الحق قدم| مرتبات تبدأ من 13 ألف جنيه.. التخصصات المطلوبة ل 1000 وظيفة بالضبعة النووية    محمد متولي: موقف الزمالك سليم في أزمة بنتايج وليس من حقه فسخ العقد    الوطنية للانتخابات: نتائج ال19 دائرة الملغاة وجولة الإعادة في إطسا الخميس المقبل    بدعم من البنوك و"أوكيو"، بورصة مسقط تحقق ثاني أعلى تداول سنوي في نوفمبر    محافظ الإسماعيلية يتابع استعدادات تشغيل مركز ISMAILIA OUTLET    بعد ارتفاع حدة التوترات مع واشنطن، 5600 جندي ينضمون للخدمة بالجيش الفنزويلي    بي إس جي ضد رين.. سان جيرمان يتقدم بثنائية في الشوط الأول    سلوت يتحدث عن عدم مشاركة محمد صلاح أمام ليدز    والدة السباح يوسف تكشف تفاصيل صادمة عن وفاته: ابني مات مقتولًا    انتشار فرق سحب المياه في عدة مناطق .. طوارئ في البحر الأحمر بسبب الأمطار    التحفظ على 5 مركبات تلقي المخلفات في الشوارع بكرداسة (صور)    المتسابق علي محمد يبهر جمهور "دولة التلاوة" بآيات من سورة النساء (فيديو)    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ يتفقد مستشفى دسوق العام    تقارير تكشف علاقة سارة نتنياهو باختيار رئيس الموساد الجديد.. اعرف التفاصيل    الجامعة اليابانية تبرز زيارة "أخبار اليوم".. شراكة لنموذج تعليمي فريد    أصالة تحسم جدل انفصالها عن فائق حسن : «الناس صارت قاسية»    النائب أمين مسعود: ضرورة وجود استراتيجية واضحة للصناعة    روسيا: 1.6 تريليون يورو خسائر الاتحاد الأوروبى بسبب العقوبات على موسكو    بعد 4 أشهر من الزفاف.. زوج ينهي حياة زوجته بالمنوفية    شيكابالا يطالب مجلس الزمالك بالرحيل بعد أسوأ فترات النادي    عمومية المحامين توافق على زيادة المعاشات وعزل مراقب الحسابات (فيديو)    أول ظهور فني لزوجة مصطفى قمر في كليب "مش هاشوفك"    محمد كريم على السجادة الحمراء لفيلم جوليت بينوش In-I in Motion بمهرجان البحر الأحمر    جولة إعلامية موسعة لوزير السياحة بالولايات المتحدة لتعزيز مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية    طالب يُنهي حياته شنقًا داخل منزل أسرته في قنا    تعليق مفاجئ من حمزة العيلي على الانتقادات الموجهة للنجوم    «هيئة الكتاب» تدعم قصر ثقافة العريش بألف نسخة متنوعة    قطر وسوريا تبحثان تعزيز التعاون التجاري والصناعي    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    جامعة كفر الشيخ تنظم مسابقتي «المراسل التلفزيوني» و«الأفلام القصيرة» لنشر ثقافة الكلمة المسؤولة    قرار قضائي ضد مساعدة هالة صدقي في اتهامات بالتهديد والابتزاز    أسلوب حياة    بايرن ميونخ يكتسح شتوتجارت بخماسية.. وجولة مثيرة في الدوري الألماني    تقرير عن ندوة اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام حول وثيقة نوسترا إيتاتي    جيش الاحتلال الإسرائيلي يصيب فلسطينيين اثنين بالرصاص شمال القدس    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 9 مسلحين في عمليتين استخباراتيتين بولاية خيبر باختونخوا    سكرتير عام الجيزة يتابع جهود رفع الإشغالات وكفاءة النظاقة من داخل مركز السيطرة    محافظ الأقصر والسفيرة الأمريكية يفتتحان «الركن الأمريكي» بمكتبة مصر العامة    الإعدام لمتهم والمؤبد ل2 آخرين بقضية جبهة النصرة الثانية    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    نظام «ACI».. آلية متطورة تُسهل التجارة ولا تُطبق على الطرود البريدية أقل من 50 كجم    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة ريال بيتيس في الليجا    اسعار المكرونه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى أسواق ومحال المنيا    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    الجزائر تواجه تحديًا جديدًا في كأس العرب 2025.. مواجهة قوية للسيطرة على صدارة المجموعة    مواجهة اليوم.. الكويت والأردن فى صراع النقاط الثلاث بكأس العرب 2025    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة في فكر "الجابري"
نشر في البديل يوم 20 - 08 - 2017

ينطلق الدكتور الجابري في رؤيته لقضية المرأة من موقف يتأسس على منهج ابن رشد في المساواة بين الرجل والمرأة، وإن كان له عليه بعض الملاحظات الجديرة بالبحث.. ففي كتابه "المثقفون في الحضارة العربية" يشير الجابري إلا أن طرح ابن رشد في تلك المسالة لم يكن صادرا عنه بل هو في الأصل فكرة أفلاطونية سايرها ابن رشد مع بيان موقف الشريعة منها، ومن المعروف أن ابن رشد كان دائم التدخل برأيه أثناء الشرح، ولم يكتف أبدا بمجاراة النص الأصلي فيما يذهب إليه؛ لذلك اعتبرت شروحه لأرسطو وغيره إضافة متميزة ارتقت إلى درجة الإبداع، وأوجدت بتفردها نصا موازيا فاق النص الأصلي في غير موضع.
لكن الجابري يعود ليعيد الاعتبار لابن رشد في مقدمة كتاب مختصر تاريخ السياسة عندما يشير لتدخل ابن رشد بالرأي في المسألة التي طرحها أفلاطون، وهي هل يوجب مبدأ المشاركة بين الرجل والمرأة قيامها بأعباء إضافية كالدفاع والحراسة والرئاسة، أم من الممكن أن تكتفي بوظيفة الإنجاب وتدبير أمور البيت؟
رأى الجابري أن ابن رشد في معرض تدخله قد كون رؤية مستقلة تماما عن أفلاطون بشأن المرأة، وتتلخص تلك الرؤية في الإقرار بوحدة الطبيعة بين النساء والرجال، كذلك في تساوي كلاهما في القدرة على ممارسة التفلسف والولاية وخوض المعارك! مع الإشارة إلى وجود اختلاف في أدائهما لبعض الأنشطة، ثم يأتي ابن رشد على ذكر بعض الشرائع التي تستبعد المرأة من تولي شئون الحكم، ثم تختتم الرؤية بالحديث عن وضعية النساء في المجتمع العربي وفي الأندلس بشكل خاص.. ومن خلال تلك الرؤية يعرج ابن رشد على بعض مشكلات مجتمعه كمشكلة الفقر، فيذكر في استعراضه للأسباب المؤدية إليه منع المرأة من العمل، بما يعد خصما من قوة العمل وإضافة إلى حجم الكتلة المعيلة في المجتمع مما يكون من شأنه مفاقمة مشكلة الفقر.
لا يلتفت ابن رشد كثيرا -على خلاف ما ذكر الجابري- إلى تبيان موقف الشريعة من بعض ما ذهب إليه أفلاطون في الجمهورية، خاصة فيما يتعلق بولاية المرأة، وإن كان قد ألمح إلى أن الإسلام قد استثنى النساء من الإمامة الكبرى، وهو في ذلك يفضل أن يكون طرحه متماسا في المقام الأول مع مشكلات مجتمعه، وما يعيشه الناس من تأزمات؛ فيعمد إلى القول الفلسفي الذي يمكنه من نقد الواقع، وكشف تناقضاته.. وهو في أحيان كثيرة لا يرى ضرورة استدعاء النصوص الدينية حيث أن إقحامها لا يتجاوز حدود التكلف؛ لكنه يعود فيرى ضرورة اللجوء إلى النص مع القدرة على تأويله في مواجهة من يشهرون سيف التفسير الأوحد في وجهه، وقد كان ابن رشد متمكنا من التوفيق بين الحكمة والشريعة، مؤكدا على أن أي تعارض بينهما هو محض توهم، ومن قبيل العجز عن التأويل.
وربما كان بعض ما تقدم هو ما أسس الجابري عليه رؤيته في قضية المرأة التي رأى أن الفقه الإسلامي يتسع لاحتوائها، وتقديم الحلول لأعقد مشكلاتها.. حتى أنه تهكم على القانون الذي أصدرته المغرب، وعرف بمدونة الأسرة قائلا: إن أي فقيه يعرف الفقه كان يمكن له بمفرده ومعه كتبه، وبمعزل عن أي صراع أو خلفيات أن يأتي بتلك النتائج دون أن تخرج عن المجال الديني ولا عن كلام الفقهاء. فالمشكل -كما يقول الجابري- لم يكن مشكلا اجتهاديا فقهيا؛ بل هو تسييس المشكل!!
رأى الجابري أن الإسلام قد أقر مبدأ المساوة بين الرجل والمرأة في الحقوق العامة والخاصة، كما أن أحكامه قد تناسبت وحال المجتمعات العربية زمن نزول القرآن الكريم، حيث كان النظام القبلي متحكما في كل شيء، فلم تكن علاقة الزواج ينظر إليها كارتباط بين رجل وامرأة بل مصاهرة بين قبيلتين تسعى كل منها للمحافظة على ثروتها بعدم توفر أسباب انتقالها للقبيلة الأخرى، لذلك كان العرب لا يورثون النساء والضعفاء في المطلق، وكان مبدأهم أن الميراث لمن حمل السيف، ونكأ الأعداء، وأعتلى صهوات الخيل.. وعندما أقر الإسلام مبدأ توريث المرأة جعلها مفضلة على الرجل في ست حالات بينما يفضلها الرجل في أربع حالات فقط، ويتساوى كلاهما في سبع حلالات.. وقد كانت قضية الميراث في المجتمع العربي من أكثر القضايا حساسية لما كان يسود المجتمع من أعراف تورث الغرباء في بعض الأحيان ، وتمنع ذوي الأرحام.. كما رأى الجابري أن الإسلام قد تعامل مع الطلاق وتعدد الزوجات، بما يشبه إقرار الواقع مع العمل على ترشيده، وضبطه وفق شروط تقترب من المنع أكثر من الإطلاق، لذا فقد اشترط في تعدد الزوجات العدل: " فإن خفْتُم ألا تعدلوا فواحدة" وفي آية أخرى: " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصْتُم".. كما حرص على يكون الطلاق في حالات محددة تستحيل فيها الحياة بين الأزواج، مع حفظ الحقوق المادية والمعنوية للمرأة والأبناْء.
لقد انطلق الدكتور الجابري في رؤيته لقضايا المرأة من أرضية عربية إسلامية؛ مؤكدا على احترام تعاليم الدين الحنيف للمرأة ، مع الوضع في الاعتبار أن النظرة المتدنية للمرأة التي سادت في كثير من المجتمعات الإسلامية لفترات طويلة إنما هي نتاج لتأثير الثقافات المحلية التي تسيطر عليها فكرة التفوق الذكوري، كما رأى أن النظر الممحص للتراث كفيل بكشف فعل الأهواء في كثير من مشكلاتنا الراهنة، لافتا إلى أن طريقة تعاطينا مع التراث قد حولنا إلى كائنات تراثية ، والأصل أننا كائنات لها تراث تتفاعل معه بما يتيح لها انتاج رؤى ناجعة لمشكلاتها المعاصرة، لأن الحداثة العربية يجب أن تنبع من التراث لا من الحداثة الغربية وفق شروط المواءمة المنهجية بعيدا عن التلفيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.