كتب : أحمد الزهيري : 80% من حصة المياه المحدودة في مصر تستهلكها عدة محاصيل مثل الأرز والذرة والقصب والموز.. هذه حقيقة تؤكدها البيانات الرسمية.. وسبب هذهالكارثة الاعتماد علي اسلوب الري بالغمر. الذي اعتاد عليه الفلاح المصري منذ آلاف السنين.. ومع ذلك فإن الخبراء أعدوا خريطة جديدة لزراعة هذه المحاصيل توفر كميات المياه المهدرة. في البداية يقول الدكتور صلاح محمود مقلد استاذ الزراعة بجامعة عين شمس يجب ان تكتب الآن خريطة جديدة للمحاصيل الزراعية من الخضر والفاكهة تراعي الابعاد المائية التي ستمر بها مصر في الفترة المقبلة وفقا لما جاء في التقرير الذي اصدره مجلس بحوث التنمية بخصوص الزراعات التي تستهلك كميات من المياه في الوادي القديم والدلتا, حيث اوردنا التقرير انه يتم اهدار13% من المياه التي يروي بها القمح و32% من مياه ري الارز والبرسيم بالاضافةالي بعض المحاصيل مثل قصب السكر و الموز والذي يستهلك كميات كبيرة من المياه. واكد التقرير ان35% من حصة مصر من مياه نهرالنيل تذهب جراء الاسراف في زراعة تلك المحاصيل.. وأضاف ان مصر تحتاج الي فلسفة زراعية مختلفة وخطة جديدة في زراعة الفاكهة والخضراوات والمحاصيل الحقلية كالذرة والقمح والبرسيم, فمثلا الارز يستهلك كميات ضخمة من المياه ونحن ننتج منه مايفوق استهلاكنا بمراحل, لكن نجد للاسف وزارة الزراعة تضاعف كل عام المساحة المزروعة من الارز في الوجه البحري والحل هنا هو تقنين زراعة الارز, وترشيد الزراعة بقدر الاستهلاك, ويجب ان تكون هناك ضوابط لهذا الامر وعدم السماح بزراعته الا في اراضي المحافظات الساحلية حيث ان زراعة الارز بها له فائدة في قيام المياه العذبة بطرد المياه المالحة مما يؤدي لعدم زيادة منسوبها وبالتالي فساد الارض.. وكذلك الموز البلدي والذي يسلب نسبة كبيرة من حصة المياه في مصر, فهناك الآلاف من الافدنة المزروعة بالموز في الصحراء وفدان الموز يستهلك عشرة آلاف متر مكعب من المياه وهو ضعف اي محصول اخر وهو مايستلزم التغيير ويمكن بسهولة تقنين زراعته. ويضيف الدكتور مقلد انه لابد من عمل دراسات جدوي اقتصادية للمحاصيل المختلفة من حيث تكلفة استخدامها للمياه بخلاف التكاليف الاخري من الاسمدة وخلافها.. فهذه القضية لم تعد تحتمل التهوين أو التأجيل ويقول الدكتور عبد الهادي العقبي متخصص في الهندسة الوراثية ان نسبة المياه التي تدخل في الهالك نتيجة الري بالغمر والزراعه بالطرق التقليدية حوالي80% من نسبة مصر في المياه والحل هو التخلي عن النظرة التقليدية لشكل المحاصيل القديمة والنظر الي الهندسة الوراثية علي انها الحل العملي والامثل لتوفير المياه, حيث امكن من خلال معامل وزارة الزراعة ومعامل الهيئة من استنباط سلالات جديدة من البذور يمكنها ان تستهلك كميات قليلة جدا من المياه وكذلك تتحمل الجفاف بنسب عالية والمحصول يعطي اضعاف انتاجه من الغلال او الثمار. فباستخدام الهندسة الوراثية مثلا تم نقل الجينات المسئولة عن الجفاف في الشعير الي القمح وتم انتاج فصيل من القمح لايحتاج الي مياه كثيرة في الري, وتم اختبار هذا المحصول في الساحل الشمالي واعطي نتائج رائعة حيث تحمل العطش والجفاف وماتم تطبيقه علي القمح يمكن تعميمه علي الذرة والبرسيم والارز والفول و القصب وباقي المحاصيل التي تستهلك نسبا عالية في الزراعة من المياه, وفي الوقت الحالي هناك مشروعات وتجارب تتم ايضا علي محصول الارز باعتباره من المحاصيل المستهلكة لكميات هائلة من المياه التي نحن في حاجة لتوفيرها وسيلي ذلك الاتجاه نحو زراعة الذرة والشعير بالهندسة الوراثية.وفي حالة نجاح تلك التجارب يمكن تغيير نمط الري من الغمر الي الري بالتنقيط او بالرش مما سوف يوفر في مياه الري حيث أثبتت الدراسات ان ري فدان بمياة الغمر يكفي لري20 فدانا بالرش او التنقيط, فكل مانحتاجه هو تغيير ثقافة الفلاح في طريقة الزراعة وطريقة الري والتعامل مع المحاصيل المعدة جينينا ووراثيا بشكل يحقق الهدف وهو انتاجية عالية بمياة اقل, وهي عملية سهلة وصعبة في نفس الوقت, سهلة في خطوات تنفيذها صعبة في تقبل الفلاح لتغيير نمط زراعة ارضه مما يتطلب من الدولة ووزارة الزراعة ان تجعل من خريطة زراعة تلك المحاصيل من فرض ينفذ عن طريق القانون وتكون له عقوبات رادعة للمخالفين حتي يمكن السيطرة علي المياه وانقاذ الهالك منها. د.أحمد بهي الدين مدير معهدبحوث الهندسة الوراثية يؤكدان الهندسة الوراثية هي السبيل والاسلوب الامثل الذي يضمن توافر المحاصيل الزراعية وبجودة عالية في ظل تداعيات انخفاض كميات المياه خلال السنوات المقبلة قال ان كل دول العالم الآن وفي ظل تفاقم ازمة الغذاء العالمي تتجه الي استخدام الهندسة الوراثية لتلبية احتياجات شعوبها من الغذاء, لذلك من الافضل لنا ان نواكب الخطوات العالمية خاصة اننا في مصر لدينا تجارب ناجحة ومثمرة وقطعنا شوطا كبيرا في هذا الاتجاه. ومن المؤكد ان نكون منتجين ولسنا مستوردين مهما كانت تكاليف تكنولوجيا الانتاج. واشار الي ان معهد بحوث الهندسة الوراثية بالتعاون مع نخبة من الباحثين في معهد بحوث المحاصيل الحقلية والاراضي والمياه بدأ مشروعا لتطوير القمح المصري وتحسين الصفات الاقتصادية المرتبطة بالمحصول مع تحمل نقص المياه خاصة في الاراضي المستصلحة الجديدة ومنطقة الساحل الشمالي, وباستخدام طرق الهندسة الوراثية تم نقل احد الجينات المسئولة عن تحمل الجفاف والمعزول من الشعير الي احد اصناف القمح المزروعة للحصول علي نباتات معدلة وراثيا. ولقد تم اختبار هذه النباتات تحت ظروف الجفاف خلال عدة سنوات وفي اماكن مختلفة بالساحل الشمالي ومحطة الجيزة البحثية, واظهرت النتائج تحمل النباتات المعدلة وراثيا للجفاف مقارنة بالاصول المستنبطة منها, كما تم اجراء بعض اختبارات الامان الحيوي التي اثبتت انها آمنة علي صحة الإنسان والحيوان وعلي البيئة, ويهدف المشروع إلي نقل هذا الجين إلي الاصناف التجارية الشائعة من خلال طرق التربية التقليدية ويليها عملية التقييم مرة أخري. وأوضح انه يتم حاليا بالمزرعة البحثية بقرية علي مبارك بمنطقة البستان بالنوبارية وهي أراض رملية يقيم بها نحو182 تركيبا وراثيا مشتملة علي ستة تركيبات وراثية ومعدلة بأحد الجينات التي تتحمل الجفاف, وباقي التركيبات تشتمل علي اصناف تجارية مستنبطة من البرنامج القومي لبحوث القمح التابع لمعهد بحوث المحاصيل الحقلية ويتم تقييم هذه الأنواع تحت ظروف الري بالتنقيط تحت معدلات مختلفة من المياه تتراوح من150 مم للموسم خاصة بالنسبة لظروف الامطار بالساحل الشمالي والمعدل الثاني250 مم مع الأراضي المستصلحة التي تعاني من مشاكل الري خاصة الأراضي التي تقع في نهاية الترع. اما المعدل الأخير350 مم وهو الري الموصي به لغالبية الأراضي في الوقت نفسه يتم اختيار هذه التركيبات الوراثية تحت ظروف الري السطحي لمقاومتها ايضا لمراض الفطريات خاصة الصدأ الاسود والبرتقالي, قال انه من المشاهدات الأولي تم ملاحظة اختلافات كبيرة في معاملات الري الثلاث واختلاف بين التركيبات الوراثية داخل كل معاملة ري مما يفتح ابواب الأمل للتوصل إلي نتائج جيدة لإمكانه اختيار مجموعة من التركيبات الوراثية التي تلائم ظروف الاجهاد المائي. كما اكد انه يتم بصفة دائمة تقييم هذه التجارب للأنواع المتحملة للجفاف سواء كانت معدلة وراثيا أو غير معدلة, وسيتم اختيار افضل الأنواع تحملا للجفاف بالإضافة إلي صفات ومقاومة الأمراض أيضا خاصة بعد وصولها إلي مرحلة الثبات الوراثي. أوضح ان المحاصيل الجديدة بواسطة استخدام الهندسة الوراثية تستغرق نحو خمس سنوات اما باستخدام لاساليب التربية التقليدية فتستغرق نحو15 عاما. ومن المتوقع ان تكون مصر اول دولة تسوق قمحا معدلا وراثيا في حال انتهاء كل التجارب, خاصة اننا قطعنا شوطا كبيرا وحققنا نتائج مرضية في الوقت الحالي هناك مشروعات وتجارب تتم أيضا علي محصول الأرز باعتباره من المحاصيل المستهلكة لكميات هائلة من المياه التي نحن في حاجة لتوفيرها وسيلي ذلك الاتجاه نحو زراعة الذرة والشعير بالهندسة الوراثية.