أثارت مطالب شبكة الجمعيات العاملة بمجال المرأة «بضرورة تعديل قانون الأسرة وضم عدد من المواد أهمها وضع مادة قانونية تلزم الزوج بدفع أجرة لزوجته علي عملها داخل البيت، واختصاص القضاء بالزواج الثاني ، وإعادة النظر في ترتيب حضانة الأب»، جدلا واسعا بين علماء الأزهر ، الذين اختلفت آراؤهم بين مؤيد ومعارض لهذه المطالب. وكانت 11 جمعية نسائية قد قامت باعداد مشروع قانون أسرة متكامل يحل محل قانون الأحوال الشخصية شدد علي وجوب وضع اجرة للمرأة عن عملها في منزل الزوجية، وأن يكون الزواج الثاني بإذن من المحكمة مع حق الزوجة الاولي طلب الطلاق ، بالاضافة إلي اعتبار لجوء الزوجة لطلب التطليق هو دليل قطعي عن التضرر. كما طالبت الجمعيات بضرورة رفع ترتيب الأب في الحضانة من الدرجة الرابعة عشرة إلي الثانية، كذلك عدم سقوط حضانة الأم بعد زواجها بآخر أسوة بالقانون البحريني والإماراتي بجانب منع سفر الصغير دون إذن الحاضن في حالة الاستضافة، وتخفيض المدة التي اشترطها المشرع لتلجأ الزوجة للمحكمة للتطليق إلي ستة أشهر بدلاً من عام كامل في حالة الغياب أو الاختفاء، و ورفع أعيان الجهاز من التنازلات عند الخلع. وحول الموقف الشرعي يقول الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية إنه مع المطالبة بأن يدفع الرجل أجرة للزوجة علي عملها في البيت حيث لا يجب عليها العمل المنزلي ، حيث علي الزوج ان يستحضر للزوجة عاملة ، مؤكدا أن ذلك الأمر يعد من الشرعية ، وأن أعرافنا الآن تسع ذلك، علي ان يكون بالتراضي وليس من جانب الالزام ، معللا موافقته بأن الرجل يستفيد من خدمة الزوجة ثم يطلقها بعد أن يثري، ويكون ثروة وتكون خدمتها أسهمت في نماء ثروته ثم يخرجها من حياته الزوجية دون أي ضمان لها. كما يوافق بيومي علي إنشاء نظام الثروة المشتركة بين الزوجين من منطلق المسئولية المشتركة ، علي اعتبار أن الزوج استنفد كل قدارت الزوجة لسنوات طويلة ثم يتركها لمواجهة الواقع، فيكون من المروءة إن لم يكن من الدين فرض شيء من ثروته، كما لا يوجد مانع من ان يكون ذلك للرجل بحيث يكون له جزء من ثروة زوجته عند الانفصال بشرط التراضي بينهما ، مشددا علي أن الثروة المشتركة هي من الشريعة وكتب الفقه الحنفي فصلت ذلك. بينما لا يؤيد الدكتور بيومي تقليل فترة طلب الطلاق لغياب الزوج إلي ستة اشهر بدلا من عام معتبرا أن المدة غير كافية لطلب الطلاق ، حيث أنه قد يذهب الإنسان لمدينة من المدن ليبحث فيها عن استقراره فيؤخذ ما يزيد علي ستة أشهر غائبا علي زوجته ،فيعذر الزوج في هذه الظروف. رافضا كذلك القول بحق المرأة بالطلاق دون ابداء اسباب معتبرا أن تضرر الزوجة من البقاء مع زوجها جعل الإسلام له الخلع حتي لا يقع علي الرجل ضرران الانفصال الذي لا يرغب فيه، وضرر ما اخذته الزوجة عند الزواج ، خاصة أن طلب التطليق ليس دليلا علي الضرر، مؤكدا أنه عند الخلع يحسب قائمة العفش من المهر الذي يرد للزوج علي أساس أنه جري في العرف ان المهر يدفع في الجهاز. رفض الاجرة والثروة أما الدكتورة سعاد صالح استاذ الفقه فأكدت أهمية مطالب جمعيات المرأة في جعل تعويض مالي للزوجة عقب الطلاق، إلا انها أوضحت أن الإسلام اعترف بذلك تحت مسمي نفقة المتعة، وليس بالثروة المشتركة. وأوضحت أنه يمكن من خلال متعة المطلقة تعويض ما فقدته من ثروة تملك ، بان تكون ساهمت بأشياء لها في البيت، فعن طريق المتعة تحصل الزوجة علي جزء من ميراث الزوج وهي أصلا لا يجب عليها الانفاق والمساعدة ، ولكن تحصل علي نفقة من أموال الزوج بضوابط ان تكون الحياة الزوجية مرت عليها مدة طويلة، فلابد من فرض مبلغ أجباري من ثروة الزوج. كما رفضت رأي الدكتور بيومي في أن تكون هناك اجرة للزوجة علي عملها داخل المنزل علي اعتبار أن هذا الأمر يحول عقد الزواج من سكن ومودة ورحمة إلي عقد يقوم علي الصفقات المادية وتحوله من عقد ديني إلي عقد مدني ، إلا انه أيدته في ضرورة احتساب الجهاز من تنازلات الخلع علي اعتبار أنه الجهاز أصبح اليوم بديل المهر. وعن مطلب اختصاص المحكمة بالزواج الثاني أكدت الدكتورة سعاد موافقتها عليه قائلة :" إن ظاهرة تعدد الزوجات تجاوزت كل الضوابط التي حددها الإسلام للتعدد واصبحت العملية تقليداً من الشباب الذين لا يمكلون قدرة الانفاق علي زوجة واحدة ويريدون الاقتداء بالرسول في الزواج بأكثر من واحدة، كما أن التعدد ينتج عنه اولاد شوارع. كما وافقت علي تغيير ترتيب الأب في الحضانة ليكون الثاني عقب الأم وإن كانت الحضانة أساسا للأم وأم الام ثم أختها وهكذا ولا تصل الحضانة للأب إلا بعد قائمة طويلة ، وإن كان الفقهاء رتبوا الأب هكذا فإن هذا الترتيب هو اجتهاد يتغير بتغير الظروف، واصبح هناك خلافات وحشية بين المطلق والمطلقة والذي يدفع ثمن العناد هم الأبناء كما أن الأب لا بد انه دور في رعاية أبنائه، مشيرا إلي منع سفر الطفل دون اذن الحاضن امر موافق للشريعة. الشيخ فوزي الزفزاف وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية يرفض كذلك مطالب الجمعيات النسائية في جعل اجرة للزوجة علي عملها بالبيت ، وفي تخصيص ثروة مشتركة بين الزوجين ، مؤكدا ان هذا نظام غربي خارج عن الشريعة، وأن جعل للمرأة أجرة للعمل في بيتها يحصر دور الزوجة في خانة الاستمتاع بها فقط . ولم يؤيد الزفزاف رأي الدكتورة سعاد في تغيير ترتيب الأب بعد الأم في الحضانة، علي اعتبار أن الفقهاء رتبوا الحضانة بما يضمن مصلحة الطفل ،وأضاف أنه لا يجوز أن يجعل سفر الطفل بأذن الحاضن ، وأنه ينبغي أن يكون القضاء هو الفاصل في مسألة السفر كل حالة علي حدة بما يراعي مصلحة الطفل وما يعود علي الأسرة منه ، خاصة أن الحاضن هو رعاية مؤقتة وليس هو صاحب الحق الوحيد في الطفل مؤقتة لفترة زمنية. وأشار إلي أنه بالنسبة للزواج الثاني عن طريق المحكمة فهو مطبق بالفعل ، اما الخلع فإنه يشمل كل المنقولات إلا إذا كان منصوصا في قائمة الجهاز ان جزءاً من هذا العفش. أبعاد القانون بينما يري الدكتور سعد هلال أستاذ الفقه بجامعة الأزهر أن كل هذه الطلبات قابلة للأخذ والرد برضاء ، لا يجوز دخول القانون فيها البتة، وإنما لابد وأن تظل اتفاقات فردية ولا ينبغي ان يتدخل فيها القضاء، حيث أن هناك أحكاما قد تصلح مع عائلة ولا تصلح مع عائلة أخري، لكن أن يتفق الزوجان علي تلك المطالب في عقد الزواج ، اما كثرة التشريعات فستدفع أحد الزوجين للحيل وربما من ضمنه العنف الذي لا نرضاه ، فالشئون الشخصية لا يصلح فيها القانون، والتدخل هو الذي سيدفع الأسر للعنف ، وللزوج والزوجة وضع ما يريدون من هذه المطالبات في شروط عقود الزواج لكن لا يكون تعميمها وجوبا. وأوضح أنه فيما يتعلق بحضانة الأب فإنها قابلة للتفاوض، وإن كان الأفضل أن تكون حضانة الأب عقب الأم بشرط أن يكون أهلا للحضانة، مشيرا إلي انه يجوز جعل عن طريق المحكمة حتي لا يحدث التلاعب من الأزواج، فيتزوج بدون أذن الزوجة وتكون بين أمرين بين أن تستسلم او تطلب الطلاق. بينما يري هلال انه يجوز رفع أعيان الجهاز المنزلي من تنازلات المرأة في الخلع ، حيث أنه بعد توقيع الزوج علي القائمة سار ملكا للزوجة فلا يدخل في مهر الخلع، وللزوجة أن تحتفظ بها.