يومًا بعد يوم تبرز أهمية الأزمة الخليجية بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية، حيث تستغل الأخيرة النزاع بين الجيران في منطقة الخليج لنهب المزيد من الثروات العربية، فالسعودية وقطر والإمارات والبحرين باتت تتهافت أكثر من أي وقت مضى على إبرام المزيد من صفقات السلاح مع واشنطن، والسعي لإرضاء الإدارة الأمريكية أيًّا كان الثمن، الأمر الذي يجعل الأزمة الخليجية مكسبًا اقتصاديًّا وسياسيًّا لواشنطن تجيد استغلاله. "آل ثاني" في قطر وصل أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، الجمعة الماضية، إلى مدينة تامبا في ولاية فلوريداالأمريكية، وذلك في مستهل زيارة رسمية للولايات المتحدة، يلتقي خلالها الرئيس "دونالد ترامب" وعددًا من المسؤولين، حيث كان في استقبال أمير قطر والوفد المرافق، لدى وصوله إلى قاعدة "ماكديل" الجوية، قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال، جوزيف فوتيل، وعدد من كبار الضباط في القيادة المركزية، وسفير دولة قطر لدى واشنطن، مشعل بن حمد آل ثاني. تميم بن حمد آل ثاني عقب اللقاء الذي جمع "فوتيل" مع "آل ثاني"، قال الأخير في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في موقع "تويتر": كان لقائي مع قائد القيادة المركزية الأمريكية بناء وإيجابيًّا، لقد بحثنا قضايا عسكرية واستراتيجية ثنائية تهم البلدين والمنطقة بما في ذلك جهود مكافحة الإرهاب، مؤكدًا أن التعاون الاستراتيجي بين قطروأمريكا قوي ومستمر في هذا المجال، بالإضافة إلى العديد من المجالات الأخرى التي تحكمها المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين، موضحًا أن تعميق التعاون الاستراتيجي الثنائي عسكريًّا وأمنيًّا ضروري من أجل مكافحة الإرهاب ولتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. من جانبه أعرب "فوتيل" عن شكره لأمير قطر وتقديره "لدور قطر المحوري ومشاركتها الفعالة في مكافحة الإرهاب والعمل على استقرار الأمن في المنطقة، من خلال قاعدة العديد الجوية، ومن خلال تعاونها المشترك مع الولاياتالمتحدةالأمريكية في هذا الإطار". المزيد من الصفقات العسكرية في ذات الإطار أجرى أمير قطر أمس الاثنين لقاءً مع وزير الدفاع، جيمس ماتيس، قبل أن يلتقي اليوم الثلاثاء مع الرئيس الأمريكي، وعقب اللقاء أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن واشنطن وافقت على صفقة لبيع صواريخ موجهة بقيمة 300 مليون دولار لدولة قطر، وأضافت أنها وافقت على بيع 5 آلاف نظام سلاح القتل الدقيق المتقدم الموجه بالليزر "أبكوس" إلى الدوحة، إضافة إلى 5 آلاف رأس حربي شديد الانفجار، وشددت في بيانها على أن "قطر قوة هامة من أجل الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في منطقة الخليج"، وأضافت الوزارة: "اهتماماتنا الدفاعية المشتركة ترسي علاقتنا، وسلاح الجو الأميري القطري يلعب دورًا مهيمنًا في الدفاع عن قطر". جيمس ماتيس تأتي هذه الصفقة التي تهدر فيها قطر ما يقرب من نصف مليار دولار بعد أقل من شهر من إبرام صفقة مثيلة بين الطرفين، تقضي بتطوير مركز العمليات الجوية للقوات الجوية القطرية، حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية مطلع مارس الماضي موافقة خارجية الولاياتالمتحدة على صفقة عسكرية مع قطر بقيمة 197 مليون دولار، وأوضحت أنه "بخصوص طلبية شراء عتاد، لتحديد المواقع وأنظمة للمعلومات، فإن المتعاقد الرئيسي سيكون شركة ريثيون، التي مقرها ولاية ماساتشوستس"، وفي ديسمبر الماضي أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية بيع 36 مقاتلة من طراز "F-15" لقطر، في صفقة تبلغ قيمتها ستة مليارات دولار، على أن يتم تسليمها نهاية العام 2022. بين قطر والسعودية.. من يدفع أكثر زيارة "آل ثاني" لأمريكا وعقده صفقة تسليح جديدة هناك، جاءتا في الوقت الذي تواجد فيه ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" في الأراضي الأمريكية، حيث مكث هناك ما يزيد على نصف شهر، من 19 مارس الماضي وحتى 8 إبريل الجاري، وخلال الزيارة وعلى نهج أجداده وأعمامه ووالده، لم يتوانَ "ابن سلمان" عن فتح الخزائن السعودية لحليفته الأمريكية التي تُجيد ابتزاز قادة بلاده، حيث أعلنت الإدارة الأمريكية عن موافقتها على صفقة أسلحة مدفعية مع السعودية بقيمة 1.31 مليار دولار. حيث أعطت وزارة الخارجية الأمريكية الضوء الأخضر لإتمام الصفقة وتوريد المزيد من الأسلحة إلى المملكة، وقالت وزارة الدفاع في بيان إن الخارجية الأمريكية وافقت على بيع حوالي مائتي مدفع ذاتي الحركة للسعودية، وقد جاء ذلك بعد أيام من موافقة الإدارة الأمريكية على عقود تبلغ قيمتها 670 مليونًا، وتتعلق ببيع صواريخ "تاو2 بي" المضادة للدبابات، في نهاية مارس الماضي، وبالتحديد مع بدء زيارة ولي العهد لواشنطن. تتابع الأحداث التي تظهر مدى التهافت الخليجي على زيارة أمريكا ونيل ثقتها والفوز برضاها وصب المزيد من الأموال الخليجية في خزينتها طوعًا يبرر لماذا لا تبذل الإدارة الأمريكية أي جهود لحل الأزمة الخليجية، ولم لا وأطراف الأزمة تتناحر للتقارب معها، وتبذل الغالي والنفيس لإرضائها وتنفيذ مخططاتها؟ فأمريكا باتت علنًا تلعب على كل الأطراف، وتبحث عن مصالحها في كل الجهات، الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام، فإذا كانت الأزمة الخليجية قائمة بالفعل على المزاعم السعودية بدعم قطر للإرهاب، فلماذا تدعمها أمريكا سياسيًّا وتسليحيًّا؟ هل هذا يعني أن أمريكا أيضًا تدعم الإرهاب، أم أن واشنطن تعمدت توريط المملكة وحلفائها في الأزمة الخليجية لتخلق بلبلة في المنطقة ونزاع وهمي فقط لتخرج هي بأكبر المكاسب؟