عانت منطقة أهرامات الجيزة من إهمال شديد وتردي في الخدمات وانتشار القمامة في كل مكان على مدار عقود طويلة، رغم كونها واحدة من أهم المعالم الأثرية في العالم وتحتوي على أحد عجائب الدنيا السبع «الهرم الأكبر»، ما انعكس سلبًا على صورتها في الخارج، وتراجعت أعداد الوفود السياحية التي كانت تأتي لزيارتها من جميع أنحاء العالم. وفي إطار خطة الدولة لاستكمال تطوير المنطقة الأثرية التي اقتربت من عشر سنوات، رفعت الحكومة المخصصات المالية اللازمة لها إلى 500 مليون جنيه، لإعادة بريقها وإحيائها من جديد وسرعة الانتهاء من أعمال التطوير الجارية قبل منتصف العام الجاري. ويأتي مشروع المخطط الاستراتيجي العام لمنطقة أهرامات الجيزة ومخطط تطوير منطقة نزلة السمان، كأحد عناصر مشروع المخطط الاستراتيجي للقاهرة الكبرى، حيث تعتبر منطقة أهرامات الجيزة من أهم المواقع التراثية العالمية المسجلة في منظمة اليونسكو، فضلا عن كونها أحد عجائب الدنيا السبع. وإدراكا لدورها الحيوي في تأهيل القاهرة الكبرى لاستعادة مكانتها وريادتها القديمة، كان لابد من إبراز قيمة المنطقة التراثية وأحياء الأماكن المحيطة بها تاريخيًا بما يسهم في استرجاع البريق الثقافي الحضاري القديم لمنطقة أهرامات الجيزة واستعادة الريادة للقاهرة الجديدة. المنطقة الأثرية متمثلة في هضبة الأهرامات بما عليها من تراث الأسرة الفرعونية الرابعة، بالإضافة إلى المتحف المصري الكبير المجاور للهضبة والذي تم نقل تمثال رمسيس إليه عام 2006، ويتم إعداد المخطط الاستراتيجي للقاهرة الكبرى، بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية (UN- HABITAT) . الرؤية المستقبلية وتعتمد فكرة المخطط على تحويل المنطقة بالحرم الأثري (هضبة أهرامات الجيزة) إلى متحف مفتوح والاتصال بفروع نهر النيل (ترعة المنصورية)، وإقامة منطقة الفنادق شمال منطقة المتحف المصري الكبير وشمال فندق مينا هاوس، مع توطين الخدمات السياحية أسفل هضبة الأهرامات على محور المنصورية في المدخل الجنوبي للمنطقة (أبو الهول) والمدخل الرئيسي (محور خوفو). ويهدف المخطط الاستراتيجي إلى تطوير منطقة أهرامات الجيزة وتحسين المداخل والطرق المؤدية إليها، وتمكين الكشف على معبد الوادي مع أقل قدر من الإزالات في مناطق الإسكان وتكثيف الأنشطة السياحية المستقبلية في المنطقة وإعادة توطين سكان منطقة الكشف الأثري (سن العجوز) في نفس المنطقة (محور المريوطية)، مع استغلال منطقة جولف مينا هاوس كمدخل بصري رئيسي لمنطقة (خوفو بلازا). ويهدف المشروع إلى إقامة مجموعة من الفنادق ذات فئات الأربع والخمس نجوم بشمال وشرق منطقة المتحف المصري الكبير(GEM) بدءًا من الطريق الدائري شمالا حتى ساحة خوفو جنوبًا والربط بين المتحف ومنطقة الدراسة عن طريق مسارات (مشاه/ بوليفار) تربط بين عناصر المشروع المختلفة وربط الحركة بين أجزاء المنطقة عن طريق مسار أتوبيس كهربائي(ECO-BUS) لربط المتحف بمنطقتي الهضبة والدراسة (مدخل أبو الهول)، وصولًا إلى تطوير المدخل الشرقي (ساحة أبو الهول) وربطها بالمحاور الشرقية (امتداد شارع رمسيس). وعبر 12 شباكًا للتذاكر؛ عدد منها مخصص للزائرين المصريين، وعدد آخر للوفود الأجنبية والعربية، صمم مشروع التطوير الجديد لاستقبال معدلات زيارة إلى منطقة الأهرامات بالجيزة، وتبلغ 20 ألف زائر يوميًا، خاصة أن أعداد الزائرين حاليا تتراوح بين 15و22 ألف زائر مصري، و700 إلى 2000 سائح أجنبي. البداية قبل الثورة بدأت أعمال تطوير المنطقة الأثرية في منتصف عام 2008، عندما رصدت وزارة الدولة لشئون الآثار 350 مليون جنيه من أجل إعادة تخطيطها، وكان من المقرر أن ينتهي مشروع التطوير في عام 2013، لكن المشروع توقف لظروف طارئة بسبب أحداث ثورة 25 يناير 2011 والاضطرابات السياسية والأمنية التي تلتها، وارتفعت تكلفة المشروع منذ إعادة العمل فيه عام 2016 إلى 400 مليون جنيه، إلى جانب تكلفته قبل توقفه عام 2009 التي بلغت 151 مليون جنيه. «الخدمة الوطنية» تشرف وتحت إشراف جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، تتعاون جهات حكومية عدّة من أجل استكمال مراحل المشروع، وعلى رأسها، وزارتا السياحة والداخلية، وهيئة التخطيط العمراني، بالإضافة إلى محافظة الجيزة، وتم إسناد الأعمال المطلوبة لتطوير الموقع إلى شركة «كوين»، إحدى شركات جهاز الخدمة الوطنية، وتتضمن هذه الأعمال الانتهاء من تركيب المحولات وتوصيل الكهرباء لإنارة المنطقة الأثرية وتمهيد الظهير الصحراوي الداخلي والخارجي، المتفق عليه مع مديرية أمن الجيزة، وصولًا إلى إنشاء بوابتين حديديتين للتفتيش والتأمين عند منفذ الدواب ومنطقة مقابر أبو عويان، وتم الانتهاء من 90% من المشروع الذي تم على مرحلتين. وانتهت المرحلة الأولى في يونيو 2014، وتم فيها إقامة سور أمني بطول 18 كيلو متر يحيط بالمنطقة الأثرية مزود ب194 كاميرا مراقبة لمنع التعديات الواقعة على حرمها، وتحديد 3 مداخل رئيسية لها؛ الأول من ناحية فندق مينا هاوس، والثاني من ناحية ميدان الرماية، والثالث بجانب تمثال أبو الهول، إلى جانب إنشاء دورات مياه إضافية، وطرق مرصوفة بدلا من الطرق الترابية القديمة وتزويدها بوسائل انتقالات خاصة . وتبدأ المرحلة الثانية هذا العام، وتنتهي قبل منتصفه، وتتضمن تغيير مداخل منطقة الأهرامات، وتخصيص المدخل الحالي لكبار الزوار، وإضافة مدخل جديد وربطه بشبكة الطرق المحيطة، مع إقامة مهبط للطائرات لاستقبال الرؤساء والشخصيات المهمة لزيارة المنطقة ومبنى آخر مقام على مساحة 4 آلاف متر لبناء مركز خاص لاستقبال الزوار والسائحين، ويتضمن مكاتب استعلامات ومنافذ بيع تذاكر الدخول، وقاعات عرض متحفي، وسينمائي تعرض أفلاماً ثلاثية الأبعاد «3D » عن منطقة الأهرامات ومنافذ بيع التذكارات الأثرية، ومكاتب أمنية، وعيادة طبية. وعلى مساحة 1250 مترا من مركز الاستقبال، يتم تخصيص مدخل خاص لطلبة المدارس والانتهاء من مبنى الطلاب لنشر الوعي الأثري، وفي الجوار تم إقامة ساحات خاصة لانتظار السيارات ومبان أخرى للإسعاف والحماية المدنية، وشرطة السياحة والآثار، ومكاتب الأثريين ويتوسط المركز (ماكيت) للمنطقة الأثرية كاملة، إلى جانب عدد من المحلات والبازارات في منطقة «البانوراما» التي تضم أكثر من 60 بازاراً سياحياً. ورش ل1200 خيالة في الجوار وعلى مساحة 18 كيلو متر مربع، تم تخصيص ساحة واسعة لممارسة الرياضة تبعد عن هرم خوفو نحو 3 كيلومترات، سينقل فيها الخيول والجمال وعربات الخيول لمن يرغب في التريض دون الإضرار بالمنطقة الأثرية، مع تخصيص زى موحد للخيالة وبطاقة تعريف (ID)، يتم إصدارها بمعرفة محافظة الجيزة، لتوقيع الجزاءات على المتجاوزين مع عقد ورش تدريبية للخيالة والباعة وأصحاب الجمال، الذين حصلوا على تصريح العمل وعددهم 1200 شخصًا، تحت مسمى «طريقة التعامل مع السائح»، بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة وأجهزة محافظة الجيزة . عروض الصوت والضوء وفيما يتعلق باستراحة الملك فاروق وعروض الصوت والضوء، تم التعاقد مع شركة «أورسكوم بريزم بيراميدز انترناشونال» الفرنسية – الإماراتية لتطوير عروض الصوت والضوء والمسرح الخاص به تحت سفح الأهرامات، وتضمن الاتفاق استخدام أحدث التقنيات والإضاءة ووسائل «المالتي ميديا» في العالم مقابل 50 مليون دولار والتي تنفذها شركة بريزم الدولية في 14 دولة مثل دبي وسلطنة عمان والبحرين وفرنسا وأمريكا والمكسيك وتنظم احتفالات رأس السنة كل عام في برج خليفة بدبي والتي يشاهدها سنويا الملايين. وهناك مفاوضات جارية مع شركات المحمول من أجل تدعيم منطقة سفح الأهرامات بخدمات الإنترنت المجاني، حتي يتمكن الزائرون من التقاط الصور ونشرها علي السوشيال ميديا مباشرة، لتنشيط السياحة في المنطقة الأثرية، كما تدخل استراحة الملك فاروق ضمن المرحلة الثانية للمشروع، ولم يستقر الرأي على كيفية استغلالها، ويتاح للزائرين والسائحين التقاط الصور مع خلفية بانورامية للهرم. سعر التذاكر في 2008 كان سعر تذكرة عروض الصوت والضوء وإقامة الحفلات تحت سفح الهرم ب13.5 دولار، تم رفعها من 150 إلي 200 جنيه للأجانب، و35 جنيها للمصريين، وترتفع الشهر المقبل إلى خمسين جنيها بسبب زيادة مصاريف التشغيل وارتفاع أسعار التكلفة.