يعقد إقليم كردستان العراق استفتاءً حول انفصاله اليوم، في ظل رفض الحكومة المركزية ببغداد والمجتمع الدولي لعقد هذا الاستفتاء، فضلا عن أنه طالبت الولاياتالمتحدة حكومة الإقليم بتأجيل التصويت، كما قدم القادة الغربيين في الأسبوع الماضي، مقترحات بديلة للاستفتاء، من بينها تأجيله والدخول في مفاوضات مع بغداد، ولكن أربيل رفضت هذا الاقتراح، وقررت الاستمرار في التجهيز للاستفتاء. انقسام في صفوف الأكراد ينقسم الأكراد أنفسهم حول دعم الاستفتاء داخل إقليم كردستان العراق، مما خلق شروخا عميقة في الصف الكردي، حيث أن الداعم الرئيسي لهذا الاستفتاء هو مسعود بارازاني رئيس الإقليم وحزبه كردستان الديمقراطي، الذي يحظى بدعم كبير في مدينتي أربيل ودهوك، أما في مدينة السلمانية يعارض الأكراد الانفصال عن العراق، بينما ينقسم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني حيال الاستفتاء فجزء يؤيده وآخر يرفضه. رهانات مرتفعة أعلنت الحكومة عن موعد الاستفتاء في شهر يونيو الماضي، في ظل عدم وجود آلية قانونية أو ملزمة لإقامة دولة مستقلة، حيث لن تتغير الحدود أو السيادة في اليوم التالي من الانفصال، لكن الهدف من الاستفتاء حسابات داخلية ودولية أخرى، رغم أنه على المستوى الدولي يعد هذا الانفصال ذو مخاطر عالية على مستقبل العراق. إن معظم ردود الفعل هذه لا تتماشى مع الهدف المنشود من الاستفتاء، والضغط من كافة الجوانب على كردستان يؤكد أن الاستفتاء ليس بقصد إعلان الدولة، فقد حذرت إيران أنها قد تغير علاقتها الأمنية مع إقليم كردستان، وكذلك تركيا، وطالبت الولاياتالمتحدة بتأجيل الاستفتاء. كما اتخذ البرلمان العراقي عدة خطوات في الأسبوع الماضي ليعلن عدم دستورية الاستفتاء، وتحركت الحكومة المركزية العراقية نحو محافظة كركوك، وقد أمر القضاء العراقي بتعليق الاستفتاء. واشنطن.. وسيط فاشل أدى موقف الولاياتالمتحدة خلال هذه الأزمة إلى تدهور علاقتها مع أربيل، مما أدى إلى تراجع دورها كوسيط موثوق به، ولكن العلاقة بين الحكومتين آخذة في التراجع منذ سنوات، حيث أن الأكراد كانوا حذرين تجاه أولويات واشنطن في المنطقة، ومع ذلك اعتمدوا عليها كوسيط للعمل بين أربيل وبغداد، مما ساعد على ردع الاشتباكات العنقيفة بين الجانبين في الماضي، ولكن الدبلوماسية الأمريكية تفشل الآن في تهدئة التوترات حول الاستفتاء. ولا يتوقع أحد رد فعل القادة الأكراد تجاه السياسة الأمريكية غير المتوقعة، رغم الدعم الأمريكي لقوات الأكراد، خاصة وأنها تحارب تنظيم داعش الإرهابي وتحقق الانتصارات، ولكن هذا الدعم كان غير مشروط بدعم الطموحات الكردية للاستقلال، فهو فقط لهزيمة داعش، وقد تتراجع واشنطن عن هذا الدعم بسبب الموقف السياسي الخطير لبارازاني تجاه الانفصال. تصاعد العنف تظهر التهديدات العسكرية في مدينة كركوك الغنية بالنفط، وهي المدينة التي تقع تحت سيطرة الأكراد منذ عام 2014، حيث أن تحذيرات بغداد وطهران للأكراد بشأن المدينة تزيد من خطر وقوع اشتباكات عنيفة، خاصة وأنه حذر العبادي في نهاية الأسبوع الماضي من أن الجيش العراقي مستعد للتدخل ردا على أي أعمال عنف تتعلق بالاستفتاء، وفي الوقت نفسه تعهد بارازاني بالدفاع عن كركوك. هذا التصعيد البلاغي السريع مثال صارخ على ما قد يحدث، حيث التهديدات من الطرفين، وإصرار الأكراد على تحقيق تطلعاتهم، وسط عدم اليقين الخاص بالنتائج والتوترات المحتملة بعد التصويت، خاصة وأن جميع الأطراف تُفسر الاستفتاء وفقا لتوقعاتها. المقال من المصدر