يبدو أن عدة تداعيات منتظرة؛ تهدد العلاقات المغربية الأوروبية، بعد قرار المحكمة الأوروبية، القاضي باستثناء مياه الصحراء الغربية من اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وقضت محكمة العدل الأوروبية أول أمس، بأن اتفاق الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب المبرم 2006، لا يشمل المياه المقابلة للصحراء الغربية، وقالت المحكمة، إن الاتفاق يشمل المياه الإقليمية المغربية فقط، ونظرًا لكون إقليم الصحراء الغربية غير تابع للمملكة المغربية، فإن المياه المحاذية للصحراء الغربية غير تابعة لمنطقة الصيد البحري المغربية المستهدفة في الاتفاق. وأضافت المحكمة في بيانها، أن الاتفاق مازال ساريًا، لكنه يشمل المياه المغربية المحددة سلفًا وفق القوانين والمواثيق الدولية، ويصبح لاغيًا قانونيًا في حال تطبيقه على مياه الصحراء الغربية، وأوضحت أن «إدماج أراضي الصحراء في دائرة تطبيق اتفاق الصيد البحري من شأنه أن يخالف العديد من قواعد القانون الدولي العام». وفي محاولة لامتصاص تأثيرات قرار المحكمة، أكدت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، ووزير الشؤون الخارجية المغربية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، في تصريح مشترك "على ضرورة الحفاظ على التعاون الثنائي في مجال الصيد البحري وتعميق التفاوض بخصوص الآليات الضرورية المرتبطة بالشراكة في المجال". وقالت المتحدثة باسم ممثلة الاتحاد الأوروبي للأمن، كاترين راي: "نحن بصدد دراسة الحكم عن كثب كي نحدد بدقة نتائجه، والخطوات التي يجب اتباعها لاحقًا، خاصة التي تهم الفاعلين الاقتصاديين"، وأضافت: "أؤكد أن الاتحاد الأوروبي يتعاون على نحو وثيق مع السلطات المغربية بشأن هذه المسألة، كما هو الحال في السابق، وسنواصل ذلك، نحن حريصون على نقاش كل الوسائل اللازمة مع احترام تام لقرار محكمة العدل المستقلة". من جهته أكد وزير الفلاحة والصيد البحري المغربي، عزيز أخنوش، الثلاثاء الماضي، أن قرار محكمة العدل الأوروبية، الذي صدر بلوكسمبورغ، لم يقبل بطلب المحامي العام لمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في رأيه الاستشاري، الذي دعا فيه الى حظر اتفاق الصيد البحري، مضيفا أن نشاط السفن الأوروبية في المياه المغربية سيستمر إلى نهاية الفترة المنصوص عليها في الاتفاق والمحددة في شهر يوليو المقبل، وفي الوقت نفسه، سيقوم المغرب بالشروع في المفاوضات مع نظرائه الأوروبيين حول الاتفاق الجديد. وحاول أخنوش التقليل من القرار الأوروبي بالقول، إن محكمة العدل الأوروبية "لم تعط أي دور للجبهة البوليساريو في هذه القضية"، ولكن للجبهة رأي أخر، حيث أشاد الوزير المنتدب المكلف بأوروبا، عضو الأمانة الوطنية محمد سيداتي، بقرار محكمة العدل الأوروبية، قائلا "أحيي هذا الحكم الذي صدر، فقد أكد القانون الأوروبي مرة أخرى أنه إلى جانب الشعب الصحراوي". وبحسب الوزير الصحراوي، فإن الحكم الجديد، يعد امتدادا للقرار الأول، الذي أصدرته نفس المحكمة في ديسمبر 2016، ويبين "بوضوح" أن اتفاق الصيد البحري المبرم بين الاتحاد الأوروبي والمغرب غير قابل للتطبيق على الصحراء الغربية. ويعتقد بعض المراقبين المغاربة، أن بلدان الاتحاد الأوروبي خاصة فيما يتعلق بملف الصيد البحري، من مصلحتها أن تسير في اتجاه تسوية العلاقات مع المغرب؛ لأن إسبانيا في الأساس تعد الشريك الأول الذي يستفيد من منتجات الصيد البحري المغربي. وجاء قرار المحكمة الأوروبية رغم وجود شراكة استراتيجية توفر للمغرب وسائل ضغط في علاقته بأوروبا؛ منها التعاون في مجالات مكافحة الهجرة غير النظامية، والجريمة العابرة للقارات، ومحاربة الجماعات التي توصف بالإرهابية، وكخطوة مضادة للقرار الأوروبي، دعا بعض المغاربة، حكومة بلادها في المرحلة الراهنة، إلى البحث عن شركاء جدد، مثل الروس، ودول آسيا؛ للضغط على الاتحاد الأوربي والدفاع على مصالحه. وفي حال بقي الوضع قائما، فإن مشكلة الصحراء الغربية، ستبقى بالنسبة للطرفين المغربي والأوروبي من اختصاص الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيرش، والجهود الذي يبذلها من أجل التوصل إلى حل نهائي للنزاع القائم حولها. ويعد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هورست كوهلر، المسؤول الأممي عن مسار السلام، ويخشى المغرب من تحركاته التي تهدف إلى إشراك شخصيات إفريقية وازنة وتتمتع بالوسطية والاعتدال إزاء الموقف من قضية الصحراء، وتحضيرهم ليكونوا أداة يستعملها للتأثير على الأطراف المتنازعة لأجل تقديم التنازلات قدر المستطاع والقبول بأي حل سياسي يُطرح بما فيها التقسيم، الذي عارضته المغرب بقوة بعدما طرحته الجزائر على الأممالمتحدة، وفي المقابل، عرضت المغرب مقترحَا للحكم الذاتي للصحراء الغربية، على أن يبقى تحت السيادة المغربية. وتمتد الصحراء الغربية على مساحة صحراوية تبلغ 266 ألف كلم مربع مع 1100 كلم، تطل على ساحل المحيط الأطلسي، تقع شمال موريتانيا وغنية بالسمك، وهي المنطقة الوحيدة في إفريقيا التي لم تتم تسوية وضعها بعد الاستعمار، وتسيطر المملكة المغربية على 80% من مساحتها، وجبهة بوليساريو على 20%، ويفصل بينهما جدار ومنطقة عازلة تشرف عليها بعثة الأممالمتحدة.