مثل القرار الذي اتخذته منظمة الأمم الممتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" الذي اعتبر البلدة القديمة في الخليل محمية تتمتع بقيمة عالمية استثنائية صفعة جديدة في وجه الاحتلال الصهيوني، وأعربت إسرائيل عن غضبها من القرار، فيما وصفه الفلسطينيون بأنه إنجاز جديد ونجاح للدبلوماسية الفلسطينية. وفي أعقاب تصويت سري، صوتت اليونسكو بأغلبية 12 صوتا مقابل 3 أصوات وامتناع 6 عن التصويت، على إدراج مدينة الخليل في الضفة الغربيةالمحتلة على لائحة التراث العالمي، في انتصار جديد للتراث الفلسطيني الذي يسيطر عليه الاحتلال الإسرائيلي، فبموجب القرار أدرجت المنظمة الحرم الإبراهيمي ومدينة الخليل على قائمة التراث العالمي. جاء القرار بعد أيام من تبني لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو في دورتها الحادية والأربعين، التي انعقدت يوم 4 يوليو الماضي، بمدينة كراكوف في بولندا، قرار "بلدة القدس القديمة وأسوارها" المعد من قبل الأردن وفلسطين والمقدم من المجموعة العربية، والذي ينص على عدم شرعية أي تغيير أحدثه الاحتلال الإسرائيلي في بلدة القدس القديمة ومحيطها بعد احتلال القدس عام 1967. ترحيب فلسطيني قوبل قرار اليونسكو بترحيب فلسطيني، وأثنى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عليه مؤكدا أنه جاء "بفضل الدبلوماسية الفلسطينية الهادئة"، فيما اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية أن تصويت اليونسكو "نجاح" للدبلوماسية الفلسطينية وسقوط لإسرائيل. غضب صهيوني من جانبها، أدانت إسرائيل القرار، وادعى المتحدث بلسان خارجيتها عمانوئيل نخشون، في بيان، أن المنظمة غير ذات صلة، وقال" "العار على اليونسكو"، كما اتخذت إسرائيل إجراءات عقابية ضد اليونسكو، بداية من قرار تخفيض الحصة الإسرائيلية المقدمة للأمم المتحدة مليون دولار، وصولًا إلى إعلان وقف التعاون مع اليونسكو، فيما وجه وزراء بالحكومة الإسرائيلية انتقادات لاذعة لقرار اليونسكو، وكتب نفتالي بينيت، الذي يشغل منصب رئيس المجلس الإسرائيلي لليونسكو، غاضبا على القرار في صفحته على الفيسبوك إن قرار اليونسكو مخجل. لم يكن قرار اليونسكو هو الأول من نوعه، فمنذ عام 1956 اتخذت المنظمة الكثير من القرارات التي مثلت انتكاسة للكيان الصهيوني، وجاء أول قرار لليونسكو بخصوص القدس بعد نحو 8 سنوات من ضم الاحتلال للشطر الغربي منها، ونص القرار على اتخاذ جميع التدابير من أجل حماية الممتلكات الثقافية في المدينة في حال النزاع المسلح، وبعد 12 عامًا اتخذت اليونسكو قرارا يؤكد على القرار السابق، كما دعا القرار الاحتلال إلى الامتناع عن إجراء أي حفريات في المدينة أو نقل للممتلكات أو تغيير معالمها أو ميزاتها الثقافية. وفي عام 1974 اتخذت اليونسكو قرارا قضى بالامتناع عن تقديم أي عون ثقافي وعلمي للإسرائيليين بسبب ممارساتهم في القدس، وبعدها ب4 أعوام أصدرت قرارين مهمين بخصوص القدس، أولهما توجيه نداء عاجل إلى الاحتلال لكي يمتنع عن كافة الإجراءات التي تحول دون تمتع السكان العرب الفلسطينيين بحقوقهم في التعليم والحياة الثقافية والوطنية، وثانيهما يدين إسرائيل لتغييرها معالم القدس التاريخية والثقافية وتهويدها. كما اتخذت اليونسكو قرارا بإرسال بعثة فنية إلى القدس لتقييم وضع البلدة القديمة على خلفية الإجراءات والحفريات الإسرائيلية فيها، وبين عامي 2005 و2006 اتخذت اليونسكو قرارات نصت على القيمة الاستثنائية لمدينة القدس وأسوارها، ووضعتها على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، وأشارت إلى العقبات التي تضعها إسرائيل لتحول دون صون التراث الثقافي. وفي عام 2016، أدرجت اليونسكو 55 موقعا تراثيًا في العالم على قائمة المواقع المعرضة للخطر، ومنها البلدة القديمة في القدسالمحتلة وأسوارها، مما خلف غضبا واستنكارا إسرائيليا، كما تبني اليونسكو، خلال اجتماع بالعاصمة الفرنسية باريس في شهر أكتوبر، قرارا نفى وجود ارتباط ديني لليهود بالمسجد الأقصى وحائط البراق الذي يسميه اليهود "حائط المبكى"، واعتبرهما تراثا إسلاميا خالصا. ومؤخرًا صوت المجلس التنفيذي لليونسكو على قرار يؤكد قرارات المنظمة السابقة باعتبار إسرائيل محتلة للقدس، ويرفض سيادة إسرائيل عليها، ورغم كافة هذه القرارات تبقى انتهاكات الاحتلال الصهيوني المستمرة بحق الأراضي الفلسطينية بل يتعدى الانتهاكات بعمل تغيير في ديمغرافية المكان وتهويده.