناعهم باستحالة العشرة بيننا.. ومها الشناوي هي أول امرأة تخلع زوجها عام 1002. الدكتورة عبلة حنفي أستاذ علم النفس بجامعة حلوان قالت: عن قانون الخلع أوافق بشدة علي وجود القانون واستمراره لأنه شرع الله للمرأة التي وجدت أن الاستمرار في الحياة الزوجية غير محتمل صحيح أن المجتمع المصري يعطي الرجل تقرير الطلاق غير عابئ بما تريده المرأة وإذا كان هناك اعتراض فلأن الرجل يريد الاحتفاظ بالطلاق منفردا لأننا مازلنا مجتمعا ذكوريا والمرأة المصرية تحب الاستقرار وتريد الحفاظ علي حياتها الزوجية واستمرارها فإذا اختل هذا الأمر لسنوات ويئست من الطلاق فليس أمامها إلا اللجوء إلي الخلع وإذا كان الرجال يتشدقون بالقول بإن الخلع يساعد علي خراب البيوت وقد تم استغلاله من قبل بعض النساء إلا أنه يظل أبغض الحلال عند الله ولقد جعله الدين الإسلامي شركة بين الطرفين يحق التعامل فيها بالحسني ويوجد كثير من البلاد العربية تبرم عقد اتفاق مكتوبا به شروط للطرفين تلحق بعقد الزواج حتي يمكن للزوجة فسخ العقد إذا أخل أحد الطرفين بالشروط.. وهذا الوضع خير للأولاد بدلا من وجودهم في جو خانق يشاهدون ضرب أمهم وتوجيه لوم أو توبيخ لها أليس من الأفضل أن يعيشوا بمكان منعزل في جو من الهدوء فيشب الأولاد وهم يدركون أن استحالة الحياة تؤدي للطلاق سواء من قبل الزوج أو الزوجة حتي يتوفر لهم الاحترام والحياة الكريمة.. وأتمني أن يأتي يوم قريب يصبح الطلاق فيه غير خاضع للفظ يقوله الزوج متي شاء وكيف شاء إنما يتوجه للمحكمة ويقول أسبابه ويحصل علي الطلاق الذي يريده بعد مراجعة القاضي لمحاولة إعادة المياه لمجاريها بينه وبين زوجته.