موجة الغلاء وارتفاع الأسعار التي تجتاح العديد من الدول العربية والشرق أوسطية، والتي دائما ما تثير الغضب الشعبي طالت السودان في الآونة الأخيرة، حيث شهدت العديد من المدن السودانية في الأيام الماضية مظاهرات احتجاجية؛ بسبب ارتفاع أسعار السلع الضرورية، خاصة الخبز، في أعقاب قرار حكومي يقضي بالتخلي عن استيراد القمح وترك الأمر للقطاع الخاص، الذي بدوره رفع سعر الخبز إلى 200%. ولقي طالب مصرعه، وأصيب ثلاثة آخرون خلال مشاركتهم في مسيرة بمدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، التي خرجت للتنديد بارتفاع أسعار الخبز والسلع الغذائية الضرورية، وهو ما أدى إلي إعلان السلطات المحلية تعليق الدراسة في دارفور لمرحلتي التعليم الأساسي والثانوي من أمس الاثنين وحتى يوم الأحد القادم، وجرت مظاهرات أخرى في منطقة النيل الأزرق، التي تشهد نزاعًا بين الحكومة السودانية والمتمردين. كما شهدت العاصمة الخرطوم مظاهرات احتجاجية أخرى، وقام المتظاهرون بقطع الطرقات وإحراق الإطارات، وخرج طلاب جامعة الخرطوم إلى شوارع العاصمة، وأغلقوا شارع الجامعة، وهو أحد شوارع العاصمة الرئيسية. وتمكنت قوات الشرطة من تفريق المتظاهرين بعد إطلاقها القنابل المسيلة للدموع، وعززت انتشارها على كل المداخل والشوارع المؤدية إلى الجامعة، ولم يعرف إذا كان تفريق المظاهرة أوقع إصابات أم لا. وعبرت الحكومة السودانية عن رفضها السماح بتخريب الممتلكات العامة أثناء التظاهرات، وقال وزير الداخلية، بابكر دقنة، في تصريحات للصحفيين "التعبير بالطرق السلمية مسموح، لكن التخريب ممنوع"، وأضاف "التجمعات والندوات الجماهيرية تحتاج إلي أذن مسبق، وأي تخريب خلال التظاهر غير مسموح به". وقال حزب المؤتمر السوداني المعارض إن الأجهزة الأمنية السودانية اعتقلت عددًا من قيادات الحزب، من بينهم الرئيس عمر الدقير، وجاءت الاعتقالات بعد دعوة الحزب لمناصريه للخروج في مسيرات مناهضة لغلاء الأسعار. وكان البرلمان السوداني أقر منذ أيام الموازنة المالية لعام 2018، والتي أقرت برفع قيمة الدولار الجمركي من 6.9 جنيه سوداني إلى 18 جنيهًا، فضلاً عن رفع أسعار الكهرباء لقطاعات الصناعة والتجارة والزراعة. الأجهزة الأمنية تصادر الصحف قامت الأجهزة الأمنية بالسودان الأحد الماضي بمصادرة النسخ المطبوعة لجريدة أخبار الوطن الناطقة باسم حزب المؤتمر الشعبي المعارض، وجريدة الميدان الناطقة باسم الحزب الشيوعي المعارض أيضًا، وثلاث جرائد مستقلة، وهي التيار، المستقلة، والصيحة؛ لانتقادها قرار الحكومة الأخير وقف واردات القمح. وقالت رئيسة تحرير جريدة أخبار الوطن هنادى الصديق إن الحكومة السودانية لم تقدم أسبابًا لمصادرة نسخ صحيفتهم، ولكنها تعتقد أن السبب وراء المصادرة هو التغطية الشفافة لآثار زيادة أسعار السلع الغذائية، وأكد رؤساء الصحف الأخرى مصادرة نسخ عدد أمس الأول الأحد بالكامل، وتتعرض وسائل الإعلام في السودان لهجمات مستمرة؛ بسبب تقاريرها الصحفية عن الحكومة السودانية، وتحتل أدنى مرتبة في حرية الصحافة على مستوي العالم. وعلى السوشيال ميديا: يا بشير العيشة بجنيه أثار ارتفاع أسعار السلع الأساسية وخصوصًا الخبز موجة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشر فيديو لفتاة صغيرة تشكو الرئيس السوداني عمر البشير، بعد أن أصبح ثمن رغيف العيش جنيهًا، وحمل مغردون على موقع تويتر الحكومة السودانية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في السودان، وشددوا على ضرورة محاربة الفساد، واستغلال ثروات السودان المتنوعة وتوزيعها بشكل عادل على كل فئات المجتمع. وتساءلوا: أين تذهب موارد الاستثمارات الزراعية في أكبر دولة زراعية بالوطن العربي والعالم كله؟ مستشهدين بما كان يطلق على السودان بأنها سلة غذاء العالم، ومطالبين بتسليم زمام الأمور لمن هو أجدر بالقيادة. وعلى الجانب الآخر استنكر مغردون الهجوم الحاد على الحكومة السودانية، واتهموا المعارضة بتهييج الشارع السوداني، وتابعوا بالقول إن موجه ارتفاع الأسعار الأخيرة ليست حكرًا على السودان، فالعديد من دول العالم تعاني منها مؤخرًا.