كتب: وسام حسين – جمال عبد المجيد – أحمد الأنصاري – محمد زهران سيد عبداللاه – محمد ربيع – بسمات السعيد – محمود دوير مخاوف مستمرة، وكوارث كبيرة، سببها انهيارات وتصدعات مئات المنازل والأبراج السكنية، بمختلف أنحاء الجمهورية، والمتهم "مياه الصرف الصحي"، والإهمال في كثير من الشبكات بعدد من المناطق والقرى، وتهالكها وانفجارها من حين لآخر، ما يتسبب في نهاية الأمر إلى وفاة وتشريد الكثير من المواطنين، بينما يهرب الآخرون إلى مناطق بديلة خوفًا من الموت في أي لحظة. الحوادث المتكررة التي شهدتها مختلف المحافظات في السنوات القليلة الماضية، كشفت عن تصاعد الأزمة بشكل كبير، وفي ظل وعود الحكومة المتكررة بتحسين شبكات الصرف وتوصيلها للقرى والنجوع، والإعلان من حين لآخر عن ورود معونات بمئات الملايين من الاتحاد الأوروبي لإنشاء شبكات الصرف، دون تقدم على أرض الواقع، بينما تخصص أموال المعونات لمشروعات أخرى غير المتفق عليها. من جانبها، ترصد "البديل" أبرز الوقائع والمناطق التي عانت من حوادث انهيار المنازل، وتصدعها بسبب مياه الصرف الصحي، وعلى رأسها منازل قرية البطراوي الواقعة بالقطاع الريفي بحي الجناين بالسويس، حيث حالة من الإهمال لأكثر من 5 سنوات بعدما غمرتها مياه الصرف الصحي، وتسببت في تصدع الكثير من المنازل، بل وصل الأمر إلى تهديد حرمة الأموات، حيث غمرت المياه مقابر القرية أيضًا. وقال علي عبدالله، أحد أبناء القرية، إن مياه الصرف غمرت المقابر المجاورة للمنازل، وتسببت في انهيار العديد منها، خاصة المبني بالحجر الجيري، بينما أوشكت باقي المقابر والمنازل على الانهيار بسبب تآكل أساساتها وتصدع الكثير منها وحدوث ميل بها، دون استجابة من المحافظ أو رئيس الحي، اللذين رفضا مقابلتهم، بحسب تأكيده، موضحا أن الكثير من الأهالي لم يجدوا أماكن لدفن موتاهم بسبب انهيار مقابرهم، مضيفا أن الوحدات المحلية لم ترسل سيارات لكسح المياه، حتى استأجروا مضخة لتفريغ المياه، وأحاطوا المدفن بالأسمنت والأكياس البلاستيك، لكن دون جدوى. وبالنسبة لمحافظة الإسكندرية، يوجد عدة مناطق هجرها قاطنوها أو يجلسون في منازلهم ينتظرون الموت، إثر تصدعها بسبب مياه الصرف الصحى، حيث شهدت منطقة الرأس السوداء والفلكي العام الماضي، سقوط عقاريين وتشريد 11 أسرة بسبب تراكم مياه الصرف الصحي أسفلهما لسنوات عديدة وعدم إرسال شركة الصرف الصحي سيارات الشفط بصفة دورية، كما شهدت ميل 23 عقارا آخر، ما دفع سكان المنطقة إلى هجر منازلهم واستئجار شقق سكنية أخرى خوفا على حياتهم. ومعاناة أخرى يواجهها ما يقرب من عشرة آلاف نسمة يعيشون في مساكن توشكى الشعبية غرب الإسكندرية، إذ بنيت تلك المساكن في عهدي الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر، وأنور السادات، ضمن مشروع قومي لمساكن شعبية كثيرة بنيت فى وقتها، وأيضا خصصت جزءا منها كمساكن إيواء ضمن من انهارت منازلهم، واليوم، ومع مرور الأيام تلفت شبكة الصرف الصحي نهائيًا، وأصيبت المنازل حاليا بالتصدع وواجه بعضها الانهيار، ولم يلتفت إليهم محافظ الإسكندرية لإدراج "توشكى" ضمن خطة تطوير الصرف الصحي بها. أما منطقة "مرغم" غرب الإسكندرية، لا يوجد بها شبكة صرف صحي نهائيًا، ومنذ عشرات السنين يستخدم الأهالى ما يسمى "الطرنشات" أو "البيارات" ولا ترسل إليهم المحافظة أي سيارات لشفط مياه الصرف، ما جعل كل المنازل عبارة عن بنايات متمايلة يمينا ويسارا بسبب المياه المتراكمة أسفلها، ورغم حصول المحافظة على منحة ألمانية قدرها 700 مليون يورو عام 2005 لإقامة شبكة صرف صحى، إلا أنها لم تنشأ حتى اليوم. وشهدت مدينة المحلة الكبري بمحافظة الغربية، العديد من وقائع انهيار العقارات بمناطق متعددة، منها منطقة الوراقة، التي انهار بها عقار سكني مكون من 3 طوابق بعد انفجار ماسورة صرف صحي أسفله بشكل مفاجئ، ما أدى إلى انخفاض الطابق الأرضي عن مستوى الشارع بمقدار مترين، وتمت الاستعانة بمعدات للحفر وشفط المياه المتسربة أسفل المساكن والعقارات المجاورة للعقار المنهار، الذى تم إخلاء جميع قاطنيه. كما شهدت منطقة سوق اللبن بحي أول المحلة انهيار منزل مكون من ثلاثة طوابق بسبب تصدعات وشروخ في جدرانه إثر تعرضه ومنزلين آخرين بنفس المنطقة لانهيار أرضي بسبب الصرف الصحي، بينما انهارت أجزاء من أحد العقارات في مدينة كفر الزيات بشارع محمد بدر دون وقوع إصابات، وتكررت المشكلة نفسها في مدينة زفتي بانهيار عقار مكون من 4 طوابق، تبين أنه غير مأهول بالسكان؛ بسبب تسرب مياه الصرف الصحي أسفله، الأمر الذي أدى إلى تصدع 4 منازل مجاورة. وفي مدينة طنطا، شهدت منطقة شارع طه الحكيم انهيار منزل سكني مكون من 3 طوابق بشكل مفاجئ، لذات السبب، ما أدى إلى سقوط أجزاء من الطوابق العليا، ولم ينتج أي ضحايا أو مصابين. وفي صعيد مصر، تواجه محافظة الفيوم أزمات متعاقبة كمنخفض عائم على مياه الصرف الصحي، الذي يتسبب في العديد من الأزمات وانهيار العقارات وتصدعها، كان آخرها أمس الثلاثاء، حيث وقع هبوط أرضي بشارع البحاري شرق مدينة الفيوم على عمق مترين وقطره 4 أمتار، ما تسبب في تصدعات وشروخ بخمس منازل محيطة، وأغلق مهندسو شبكة مياه الشرب خطوط الصرف الصحي المتآكلة التي أدت إلى الهبوط. فيما شهدت مدينة الفيوم خلال العام الماضي، انهيارا جزئيا بعقار قديم في منطقة النافع، وأرجع مختصون أسباب الانهيار إلى تآكل البنية الأساسية للمنزل بفعل مياه الصرف الصحي، ولم يكن العقار الوحيد الذي ينهار لذات السبب؛ فوقع أيضا، هبوط أرضي لمنزل مكون من 4 طوابق على مساحة 110 أمتار بحي علواية سعادة، حيث بني بنظام الحوائط الحاملة، وتعرض لهبوط تحت مستوى السطح قرابة متر، ونُسبت المشكلة وقتها إلى الصرف الصحي. وتستمر سلسلة الانهيارات والهبوط متعاقبة لتنال من ميدان السد العالي بوسط مدينة الفيوم أحد أكبر ميادين المحافظة وأهمها في هبوط أرضي نجم عن انفجار خط صرف صحي، أسفر عن حفرة قطرها خمسة أمتار، تسببت في تصدعات وتشققات بالطريق لمسافة تجاوزت ال20 مترا، في الوقت الذي أكد فيه روبي رمضان، مدير عام شبكة الصرف الصحي بالفيوم، أن الشبكة بالمحافظة متهالكة، ولم تجدد منذ ثمانينات القرن الماضي، وما يفعلوه الآن أشبه بالمسكنات، ولابد من رصد ميزانية لتجديد الشبكة من الموازنة العامة، خاصة مع التطور المعماري وانتشار ظاهرة الأبراج الضخمة. وفي سوهاج، تسبب سوء تصميم وتنفيذ آبار الصرف الصحي الموجودة منذ عشرات السنين بقرية سفلاق التابعة لمركز ساقلته، في انهيار منزل مشيد بالأعمدة الخرسانية والأسمنت والأساسات مكون من ثلاثة طوابق، بشارع الأزهر، منذ أيام، ما أسفر عن مصرع 5 أشخاص بينهم طفل رضيع، وإصابة 14 شخصاً آخرين، جميعهم من أسرة واحدة. وأوضح أهالي شارع الأزهر أن منسوب الشارع يقل نسبياً في الاتجاه الغربي، ما يجعله عرضة للغرق بمياه الصرف الصحي بصفة مستمرة، خاصة مع تكرار انسداد غُرف أو مواسير الصرف الصحي، واستغاث الأهالي هناك لحل مشكلة سوء تصميم وتنفيذ آبار الصرف الصحي التي أنشئت في أواخر التسعينات تقريباً، لمنع تكرار نفس المشكلة خاصة مع ارتفاع منسوب المياه الجوفية بالقرية، ورغم مخاطبتهم لنواب البرلمان وجميع المسؤولين لحل الأزمة وحماية المنازل من الانهيار، لكن دون جدوى. وفي محافظة المنيا، تحول عشرات المنازل ب3 قرى تضم مئات المواطنين، إلى هياكل خاوية، بعدما هجرها الأهالي بسبب تساقط أجزاء منها، وتآكل جدرانها بسبب مياه الصرف الصحي، وارتفاع منسوبها، بالإضافة إلى اتحادها مع المياه الجوفية، الأمر الذي حولها إلى ما يشبه "منازل من ورق". قرية الشيخ فضل التابعة لمركز بني مزار، تعاني منذ عدة سنوات من أزمة مياه الصرف الصحي، التي ظهرت بقوة خلال العامين الماضيين، وتسببت في تصدع أكثر من 20 منزلا، وتهجير العشرات بسبب تآكل أساسات المنازل، وتبين حينها أن القرية أصبحت تعوم فوق بركة كبيرة من مياه الصرف والمياه الجوفية، ما دفع الأهالي إلى كسر مواسير المياه المخصصة للري وتوصيل وصلات لتصريف مياه الصرف بها، ومن ثم الصرف في نهر النيل مباشرة. ولم يختلف الحال كثيرا في قريتي نزلة أسمنت بمركز أبو قرقاص، وميانة بمركز مغاغة؛ إذ أكد العديد من الأهالي أنهم أزالوا بيوتهم حديثة الإنشاء التي لم يمر على بنائها أكثر من 10 أعوام، وتكبيدهم خسائر مالية كبيرة، بعدما تآكلت بسبب مياه الصرف الصحي العائمة بالشوارع دون انقطاع على مدار العام، مستنكرين تجاهل المسؤولين للأزمة رغم أنها تهدد حياة أكثر من 35 ألف مواطن، مطالبين بالكشف عن الأموال التي خصصت من قبل الاتحاد الأوروبي منذ عامين وقدرت بأكثر من 70 مليون يورو لتطوير شبكات الصرف الصحي وإدخال الخطوط إلى القرى كافة دون استثناء بواقع 140 مليون جنيه سنويًا، إلا أن الأهالي لم يروا أي تغييرات جديدة. كما شهدت مدينة أبو المطامير بمحافظة البحيرة تصدع وميل ثلاث منازل، نتيجة تهالك شبكة المياه داخل القرية وكسر ماسورة مياه بالقرية تابعة لشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالبحيرة، وتم بتشكيل لجنة هندسية من الإدارة الهندسية، لبحث مدى الأضرار التي لحقت بالثلاثة منازل المتضررة من جراء تهالك شبكة مياه داخل القرية وانفجار الخط الرئيسي. وفي قرية "سرنباي" بمركز المحمودية، تصدع 5 منازل أخرى؛ بسبب غرقها في مياه الصرف الصحي، وقال أصحاب المنازل المتضررة، إنهم تقدموا بعشرات الشكاوى إلى مسؤولي شركة مياه الشرب والصرف الصحي لإنقاذهم من الكارثة، دون استجابة. وقال المهندس شحاتة عبدالله، استشاري الهندسة المدنية والإنشاءات بأسيوط، إن مياه الصرف الصحي تسبب خطرا كبيرا على أساسات المباني، وتقلل من صلابتها، حيث من المفترض عمل شبكات الصرف الصحي للمباني على بعد لا يقل عن 3 أمتار عن الأساسات حتى يتم معالجة أي تسريب لمياه الصرف، خاصة أن تلك المياه تتسبب في تآكل الخرسانة الأسمنتية والحديد نتيجة مواد الكبريتات والكلوريدات، بل وتعمل على صدأ الحديد، ما يتسبب في حدوث فواصل خرسانية نتيجة لعدم وجود مقاومة، الأمر الذي يؤدي إلى انهيار المباني في حالة عدم معالجتها. وأضاف عبدالله ل"البديل" أن عملية معالجة تسريب مياه الصرف الصحي تتم عن طريق تنظيف التآكلات الخرسانية، ودهانها بطبقات عازلة وفي حالة المباني الحديثة، يتم دهان سطح الخرسانة بمادة عازلة من ألياف البلستر منعًا للرطوبة، وكذلك معالجة الأرضيات بألياف سمكها أربعة أمتار وتكون طبقة واحدة ويعتبر أسلوب المعالجة عالي التكلفة، مشيرًا إلى أن المياه الجوفية لا تقل خطورة عن تسريب مياه الصرف الصحي التى يمكن معالجتها عن طريق آبار مساعدة ومضخات رفع وشفط المياه، وفي حالة سحب المياه في وجود مباني محيطة، قد يؤثر ذلك بالسلب عليها، ويكون الحل عمل خوازيق استنادية بقطر 40سم وبعمق لايقل عن 10 أمتار، لتأمين المباني من الانهيار.