قبل انطلاق مؤتمر الأمن الدولي السابع في موسكو، استقبل وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، عددًا من نظرائه كان على رأسهم الصيني والهندي والإيراني. وبعث وزير الدفاع الصيني الجديد، وي فنج خه، حال وصوله إلى موسكو، أمس، برسالة قوية إلى واشنطن، قال فيها إنه جاء كي يعلم الأمريكيين عن الروابط القوية بين بلده وروسيا، وأن المواقف بشأن القضايا الدولية موحدة، في تحدٍ واضح للنهج الأمريكي أحادي القطب. ومن جانبه، أكد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، خلال لقاء نظيره الصيني في موسكو، اهتمام روسيا الخاص بتنفيذ الاتفاقيات الثنائية بين البلدين في مجال التعاون العسكري، قائلا "بفضل زعيمي بلدينا فإن العلاقات بين روسياوالصين اليوم ترتقي لمستوى عالي جديد لا مثيل له، لتصبح علاقتنا عاملًا مهمًا للحفاظ على السلام والأمن الدوليين". الملف السوري كان حاضرًا أيضًا، خلال اللقاءات؛ إذا أكد شويغو أن التعاون المشترك مع إيران عزز الأمن في المنطقة وقضى على الجزء الأكبر من الإرهاب في سوريا، وكشف الوزير الروسي أن الموضوع الأبرز في مؤتمر الأمن الدولي بموسكو سيكون عن هذه التجربة. وخلال سنوات الأزمة السورية، استطاعت روسيا وبدعم صيني ملحوظ تقليم مخالب النسر الأمريكي ليس في سوريا فحسب، بل في العديد من مناطق النفوذ الأمريكية، وأفرزت الأزمة دوائر جديدة من التحالفات العالمية والإقليمية القوية، جعلت من واشنطن خاسرًا على المدى البعيد إن لم يكن المتوسط، فيما يتعلق بهيمنتها الأحادية على العالم، فمن الآن وصاعدًا على الولاياتالمتحدة، تقبل التعددية القطبية وبرحابة صدر، وإلا ستدخل في صراع حقيقي مع دولتين عظمتين وهما روسياوالصين. التأكيد على قوة العلاقات بين الجيشين الروسي والصيني، تأتي في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن تصعيد الخطاب مع موسكووبكين، فالحرب الاقتصادية بين الصينوالولاياتالمتحدة على أشدها، حيث ردت الصين بصورة حاسمة على الإجراءات الأمريكية الاقتصادية الأخيرة، وحذّر بيان صادر عن وزارة التجارة، بأن الصين ستتخذ إجراءات مشابهة للقرارات الأمريكية دون تحديدها. وتشمل الإجراءات الأمريكية ضد الصين فرض تعرفة جمركية على أكثر من ألف منتج، بينها ما يتعلق بالطيران وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى جانب الآلات، وتأتي الخطوة بعد أيام من فرض بكين ضرائب على واردات أمريكية بقيمة تصل إلى نحو 3 مليار دولار أمريكي، كما أن قانون "السفر إلى تايوان" الذي أقرته واشنطن 16 مارس الجاري، أثار غضب الصين، وهددت ب"معركة دموية"، في حين حذرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية من عدم أخذ تهديدات الصين على محمل الجد. التوتر الأمريكي الروسي لا يقل عن مستوى الحرب الباردة، ويطغى عليها البعد البرغماتي المتمثل في مصالح كل بلد ودوائر النفوذ الخاصة بهما، فسوريا وشبة جزيرة القرم والعلاقة مع إيران والتقارب الروسي بنكهة التحالف الاستراتيجي مع تركيا، وتطوير موسكو سلاحها، جميعها أمور تضع العلاقة بين موسكووواشنطن على المحك، وقد لا يكون التركيز على التحالف الروسي الصينيالإيراني التركي عبثيًا أو وليد اللحظة، فالتحالف الأمريكي الأوروبي ضد روسيا مازال مستمرًا حتى الآن، صحيح أن ملف القرم سلّط الضوء على التناغم بين الموقف الأوروبي بشكل عام مع القرار الأمريكي، إلا أن هذه المواقف بدأت تتوحد إلى درجة كبيرة برزت في مواقف عديدة منها الملف الكيماوي في الغوطة والموقف من العميل الروسي المزدوج، سيرجي سكريبال، حيث وصف رئيس جهاز المخابرات الخارجية الروسية سيرجي ناريشكين، أمس الأربعاء، أن قضية تسميم العميل بأنها "استفزاز بشع" من جانب بريطانيا والأجهزة الاستخباراتية الأمريكية. ويرى مراقبون أن الرسائل الصينية الروسية لأمريكا يجب أن تقرأها واشنطن بعيانة، فالرسائل جاءت لتدشن مرحلة سياسية جديدة وطويلة، بعدما استطاع الزعيم الروسي الحصول على ولاية رابعة في الحكم تستمر ست سنوات، مقابل حصول الزعيم الصيني على عدد ولايات رئاسية مفتوحة، في ظل تحذيرات عسكرية أمريكية من أن روسياوالصين تعملان "بقوة" على تطوير أسلحة جديدة فائقة السرعة، لا تمتلك الولاياتالمتحدة أنظمة دفاعية في الوقت الراهن للتصدى لها.