تتوعد الحكومة مزارعي الأرز بالغرامات المالية، وصولا إلى إزالة المساحات المخالفة، رغم أن المحصول اقتصادي للفلاحين، ولا يوجد بديل عنه، في حين يُسمح بزراعات الموز، أحد أكثر أنواع الفاكهة استهلاكا للمياه، ويزرع في الأراضي الطينية القديمة، وأيضا في المستصلحة حديثا. الموز لا يكتفي بسرقة المياه من المحاصيل، بل يشغل مساحات كبيرة، يمكن زراعتها بمحاصيل استراتيجية أخرى أقل منه في استهلاك المياه، خاصة أننا نعاني عجزا مائيا في الفترة الحالية، ولابد من وضع خريطة لأولوية المحاصيل التي تزرع من حيث احتياجاتها المائية والتوسع فيها. وانتشرت زراعة الموز، حتى احتل المكانة الرابعة من حيث الأهمية الاقتصادية في تجارة الفاكهة بعد الموالح والعنب والمانجو، ويستهلك فدان الموز من 10 إلى 13 ألف متر مكعب سنويًّا، حيث يشكل وزن الماء المكون له نسبة 60%، في حالة الري التقليدي، في حين أن الأرز يحتاج في زراعته إلى 6 آلاف متر مكعب في الموسم، بينما الذرة تستهلك 3 آلاف متر مكعب، ويستهلك القمح 3.5 ألف متر مكعب طوال موسم زراعته. وكان وزير الزراعة أصدر قرارا عام 1980، ينص على عدم زراعة الفاكهة في أراضي الوادي بما فيها الموز، إلا أنه لا يطبق على أرض الواقع، وفي تقرير أصدرته منظمة الأغذية والزراعة، فإن مصر تحتل المركز 19 في إنتاج الموز عالميا بكمية تقدر ب620 ألف طن من 47 دولة، لتسبق في الترتيب دولة زيمبابوي التي تحتل المرتبة الأخيرة بإنتاجية تقدر ب80 ألف طن، في حين أنها تطل على نهر زمبيزي، أحد أكبر الأنهار في قارة إفريقيا، وليس لديها مشاكل في المياه. وقال الدكتور محمد سعيد، الخبير الزراعي، إن غالبية مزارعي الموز في الأراضي القديمة مستأجرون، لا يمتلكون الأراضي، لكنهم متخصصون فقط في زراعة الموز بالصعيد والأراضي المطلة على شاطئ نهر النيل، ما يؤثر على باقي المحاصيل ويحرمها من حصتها اللازمة للمياه، مضيفا: "كما أن زراعته على أراضي مؤجرة، تفتح بابا أمام السوق السوداء للأسمدة، خاصة أن مالك الأرض من يحق له يستلم الحصة المدعمة وليس المستأجر، وبالتالي بيعها بأسعار مضاعفة، ولابد من إلغاء صرف الأسمدة المدعمة للموز، مع استصدار قانون لفرض ضرائب إضافية على مزارعي الموز". وأكد سعيد ل"البديل"، أن الموز مستهلك شره للمياه والسماد على حساب المحاصيل الأخرى، حيث يستنزف من المياه ما يعادل أربعة أضعاف ما يستهلكه القمح، ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل يمتد إلى منعه وصول مياه الري إلى نهايات الترع في الأراضي القديمة، كما يهدد مخزون المياه الجوفية ويستنفزها في الأراضي المستصلحة، في حين يمكننا التركيز على محاصيل أخرى أقل استهلاكا للمياه، ويتراوح استهلاكها ما بين 2000 م3 و3000 م3، وتعد محاصيل اقتصادية تصديرية، مثل الموالح والمانجو والمشمش والخوخ وغيرها، في ظل الظروف الحالية التي نمر بها من محدودية مواردنا المائية.