تزامنًا مع مرحلة العجز المائي التي تمر بها مصر في الوقت الحالي وارتفاع أصوات الخبراء للمطالبة بالحد من زراعة الأرز، لأنه من أكثر المحاصيل شراهة لاستهلاك المياه، أغفلوا أن هناك محصولاً يحتاج إلى مقننات مائية أكبر لزراعته، وهو محصول الموز الذي انتشرت زراعته في أجود الأراضي المصرية، وعمل على عدم وصول المياه إلى نهايات الترع؛ مما حرم المحاصيل الأخرى من المياه بصورة كبيرة. يستهلك محصول الموز من 10 - 13 ألف متر مكعب سنويًّا، في حين أن الأرز يحتاج في زراعته الى 6 آلاف متر مكعب في الموسم، بينما الذرة تستهلك 3 آلاف متر مكعب، ويستهلك القمح 3.5 ألف متر مكعب طوال موسم زراعته، كما أن المقنن السمادي للموز أكبر بكثير من باقي المحاصيل الاستراتيجية، فهو يستهلك 30 شيكارة من السماد، في حين أن محصولاً كالقمح يستهلك 3.3 شيكارة سماد. يذكر أن توالي الزيادة السكانية سوف يصل بعدد السكان إلى 120 مليون نسمة بحلول عام 2050، بما سيخفض نصيب الفرد من المياه العذبة إلى 400 متر مكعب فقط سنويًّا، والتي لن تكفي احتياجاته الأساسية التي تتطلب ألف متر مكعب؛ ولذا حان الوقت لترشيد المياه في قطاع الزراعة الأكثر استنزافا للمياه في مصر. من جانبه قال الدكتور سعيد محمد أستاذ البساتين بزراعة القاهرة إن الموز مستهلك شره للمياه والسماد على حساب المحاصيل الأخرى، حيث إن استهلاكه من المياه يعادل أربع أضعاف ما يستهلكه القمح، ومثلها للذرة، وهما يعدان من المحاصيل الاستراتيجية، ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل إنه يمنع وصول المياه لنهايات الترع، لافتًا إلى أن زراعة الموز في الصحراء تهدد مخزون المياه الجوفية. وأوضح دكتور البساتين أنه على الرغم من وجود قرار وزاري صدر عام 1980 ينص على عدم زراعة الفاكهة، ويشمل الموز أيضًا، في أراضي الوادي، إلا أنه بعد انخفاض أسعار المحاصيل الاستراتيجية أصبح لمحصول الموز أهمية اقتصادية في السوق المحلية. وأكد الدكتور سعيد أن هناك حتمية لتقنين زراعات الموز؛ حيث إنه يستنزف المخزون الجوفي من المياه، وذلك في الوقت الذي يمكننا التركيز فيه على محاصيل أخرى أقل استهلاكًا للمياه، ويتراوح استهلاكها ما بين 2000 م3 و3000 م3، وهي محاصيل تصدير، مثل الموالح والمانجو والمشمش والخوخ وغيرها، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تمر بها مصر من محدودية مواردها المائية. فيما رفض الدكتور إسماعيل حسنين الخبير الزراعي المقارنة بين الأرز والموز من حيث استهلاك المياه؛ لاختلاف أماكن زراعتهما، موضحًا أن الموز يزرع في الأراضي الصحراوية بالري بالتنقيط، ورغم أن هذا يجعله يستخدم مياهًا أكبر من محاصيل أخرى، مثل الموالح، إلا أنه بالنسبة للأرز فإنه يتم ريُّه بالغمر، وهذا يستهلك مياهًا أكبر، شددًا على أنه يجب تقنين استهلاك المياه، وذلك باستخدام التقنيات الحديثة للري، واحتساب المقننات المائية لكل محصول؛ للوقوف على الأحتياجات الفعلية لها دون الإسراف في استخدام المياه.