يعد إقليم كيبرا في قلب العاصمة الكينية نيروبي من أفقر مناطق البلاد، حيث يعمل الرجال في أشغال غير قانونية، ويلعب الأطفال بالكرات الممزقة، وسط ذلك، يوجد مجموعة من سكان المدينة يناقشون قضية الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية التي ستجرى اليوم الثلاثاء، في بلد تعد فيه السياسة جزءا من الممارسات الوطنية وهوسا قاتلا. يوجد الكثير لمناقشته في الانتخابات، خاصة بعد الأحداث الأخيرة، حيث عثر على جثة رجل مقتول في كيبرا، وتبين أنها للمسؤول عن التنظيم التكنولوجي للجنة الانتخابية، وظهرت آثار التعذيب على جسده، واتهمت المعارضة الحزب الحاكم بالتآمر واستخدام الجيش للسيطرة على الانتخابات، حيث شهدت البلاد معركة صغيرة استمرت 18 ساعة، حيث تعتبر الديمقراطية في نيروبي حربا وتستخدم فيها العديد من الوسائل. الانتخابات الكينية تعد من أهم الإجراءات في إفريقيا، رغم عدم المساواة السياسية التي تشهدها البلاد، لكنها تعتبر قصة نجاح إفريقية، ولديها اقتصاد متنوع وتحسن من بنيتها التحتية بشكل واضح، وأحد الجهات المستقطبة للأعمال والاستثمارات، يوجد بها الشركات متعددة الجنسيات، من بينها جنرال إليكترك، وجوجل، وباير. يوجد المركز الإقليمي في العاصمة نيروبي، حيث المدنية والحداثية المتمثلة في المباني والسيارات والطرق السريعة، وتستثمر الصين في تطوير البنية التحتية الكينية من خلال بناء خطوط سكك حديد بقيمة 4 مليارات دولار، أحدهما يربط العاصمة بمدينة بمومباسا الساحلية، كما أنها الدولة الرائدة في مجال نقل الأموال عبر الهاتف المحمول، وهي الفكرة التي تجتاح إفريقيا. كينيا حليف عسكري يثق به الغرب، نظرا لحربها على المتطرفين مثل حركة الشباب في منطقة القرن الإفريقي، وبعد إجراء عملية انتخابية عادلة ونزيهة، ستظهر البلاد على أنها مثال لانتقال السلطة السلمي بشكل يتوافق مع التنمية، ويأمل الكينيون أن تمر الانتخابات بسلام، دون إراقة دماء مثلما حدث في العقد الماضي بعد مقتل 1200 شخص، ما قاد البلاد إلى حرب عرقية. يصف رايلا أودينجا، رئيس وزراء كينيا الأسبق، الرئيس الحالي لكينيا، أوهورو كينياتا، المعروف بثرائه، بأنه رأسمالي لا علاقة له بالعدالة الاجتماعية، خاصة أنه نجل أول رئيس لكينيا، جومو كيناتا، ولذلك ترى المعارضة أن حكمه من إرث والده ويصفونه بالحكم الملكي. يرى باتريك جاثارا، رسام كاريكاتير سياسي، أن الديمقراطية الكينية تشبه الجنون، فتقود الشعب لنفس الطريق كل خمس سنوات، حيث الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وتوقع نتيجة مختلفة، لكن في الحقيقة يبقى النظام كما هو لينجح فقط النخب الراعية لمصالحها، مؤكدا أنها وسيلة لتشتيت الشعب عن المشاكل الحقيقية. وقال البروفيسور غابريل لينش، من جامعة واريك في المملكة المتحدة، إن الديمقراطية الكينية لها مستقبل واعد، رغم تعرضها لخطر بسبب محاولة بعض المرشحين دفع الأموال للناخبين. ويعتقد باتريك لوما، مدير كلية القانون الكينية، أنه لا وجود للديمقراطية الكينية، حيث إن السياسيين يحصدون أصوات الناخبين ومن ثم لا يعملون لمصلحتهم، بينما يرى الرئيس السابق للجنة مكافحة الفساد في كينيا أن النظام الديمقراطي يتطور، بما في ذلك المحاكم واللجان الانتخابية. أحد الاختلافات المهمة بين الائتلافين المتنافسين في الانتخابات، أن أودينجا يتعهد بزيادة ثلاثة أضعاف نسبة الأموال الضريبية التي تذهب إلى المقاطعات، ويقول كوامي أوينو، المدير التنفيذي لمعهد الشؤون الاقتصادية: سيكون ذلك فارقا كبيرا جدا، إن هيكل الحكومة الوطنية سيتغير بشكل كبير. ويوجد اختلافات أخرى تتمثل في الأهمية المتزايدة للشباب، وقال أودينجا في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز، إن الناخبين المسجلين في كينيا حوالي 20 مليونا، أكثرهم شباب يقل عمره عن 35 عاما، ومعظم الناخبين المسجلين للمرة الأولى يبلغ عددهم 5 ملايين تقل أعمارهم عن 25 عاما، مؤكدا أن الشباب هم الذين سيحدثون التغيير، خاصة أنهم لا يكترثون للخلافات العرقية. الفائز في الانتخابات سيواجه إرثا صعبا، حيث تضاعفت الديون الحكومية تحت حكم كينياتا، لتمثل 54% من الناتج الإجمالي المحلي، وبالتالي الوفاء بالوعود الانتخابية سيكون باهظا.