يحيي الفلسطينيون اليوم الذكرى ال 44 ليوم الأسير الفلسطيني، في ظل تقارير تتحدث عن اعتقال نحو مليون فلسطيني منذ "النكبة"، حيث وجهت الفصائل الفلسطينية دعوات شعبية للمشاركة في مسيرات جماهيرية، تنطلق باتجاه الحواجز العسكرية ونقاط التماس مع جيش الاحتلال؛ للاشتباك معه؛ للتعبير عن استمرار حالة الرفض الفلسطيني للاحتلال، وتأتي التحركات تزامنًا مع التحضير ل"جمعة الشهداء والأسرى"، المقررة هذا الأسبوع، في إطار "مسيرات العودة" المتواصلة. ويتقاطر الفلسطينيون من مختلف المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في مسيرات مركزية وتظاهرات ومهرجانات وطنية تضامنية مع الأسرى، في ذكرى يومهم، الذي يصادف 17 إبريل من كل عام، استلهامًا لمعاني الصمود لأجل الحرية، ومحاكاة للمناضل محمود حجازي، الذي تم إطلاق سراحه من سجن الاحتلال كأول أسير فلسطيني في عام 1974. أرقام وإحصائيات لا يمكن التعاطي مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال على أنهم مجرد أرقام أو كتل مادية معزولة ضمن جدر أسمنتية أقامتها عليهم سلطات الاحتلال، فلكل أسير قصته في مواجهة الظلم والعدوان والقهر، ورسالته لنا بأن هذا العدو لن يرحم أحدًا، سواء كان عربيًّا أو مسلمًا، إذا استطاع هذا العدو فرض سيطرته علينا من خلال سياساته في تفريق صفوف الشعوب العربية والإسلامية، وذلك بنشر الفتن الطائفية والمذهبية، وفرض سياسة التطبيع عبر بعض النظم السياسية في الوطن العربي. وذكر نادي الأسير الفلسطيني في بيان له أن نحو مليون حالة اعتقال نفذتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق فلسطينيين منذ عام 1948، ما يعني أن قرابة خمس الشعب الفلسطيني قد دخل السجون الصهيونية منذ بداية الاحتلال لفلسطين.
ومن جهتها قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية إن "نحو 6500 أسير يقبعون في سجون الاحتلال، بينهم 350 طفلاً، وستة نواب، و500 معتقل إداري، و26 صحفيًّا، و1800 مريض، منهم 700 بحاجة إلى تدخل علاجي عاجل". ومضى على اعتقال 48 أسيرًا أكثر من عشرين عامًا، حيث يُطلق عليهم "عمداء الأسرى"، من بينهم 29 أسيرًا تم اعتقالهم قبل عام 1993، ممن كان يفترض إطلاق سراحهم ضمن الدفعة الرابعة في مارس عام 2014، إلا أن سلطات الاحتلال تنصلت كعادتها من الاتفاقيات، وأبقتهم رهائن في سجونها، بحسب الهيئة. كما يقبع "12 أسيرًا لأكثر من 30 عامًا بشكل متواصل في سجون الاحتلال، مقابل 25 أسيرًا قد مضى على اعتقالهم زهاء الربع قرن". وأوضحت الهيئة أن "215 أسيرًا استشهدوا داخل سجون ومعتقلات الاحتلال منذ عام 1967، من بينهم 72 شهيدًا ارتقوا بسبب التعذيب على يد المحققين في أقبية التحقيق، و61 شهيدًا ارتقوا جراء الإهمال الطبي، و7 شهداء نتيجة القمع وإطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس وهم داخل السجون، و77 شهيدًا نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة والإعدام الميداني بعد الاعتقال مباشرة". ونوهت بأن "سلطات الاحتلال اعتقلت منذ عام 1967 أكثر من 16 ألف فلسطينية، بينهن 1700 منذ عام 2000، فيما سُجل اعتقال 460 امرأة وفتاة منذ أكتوبر 2015، ومن بينهن 156 اعتقلن خلال العام المنصرم 2017". ولا تزال في سجون الاحتلال "62 أسيرة، بينهن 8 قاصرات تقل أعمارهن عن 18 سنة، و21 أمًّا، إضافة إلى وجود 9 أسيرات جريحات". الجدير بالذكر أن محمود بكر حجازي الذي اعتُقل عام 1965 يعد أول أسير فلسطيني في تاريخ الثورة الفلسطينية، فيما تعتبر فاطمة برناوي التي اعتُقلت عام 1967 أول أسيرة في تاريخ الثورة الفلسطينية. إجراءات وانتهاكات صهيونية يرى البعض أن مفهوم الأسر قد اتسع في ظل ممارسات المحتل في الأرض الفلسطينية، فالأسر لم يعد يقتصر على القابعين في سجون الاحتلال، حيث طال الأسر الشعب الفلسطيني كله، فتل أبيب على سبيل المثال لا الحصر جعلت من قطاع غزة سجنًا كبيرًا لساكنيه الذين يتجاوزون 2 مليون نسمة، فهم محاصرون في هذا القطاع منذ 2006 وحتى الآن، بلا مياه صالحة للشرب وبلا كهرباء وبلا غاز وخدمات. وفي هذا السياق أصدرت محاكم الاحتلال، منذ أكتوبر 2015، نحو 300 قرار "بالحبس المنزلي"، غالبيتها العظمى كانت بحق المقدسيين، ذكورًا وإناثًا، باعتبارها بديلاً عن السجن، وتهدف للإقامة المنزلية وتقييد حرية الأشخاص، خاصة الأطفال. وحتى لو تم التعامل مع الأسير بصورته المجردة، فالكيان الصهيوني لا يرحم أسراه، وهذا ما نجده من خلال القسوة المفرطة بالإبادة التى يتبعها الجنود الصهاينة مع الأسرى الذين ألقوا سلاحهم والمدنيين العزل الذين لم يشاركوا أصلاً فى القتال، فكم من حادث وُثِّق بالصوت والصورة لجندي إسرائيلي وهو يقتل أسيره الأعزل والجريح برصاصة بالرأس؛ ليفلت بعده من العقاب، كما حدث مع الشهيد عبد الفتاح الشريف. كما تستهدف إسرائيل بيوت الأسرى الفلسطينيين بالهدم، حيث هدم الكيان منزل الأسير مالك حامد في بلدة سلواد. وحاليًّا يشن الكيان الصهيوني حملة تحريض منذ سنوات ضد مخصصات الأسرى والشهداء والجرحى المالية، مستغلاًّ تولي دونالد ترمب رئاسة الولاياتالمتحدة، وهو الذي يدعم الرؤية الصهيونية. كما يدعم كل من رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش، أفيجدور ليبرمان، بقوة التصديق على قانون يتم بموجبه تنفيذ حكم الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين الذين ارتكبوا عمليات ضد الكيان الصهيوني. كما ترفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسليم جثث الأسرى الشهداء إلى ذويهم إلا وفق شروطٍ قاسية، إذ تطلب منهم تعهداتٍ واضحة، وفي حال مخالفتهم لها فإنها تنفذ في حقهم أحكامًا قاسية، ومما تطلبه من ذوي الأسرى الشهداء عدم إجراء تشريح شرعي للجثة، وعدم فتح بيت عام للعزاء، وتشترط أن يتم الدفن في الليل بعد إتمام المراسم الدينية، وفي حضور عددٍ محدودٍ من الأهل والأقارب.